مسقط -وكالات :
أكد الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام العُماني، أن سلطنة عُمان المعاصرة التي قاد مسيرتها لخمسين عاماً المغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، تأسست على صدق الشعور الوطني ومشاركة الجميع في بناء الوطن من خلال نشر التعليم والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات في شتى بقاع عُمان، وأيضاً من خلال صدق الرسالة الإعلامية وهدوئها والتزامها الوطني.
وقال: ” إن عُمان اليوم في عهد السلطان هيثم بن طارق تسير على نفس الأسس في البناء الداخلي وفي العلاقات الخارجية تحت شعار “عُمان نهضة متجددة”، يقودها السلطان هيثم بكل ثقة واعية ورؤية راسخة نحو مستقبل أفضل، في زمن اضطرب فيه العالم بأكمله تحت تأثير الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا وغيرها من الأزمات غير الخافية”.
جاء ذلك خلال كلمة “الحراصي” في المؤتمر العلمي الدولي الثالث لقسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس العُمانية، والذي اُقيم مساء أمس عن بُعد ويستمر لمدة 3 أيام، تحت عنوان “الاتصال الجماهيري في البيئة الرقمية .. بين ضرورات التربية الإعلامية ومبررات التعليم الإعلامي”.
وأكد وزير الإعلام العُماني أن وسائل الإعلام التقليدية ( التلفزيون والإذاعة والصحافة) لم تزل تؤدي دوراً محورياً في عالم اليوم برغم ما يُشاع من موت الإعلام التقليدي،
وقال: “إن ما بشّرت به بعض النظريات التي تقع تحت إغراء تطورات الواقع باندراس أثر الوسائل التقليدية، لنتبين بعد حين أن ذلك ليس إلا توهماً غير حقيقياً، وأن تلك الأدوات لم تزل مؤثرة غاية التأثير”.
وأوضح أن نماذج الإتصال السائدة منذ العقود الأولى للقرن العشرين لم تعد تنجح كأطر تفسيرية لحالة الإعلام المعاصر، خاصة مع تعدد وسائله وأطرافه وتبادل الأدوار أحياناً كثيرة،
وهذا يعني أن واقع الإعلام المعاصر يستلزم تدارس الأدوات النظرية الأنجع لقراءته وتنظيمه إضافة إلى مناهج تعليمه وتدريبه،
وقال إن تعزيز قراءة الواقع الإعلامي بأدوات مبنية على الواقع المُتثبت منه ضرورة، خاصة ما وفرته التقنية الحديثة من آليات ومنصات.
كما شدد على أن الدراسات والاستقصاءات الإحصائية ومنها دراسات أجريت وبمناهج موضوعية في جامعة السلطان قابوس والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات أكدت على قوة التلفزيون في عُمان وقدرته الهائلة على التأثير على المجتمع بل إنه يأتي على رأس الأدوات الإعلامية من ناحية الموثوقية والتأثير،
وهو ما يعني أن كثرة المنصات وتعددها وما يشوب ما يُطرح في بعضها من أخبار غير موثقة وإشاعات زائفة قد قادت إلى تشبّث أكبر بموثوقية التلفزيون، بل أن الدعوات إلى تطوير الأدوات الإعلامية التقليدية هي تعبير آخر على ثقة المجتمعات بها وبأهميتها المعاصرة.
وأشار “الحراصي” إلى أهمية التربية التي لا تقتصر على دور العلم كالمدارس والجامعات بل تشمل كل المؤسسات الاجتماعية كالأسرة ومؤسسات المجتمع الأهلي والمدني، بغرس القيم والمفاهيم التي تشكل مجتمعة أرضية لازمة لاستقرار المجتمعات وتقدمها، ومشاركتها بقية المجتمعات في العالم في التقدم البشري
، ويأتي على رأس هذه القيم والمفاهيم الولاء للوطن والشعور بالمسئولية تجاهه وبذل الجهد والغالي والنفيس لأجله والعمل لما ينفعه لا ما يضره، والتعلم والمثابرة والصدق والإخلاص في أداء العمل، والمساهمة بعصارة العقول والتقنية لما يخفف آلام البشرية، خاصة من الأوبئة كما علمتنا تجربة جائحة كورونا التي وحدت البشرية في أيامنا هذه.
وأوضح أن الإعلام الحديث ليس خطراً صرفاً، بل أن فيه من العناصر ما تشكل إن أحسن فهمها واستثمارها فرصة لتعزيز الهوية الوطنية والحضارية وللتقدم بشتى المجالات والمجتمعات البشرية بحاجة إلى توجيه قيمي من خلال التربية الإعلامية ومن خلال الخطاب الإعلامي المسئول نفسه لتتمكن من تأصيل قيم المواطنة والحضارة والوئام بين الأمم والحضارات والتقدم العلمي والالتزامات الأخلاقية.
وأضاف وزير الإعلام العُماني أن الوجه السلبي لوسائل التواصل الحديثة هو أنها تُستخدم في أحيان كثيرة كمنصات للإشاعات ولخطابات ضارة، إن لم نقل مدمرة للمجتمعات وللبشرية جمعاء، مثل الخطابات الفئوية بشتى أشكالها وخطابات الكراهية وخطابات التجهيل، وهذا ما نرى وجوب مناهضته من خلال التربية الإعلامية المسئولة.
وأوضح أن من أهم واجبات الإعلام العُماني ترسيخ مفهوم المواطنة الحقة بكل أبعادها، وتنمية قدرات المواطن، وتوعيته بدوره الأساسي في البناء والتنمية، والمساهمة في البنية الثقافية والتعليمية للمجتمع، بترسيخ دعائم هويته ووحدته الوطنية ودوره في المحافظة على هذه المكتسبات، وتعميق تجربة المشاركة في اتخاذ القرار وتحمل المسئولية، وتأصيل مبدأ العمل كقيمة دينية وحضارية بالإتقان في أدائه والتميز في عطائه وأن واجبات الإعلام العُماني هو “المسئولية الوطنية” المتعددة الأوجه والمجالات.