منطلقات تقدم الأمة الإسلامية
بقلم الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
يَحار العقل… عندما يلح على عقله هذا السؤال: لماذا تقدم آخرون وتأخر كثير من المسلمين عن ركب التقدم على الرغم من أن المسلمين لديهم منهج كامل شامل لقيادة الحياة وتحقيق رقيها وجودتها وقد قادوا العالم وسادوه من قبل؟.
والمسلمون هم أول مَن أبدعوا المنهج العلمى، وهم الذين أضاءوا مشاعل الحضارة الإنسانية، وقت أن كان الأوروبيون يعيشون تيه الظلام والتخلف… فقد نهض المسلمون عندما تعلقوا بحبال الله، وبالوحى الشريف، وعندما أيقنوا أن العقل شريك النص فى معرفة الحقائق، وعندما تحررت عقولهم من أغلال الجهل وأسر التأثيرات الفلسفية الشاذة التي تسعى للتشويش على منظومة القيم التي جاء بها رسولنا الكريم ومن بينها القيم الدافعة للتقدم في الفكر الإسلامي.. وعندما كانوا يحترمون الوقت باعتباره مطلبًا إيمانيًّا، تقدموا عندما تساموا فوق الاختلافات وغلَّبوا المصالح العليا على المصالح الشخصية…
وعندما كانوا كثيرى العمل، قليلى الكلام، ملتزمين الصدق وحسن الخُلق..
تقدموا وازدهروا عندما كانوا يحترمون مراد الله فى الخلق والكون والحياة، ويؤمنون بالتعددية ولا يلتفتون إلى الفوارق فى اللون، والجنس، والعرق، والمعتقد…
وعندما كان اختلافهم فى الرأى وسيلة للتقارب والتآلف وتعظيم الحق وإحقاقه، وتغليب المصلحة العليا للمسلمين…
نهضوا عندما كانوا يَعلمون نواقض الوضوء، وفى الوقت ذاته يَعلمون نواقض الحضارات…
نهضوا عندما كان الواحد منهم يفكر، ويعمل، ويبدع إلى آخر لحظات حياته، متمثلا حديث “الفسيلة”، سادوا العالم عندما حرصوا على زراعة القيم فى قلب المجتمع، وعلى تنمية علاقتهم بالله على الدوام.
إننا في حاجة إلى مشروع عربي إسلامي كبير يرتكر على الإبداع فى بناء الإنسان المسؤول، وإحياء منظومة القيم: (العليا، والحضارية، والأخلاقية) مع التركيز على القيم الدافعة للتقدم، وعلى منهجية التشابك القيمى، ويرتكز على التحليل الدقيق واستقراء نقاط الضعف فى حياة المسلمين ومعالجتها بالعلم، وتوظيف المنهج الإسلامى بشكل عصرى تجديدى لعلاج المشكلات وتقوية مواطن القوة، وإعادة ترتيب الأولويات، وبناء العقل المسلم المعاصر وتوظيفه وتوجيه تركيز بوصلته على عمليات التقدم والازدهار.
وبالله تعالى التوفيق