بقلم: د. محمود عبدالعزيز يوسف
أ. الفقه المقارن والشريعة الاسلامية
ما حكم الإسراف في إعداد طعام الإفطار في شهر رمضان؟
شهر رمضان شهر الطاعة والمغفرة، شهر تظهر فيه أثر نعم الله على عباده، ونرى كثيرًا من المسلمين في هذا الشهر يصنعون أنواعًا كثيرة من الطعام والشراب بحجة أن الشهر الفضيل يكثر فيه النعم، وهم لا يدرون أنهم يسرفون في إعداد الطعام والشراب؛ لأنه زائد على ما يكفيهم، والإسراف سلوك مذموم شرعًا؛ فقد قال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 26، 27].
فعليكم بعدم الإسراف في إعداد الطعام، فإن اضطررتِ إلى ذلك، وأصبح لديكِ كمية من الطعام زائدة عن حاجتك الأصلية فتصدقي بها على من هو محتاج لها؛ وذلك لحث رسولنا الكريم ﷺ على ذلك في الحديث الشريف: «وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ» قال الراوي: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ. أخرجه أبو داود.
ما حكم اتيان الزوج زوجته في نهار رمضان؟
الجماع في نهار رمضان من مفسدات الصيام التي توجب القضاء والكفارة معًا؛ ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْتُ.
قَالَ: «مَا لَكَ؟». قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟».
قَالَ: لا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قَالَ: لا. فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟». قَالَ: لا. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟». فَقَالَ: أَنَا. قَالَ: «خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَوَاللهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» أخرجه البخاري.
والمرأة إن كانت مطاوعة لزوجها فمذهب أكثر أهل العلم أن عليها كفارةً كالرجل، طالما أنهما تعمدا وقوع هذا الفعل باختيارهما. بينما يرى الشافعية: أن عليها القضاء فقط. وهو ما عليه الفتوى.
أما إن كانت المرأة مُكرَهةً فعليها القضاء فقط، وعلى زوجها القضاء والكفارة.. أما إن وقع منهما هذا الفعل ناسيين، أو لم يكونا ناويين الصيام فعليهما القضاء فقط ولا كفارة عليهما.
هل يجوز الاغتسال والاستحمام في نهار رمضان؟
الأصل أنه يجوز للمسلم استعمال الماء للطهارة والاغتسال في نهار رمضان ما لم يصل شيءٌ من الماء إلىٰ الحلق أو الجوف بقصد. وعليه؛ فيجوز للمرأة الاستحمام في نهار رمضان مع الاحتياط من دخول شيء من الماء إلى الحلق.
ما حكم خروج النساء متزينات متعطرات لصلاة التراويح؟
إذا كانت صلاة المرأة في بيتها أو في مكان ليس فيه رجال أجانب جاز لها أن تتزين وتتعطّر، أما إذا خرجت للصلاة في المسجد فيجب عليها البعد عن أسباب الفتنة، وعدم التعطر والتبخر؛ لأنها تسير في الطرقات، فيحصل بها فتنة، وقد نهى النبي ﷺ عن حضور الصلاة لمن تعطرت فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» رواه مسلم.. والمقصود أنها إذا أرادت الخروج للصلاة في المسجد فليس لها التعطر ولا التبخر، وعليها أن تعتني بالستر والحجاب، وأن تخرج في زي لا يفتتن الرجال به.
ما حكم وضع مساحيق التجميل في نهار رمضان كالكحل وأحمر الشفاه وغيرهما؟
وضع المساحيق في نهار رمضان كأحمر الشفاه والكحل فيه خلاف بين الفقهاء؛ فذهب جمهور الفقهاء إلىٰ صحة الصوم بهذه المساحيق؛ وذلك لأنها ليست من قبيل المطعوم والمشروب، وإن وصل الطعم إلىٰ الحلق ما دام لم يتحلل منه شيء إلى الجوف. بينما ذهب المالكية إلى بطلان الصوم إذا وصل الطعم إلى الحلق.
والخلاصة: أن الصوم حالة استعمال مساحيق التجميل صحيح، غير أن الأولى الابتعاد عن وضع هذه المساحيق أثناء الصوم؛ لأنه داعٍ إلى ما قد يُفسد صومَ الغير، لا سيما عند انتفاء الحاجة إليها خاصةً وأن الصوم عبادة وطاعة، وما ذُكر يتنافى معها.
ما حكم استخدام المرأة للعطر في نهار رمضان؟
الأصل أن المرأة المسلمة لا تتعطر إلا في بيتها لزوجها ولمحارمها فقط، والأصل ألا تستنشق شيئًا من ذلك. وعليه؛ فإن كانت المرأة تتعطر في بيتها في نهار رمضان لكن لا يصل شيءٌ من العطر إلىٰ جوفها فلا حرج فيه، وإن كان الأولى ترك التعطر في نهار رمضان.
ما حكم قراءة القرآن الكريم بالنسبة للمرأة من دون ارتداء الحجاب؟
يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم بدون حجاب؛ لأنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة ما يوجب على المرأة ارتداء الحجاب أثناء قراءتها للقرآن الكريم، لكن الأولى لها والمستحب أن ترتدي الحجاب أثناء القراءة؛ لأن ذلك من باب تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى؛ يقول تعالى: (ذَ لِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَـائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى ٱلقُلُوبِ) [الحج: 32].
ما حكم صيامِ المرأة التي ترى بعض نقاط الدم في غير وقت الحيض؟
إن صوم رمضان فرضٌ علىٰ كل من شهده، وكان خاليًا من الأعذار التي تبيح الفطر كالمرض والسفر؛ قال تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185].
ويشترط لصحة الصوم بالنسبة للمرأة؛ خلوها من موانع الصوم كالحيض أو النفاس. وهذه النقط إما أن تتصل بأيام الحيض وإما أن تنفصل عنها، وإما أن تكون على نفس صفات دم الحيض المعتاد أو لا، فإن وافقت دم الحيض واتصلت به فهي حيض، وإن انفصلت عنه وخالفته فهي استحاضة.
امرأة طهرت من الحيض قبل الفجر، ولكنها لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر؛ فهل يؤثر ذلك على صحة الصيام؟
إن الحيض من موانع الصيام، فإذا حاضت المرأة فإنه يلزمها أن تمتنع عن الصوم مدة حيضها حتىٰ ترى علامة الطهر أو ينقطع حيضها؛ فإذا رأت علامة الطهر لزمها الصيام. أما اغتسال المرأة من الحيض فليس من شروط صحة الصيام، ولا يتوقف صحة الصيام عليه، إلا أن الاغتسال واجب لأداء الصلوات ما دامت قد طهرت.
وعليه؛ فإذا انقطع حيض المرأة قبل الفجر فإنه يلزمها صيام ذلك اليوم، ويصح صومها حتىٰ لو لم تغتسل.
إذا طهرت المرأة بعد أذان الفجر مباشرة فهل لها أن تُمسك وتصوم هذا اليوم، ويُعتبر يومًا لها أم عليها قضاؤه؟
من شروط صحة الصوم خلوُّ المرأة من الحيض والنفاس، فلو نزل على المرأة دم الحيض في أي جزء من أجزاء النهار والذي يبدأ بطلوع الفجر وينتهي بأذان المغرب فلا يصح صومها.. قال ابن قُدامة في المغني: ” وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ”.. وبناءً عليه؛ فينبغي على الحائض التي طهُرت بعد الفجر في رمضان أن تُمسك بقية اليوم، وتقضي يومًا آخر مكانه بعد رمضان؛ مراعاةً لحرمة الشهر الكريم.