يونس الناصري
ضمن فعاليات ليالي الوصال الرقمية الموسومة بعنوان “ذكر وفكر في زمن كورونا “، نظمت مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال، السبت 13 مارس 2021، النسخة الرابعة والأربعين لهذه الليالي الافتراضية ، والتي بثت عبر المنصات الرقمية الرسمية لمؤسسة الملتقى .
عرف هذا السمر العلمي والروحي مشاركة ثلة من العلماء والمثقفين والمنشدين، كما تم خلاله عرض شهادات حية لمريدي الطريقة من داخل المغرب وخارجه، أبرزوا من خلالها تجربتهم الدينية والروحية في أحضان الطريقة القادرية البودشيشية ودورها في تحليهم بالأخلاق الحميدة و تحقيق السعادة الباطنية لاسيما الشباب منهم ، ومن ضمن الشهادات التي تم إدراجها في هذه الليلة شهادة كل من الدكتور منير بولاتروس أخصائي في جراحة الأسنان من ستراسبورغ (فرنسا) و البروفيسور تامر محمود من لندن، إضافة الى شهادة السيد عبد الله ميشال من مارسيليا (فرنسا).
في البداية كان لمتتبعي ليالي الوصال موعد مع النقل المباشر لحصة من “ذكر الفرج”، مباشرة من الزاوية الام بمداغ، لتفتتح فعاليات الليلة الرابعة والاربعين، بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها المقرئ عمر بديح من مدينة كلميم( جنوب المغرب)، لتعقبها المداخلة العلمية الأولى للدكتور محمد كوحيلة، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش، والتي تمحورت حول موضوع: ” الابعاد الروحية والسلوكية لمعجزة الاسراء والمعراج”، بين من خلالها ان معجزة الاسراء والمعراج من المعجزات و الآيات العظيمة التي تفضل بها المولى سبحانه على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تبيانا لفضله ومكانته، وأبرز فضل ومكانة الصلاة في الدين الاسلامي ارتباطا بمعجزة الاسراء والمعراج ، ليختتم كلمته بالتطرق الى الابعاد الروحية لهذه المعجزة.
لتتلوها الكلمة العلمية الثانية للدكتور إبراهيم حدكي، باحث مختص في المالية التشاركية، وخطيب وواعظ، والتي كانت عبارة عن “مدخل في فقه المالية التشاركية”، أبرزمن خلالها عالمية وشمولية الشريعة الإسلامية، وخصائصها التي تجعلها قادرة على استيعاب مستجدات وتغيرات حياة الانسان، مبرزا مميزات فقه المعاملات المالية الاسلامية ومقاصدها و بعض اساسيات الاجتهاد المالي الاسلامي.
فيما واصل الدكتور حكيم فضيل الإدريسي، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني، ورئيس المجلس العلمي المحلي بأنفا الدار البيضاء، من خلال المداخلة الثالثة تقديم “إضاءات حول قواعد الشيخ زروق في التصوف”، مبينا في كلمته الدور التربوي للسماع والمديح في تهذيب النفوس وإثارة كوامنها، وتهييج مكنونات القلب، وإنهاض للهمة وتحريك للباطن. مشيرا الى أن السماع عند الصوفية، ليس بالشعر او الدندنة بين الأذن والنفس. وإنما هو دروس علمية توجيهية، باطنية وجدانية، كما أبرز علاقة الوجد أو الحال بالسماع كتعبير عن صفاء القلوب وتذوقها لحلاوة التوحيد .
أما المداخلة العلمية الرابعة فكانت للدكتور منير القادري ، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، حول موضوع “التربية الصوفية والاستثمار في الرأسمال البشري”، أكد من خلالها على شمولية الشريعة الإسلامية وأنها صالحة لكل زمان ومكان، بمبادئها الربانية الحكيمة وبعقيدتها الخالصة، ولفت الى أن واقعنا المعاصر المتأزم في حاجة إلى تصوف احساني وتربية روحية تكون لها بصمة واضحة في مجتمعاتنا المعاصرة ، وأوضح أن التصوف هو علم الإخلاص الباطني الذي يهتم بصناعة الإنسان من خلال إعداده إعداداً متكاملاً دينياً ودُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية، ووفق منظور التحقق بمقامات أولياء الله الصادقين في مقامات القرب واليقين، داعيا الى تجديد الخطاب الصوفي والعمل المشترك ،أما مداخلته باللغة الفرنسية فحملت عنوان : “قيمة الخدمة والعطاء في الإسلام والتصوف”. ” La valeur du service et du don de soi en islam et dans le soufisme ”
فيما استكمل الدكتور محمد الحافظ الروسي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بتطوان ، في المداخلة العلمية الخامسة ، موضوعه حول “انتظار الفرج عبادة”، حيث اكد على فضل الصبر والتسليم والرضى بالقدر عند الابتلاء ، لما فيه من احتساب الأجر، وتربية النفس والفوز بالرضى والرجوع إلى الله.
كما قدم الدكتور علي زكي، فقرة ” كلمة الطريقة ” باللغة الانجليزية، حول موضوع “قيم الاخلاص والوفاء واثارها على الفرد والمجتمع ”، وتم عرض شريط فيديو توعوي تحت عنوان ”قيمة الاتقان”، والذي يبرز اهمية إتقان العمل كقيمة إسلامية كبرى، إذ به تعظم الأعمال ويثقل وزنها، وأن العبرة في الآخرة بقيمة الأعمال ووزنها لا بكثرتها سواء كانت تعبدية أو سلوكية أو معاشية.
وتخللت هذه الليلة الروحية وصلات من السماع والمديح الصوفي لمسمعين من داخل المغرب وخارجه، ويتعلق الأمر بالمنشد بلال الحموي من تركيا، بالإضافة الى المجموعة الوطنية الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية ومجموعات السماع للطريقة بكل من الولايات المتحدة الامريكية وليبيا وكلميم (المغرب)، إلى جانب مشاركة برعومات الطريقة القادرية البودشيشية.
واختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة “من كلام القوم”، خصصها الأستاذ إبراهيم بن المقدم، لعرض درر وشذرات من كلام العارفة بالله “فاطمة النيسابورية”، مع رفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.