اسم الله الأعظم
بقلم/ عبد الرحمن هاشم
المبتدأ يكون أعلى من الخبر وأشمل لأنه يفيد الشمول كله، تقول: الله أكبر، الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فلفظ الجلالة (الله) يفيد الشمول كله، وما بعده داخل تحت (الله) عز وجل.
ولذلك أي صيغة صلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تبدأ بـ (الله) فتقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم.
تبدأ بالنور الأعظم وتدخل به إلى نور المحبوب سيدنا رسول الله، وهو لفظ عجيب كله أسرار وهو اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب؛ تقول: (اللهم) والمعنى: أنت إلهي الذي تستحق العبادة فأنا أتعلق بك كي تقضي حاجتي.
وجميع أسماء الله الحسنى لك أن تتعلق بها وتتخلق حتى تتحقق إلا لفظ الجلالة (الله) فهو للتعلق فقط وليس للتخلق أو التحقق.
وإذا تعلقت بأسماء الله وتخلقت أصبحت من أهل أسمائه الحسنى وينادى عليك يوم القيامة: أين أهل السلام؟ أين أهل العدل؟ أين أهل الرحمة؟ أين أهل البر؟ أين أهل اللطف؟ أين أهل الولاية؟ أين أهل الكرم؟ أين أهل الحمد؟ فتعلق ثم تخلق وتشبَّه بشيء من أفعال الله في صفاته ثم اثبت على هذا حتى تلقى الله.
إنه لا يوجد اسم من أسماء الله الحسنى يختم بالهاء إلا اسم الله الأعظم (الله)، ومن يثقل لسانه لمرض أو ألم مفاجيء أو غيره فإنه لا يحتاج إلا لحروف الصدر يخرجها من صدره فيقول (اه اه) يريد: الله الله، يستوي في ذلك العربي والأعجمي والناطق والأخرص.. وصدق الله إذ يقول: {إن إبراهيم لأواه حليم}.
هذه الأسماء الحسنى هي ديدن (أهل الله) لأنهم لما علموا نقصانهم أرادوا أن يجبروا هذا النقص بالتعلق بصفات الكمال، فترى الفقير منهم يتعلق بالرزاق، والضعيف يتعلق بالقوي، والبخيل يتعلق بالكريم، والقاسي القلب يتعلق بالرؤوف الرحيم، وقليل الحيلة يتعلق بالقادر المقتدر، والمذنب يتعلق بالغفار الغفور العفو، وهكذا يدعون الله دوما بأسمائه الحسنى في محاولة منهم للتخلق بها والثبات عليها فيرتقون من حالة (التخلق) إلى مقام (التحقق) وهو مقام (الولاية) بإذن الله.
أما الشيطان فإنه يعلم قيمة هذه الأسماء فيبذل كل جهده لصرف الناس عنها فتجد أكثرهم لا يحفظونها مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر من يحفظها فتظهر أنوارها عليه بدخول الجنة.
قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه البخاري ومسلم.
وقد جعل الله لنا مخرجا من هذه الدائرة الشيطانية التي تصرفنا عن إحصاء الأسماء الحسنى وخفف الأمر علينا باسمه الأعظم (الله) فهو يستغرقك ويستغرق كل حاجاتك ومطالبك، فابدأ الحياة معه من الآن وانشغل به ولا تنشغل بشيء سواه وردد في كل نَفَسٍ يا الله يا الله.
قل (يا الله) تعطك كل ما في أسماء الله من أنوار.. جرِّب بيقين في خلوتك ليلًا أن تردد بصوت مسموع يا الله يا الله تكررها حتى تفيض عينيك وحتى لا تستطع أن تمسكها من الدموع!