بقلم: د. محمود عبدالعزيز يوسف
أ. الفقه المقارن والشريعة الاسلامية
لماذا ينتظر المسلمون شهر رمضان ويفرحون به ويصومونه؟!
1- أن الله تعالى اختصَّه من بين الأعمالِ بإضافته إلى نفسه الشريفة إضافةَ تشريف، وفي هذا مَزِيَّةٌ عظيمة ليست لغيره من الأعمال وفي الحديث القُدسي: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. رواه البخاري ومسلم.
2- شهر مُبَارَك، والبَرَكة هي كَثْرَة الخير، ولا خير أعظَم مما يكون في رمضان. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ.
3- كان النبي صلى الله عليه وسلم يُبَشِّر أصحابه بِرَمَضَان، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ. رواه الإمام أحمد.
4– تُفْتَح فيه أبواب الجنة؛ لِكثْرَة الخير فيه، وكَثْرَة مَن يُعْتَق مِن النار.
5– تُغْلَق فيه أبواب النار رحمة بالمؤمنين.
6– تُغَلّ وتُصفّد وتُحْبَس فيه الشياطين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ. رواه البخاري ومسلم.
قال البيهقي في معنى تَصْفِيد الشياطين: وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ لا يَخْلُصُونَ فِيهِ من إِفْسَادِ النَّاسِ إِلَى مَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ؛ لاشْتِغَالِ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ بِالصِّيَامِ الَّذِي فِيهِ قَمْعُ الشَّهَوَاتِ، وَبِقِراءَةِ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ.
7- يُنَادِي مَلَكٌ مِن الملائكة ويدعو إلى الخير، ويَنْهَى عن الشرّ.
قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فِي رَمَضَانَ تُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ، وَتُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ ” قَالَ: ” وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ، يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ”. رواه الإمام أحمد.
8 – لله عُتَقَاء في كُلّ لَيْلَة مِن رمضان.
9 – لِكُلّ صائمٍ دعَوة مُسْتَجَابَة.
وفي الحديث عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ “. رواه الإمام أحمد. وفي الحديث الآخَر: ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم وذَكَر منهم: الصائم حَتَّى يُفْطِر. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان.
وفي رواية للترمذي وابن حبان: ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم – وذَكَر منهم -: الصائم حِينَ يُفْطِر.
وفي حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ: إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ. رواه ابن ماجه.
10 – رمضان هو شَهْر القُرْآن، وكان شَهر شَعبَان يُسمّى شَهْر القُرّاء؛ لِتفرّغهم لِقراءة القرآن، استعدادا لِشهر رمضان. وكان العلماء يُقْبِلُون على قراءة القرآن في رمضان، ويَترُكون تعليم الناس؛ لأن هذا الشهر هو شَهر القرآن. كان إبراهيم النّخَعِيّ يَخْتِم القرآن في شهر رمضان في كل ثلاث، فإذا دَخَلَت العَشْر خَتَم في ليلتين. رواه عبد الرزاق. وكان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل لَيْلَتَين. رواه أبو نُعيم في ” حلية الأولياء “. وكان قتادة يختم القرآن في كل سَبْع ليال مَرّة، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مَرّة، فإذا جاء العشر خَتَم في كُلّ لَيْلَة مَرّة. رواه أبو نُعيم في ” حلية الأولياء ” .
11 – فيه ليلة القَدْر، وهي خير مِن ألفِ شَهْر. (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وفي الحديث: فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ.
12 – فيه نَزَل القُرآن، قال الله تبارك وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). وقال عَزّ وَجَلّ: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
13 – فيه نَزَلَت الكُتُب السَابِقَة، وفي الحديث: ” أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ “. رواه الإمام أحمد.
14 – تَعْظِيم شهر رمضان عند الأمم السابقة، ففي آية الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
15 – كانت تتِمّ فيه مُرَاجَعَة القُرْآن، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. رواه البخاري ومسلم. وفي حديث فاطمة رضي الله عنها: أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي. رواه البخاري ومسلم.
16 – شَهر الكرم والْجُود. وفيه زاد جُود النبي صلى الله عليه وسلم وكَرَمه، وفي الحديث السابق: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ.
17 – أثَر رمضان على الكَوْن: فالشّمْس تَطلُع صُبح ليلة القَدْر مُتغيّرة على غير المعتاد ، وفي الحديث : وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لاَ شُعَاعَ لَهَا. رواه مسلم.
18 – تَمَيّز ليلة القَدْر بِالإضَاءة، وفي الحديث: إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ نُسِّيتُهَا، وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لا حَارَّةٌ وَلا بَارِدَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا ، لا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَجْرُهَا . رواه ابن حِبّان.
19- كَثْرَة الملائكة في الأرض، وفي سورة القَدْر: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض مِن عَدَد الْحَصَى. رواه ابن خزيمة.
20 – فَرْحَة الصائم في الدنيا وفي الآخِرة، وفي الحديث: لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ . رواه البخاري ومسلم.