بقلم: د. محمود عبدالعزيز يوسف
أ. الفقه المقارن والشريعة الاسلامية
ما هي شروط صحة الصوم؟
شروط صحة الصوم ستة: الإسلام والعقل والتمييز والنقاء من الحيض والنفاس والعلم بالوقت القابل للصوم فيه والنية.
على من يجب الصوم؟
يجب الصوم على الشخص إذا توفرت فيه خمسة شروط:
أولاً: أن يكون مسلماً؛ فالكافر لا يلزمه الصوم ولا يصح منه، فإذا أسلم لم يؤمر بقضائه.
ثانياً: أن يكون مكلفاً، والمكلف هو البالغ العاقل، لأنه لا تكليف مع الصغر ولا تكليف مع الجنون.
ثالثاً : أن يكون قادراً على الصوم أما العاجز فليس عليه صوم لقول الله تعالى : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدةٌ من أيام أُخر ) لكن العجز ينقسم إلى قسمين: قسم طارئ وقسم دائم : فالقسم الطارئ هو المذكور في الآية السابقة (كالمريض مرضا يُرجى زواله والمسافر فهؤلاء يجوز لهم الإفطار ثم قضاء ما فاتهم) والعجز الدائم (كالمريض مرضاً لا يُرجى شفائه ، وكبير السن الذي يعجز عن الصيام ) وهو المذكور في قوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين ) حيث فسرها ابن عباس رضي الله عنهما ” بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم فيُطعمان عن كل يوم مسكينا ” .
رابعاً: أن يكون مقيماً، فإن كان مسافرا فلا يجب عليه الصوم.
خامساً: الخلو من الموانع، وهذا خاص بالنساء، فالحائض والنفساء لا يلزمها الصوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم مقرراً ذلك: ” أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم “.
فلا يلزمها ولا يصح منها إجماعاً، ويلزمها قضاؤه إجماعاً.
ما هي أركان الصيام؟
للصيام رُكنان أساسيان يحميان بُنيانه الروحي العظيم من الانهيار، ويحفظان مقاصده الدينية الجليلة من الزَّلَلِ. وبدون هذين الركنين معاً، لا يصح الصوم أبدا، ولا يثبت أجر الصائم.
الركن الأول: هو النية أي عزم القلب على الصوم امتثالاً لأمر الله عز وجل وتقرُّباً إليه.
فإن كان الصوم فرضاً وجبت النية ليلا قبل طلوع الفجر، وإن كان الصوم تطوعا صَحَّت النية ولو بعد طلوع الفجر.
الركن الثاني: الإمساك، أي الكف عن الشهوات والألفاظ البذيئة والمفطرات بجميع أنواعها من أكل وشرب وجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
ما هي سُنن الصيام ومستحباته؟ للصيام سنن كثيرة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم
أولها تعجيل الإفطار وتناوله مباشرة بعد تحقق غروب الشمس.
وثانيها الإفطار على حبة تمر أو شربة ماء.
وثالثها الدعاء عند الإفطار لأن النبي كان يقول عند فطره: (اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم) رواه أبو داود.
ورابعها التمسك بالسحور لما فيه من خير وبركة.
وخامسها تأخير السحور إلى الجزء الأخير من الليل لأن في ذلك مساعدة للصائم على تقليص ساعات الصيام وخفض إحساسه بالجوع والعطش خلال النهار.
ما هي مبطلات الصيام؟
اتفق أهل العلم قديما وحديثا على أن الصيام يبطل بأشياء كثيرة ومتعددة لَخَّصُوهَا في ستة أمور مهمة
أولها الأكل والشرب أثناء الصيام عمداً لا سهوا ولا خطأً ولا إكراهاً.
وثانيها القيء عمداً لا اضطراراً.
وثالثها الجماع أي إتيان الزوج زوجته ووطؤها خلال النهار.
ورابعها الاستمناء بكل أشكاله وهو إخراج المني عمداً.
وخامسها الحيض والنفاس من المرأة.
وسادسها النية الجازمة بالإفطار أثناء الصوم وإن لم يتبعها تطبيق عملي، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات..”.
مكروهات الصيام
يُكرَه للصائم أمور كثيرة من شأنها تلويث صومه وتبخيس أجره نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
المبالغة في الاستنشاق عند الوضوء لأن الماء قد يصل إلى الجوف فيفسد الصوم، والمضمضة لغير حاجة مُلِحَّةٍ كالوضوء ونحوِه والمبالغة فيها.
والقُبلة لأنها قد تثير الشهوة وتؤدي إلى الجماع أثناء الصيام، وإطالة النظر بشهوة إلى الزوجة، والتفكير في الجماع وأوضاعه.
ومضغ العلك المصحوب بسكر، والإكثار من النوم بالنهار، وفضول القول والعمل، والحجامة أو الفصد خشية الضعف المؤدي إلى عدم تحمل الصوم وبالتالي الإفطار.
هل يجوز الصوم والفطر اعتماداً على الحساب الفلكي أو تشترط رؤية الهلال الرؤية الشرعية؟
من المعلوم أن تحديد بداية الشهر ونهايته بناء على الحساب الفلكي خلاف الإجماع؛ كما نص على ذلك أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي رُؤْيَةِ هِلالِ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعِدَّةِ أَو الإِيلاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْهِلَالِ بِخَبَر ِالْحَاسِبِ أَنَّهُ يُرَى أَوْ لا يُرَى لا يَجُوزُ، وَالنُّصُوصُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَقَدّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَلا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ قَدِيمٌ أَصْلًا وَلَا خِلَافٌ حَدِيثٌ، إلا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ الحادثين بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا غُمَّ الْهِلَالُ جَازَ لِلْحَاسِبِ أَنْ يَعْمَلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِالْحِسَابِ، فَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ دَلَّ عَلَى الرُّؤْيَةِ صَامَ وَإِلا فَلا، وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالإِغْمَامِ وَمُخْتَصًّا بِالْحَاسِبِ فَهُوَ شَاذٌّ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلافِهِ، فَأَمَّا اتِّبَاعُ ذَلِكَ فِي الصَّحْوِ أَوْ تَعْلِيقُ عُمُومِ الْحُكْمِ الْعَامِّ بِهِ فَمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ”.
والذي جاء به الشرع هو تحديد بداية الشهر برؤية الهلال أو بإتمام شعبان عند عدم رؤيته في الصحو أو عند الغيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ. رواه البخاري.