كتبت : إيمان عوني مقلد
في ظل معطيات الواقع الحالي لانتشار فيروس كورونا كوفيد 19، والآفاق المستقبلية للابتكار، يعمل مجمع الابتكار مسقط من خلال مركز التصنيع والنمذجة (مركز صُناع عُمان) والذي يضم أحدث تقنيات العمل التفاعلي التي يصل عددها إلى 97 معدة وجهاز، يقوم بالإشراف عليها مهندسون مختصون من الشباب العُماني، على تقديم أوجه متعددة من الدعم الفني والتقني للكوادر الوطنية المبتكرة، ممن لديها الرغبة في المساهمة لمواجهة هذه الجائحة بأفكار ابتكارية تساهم في الحد من تبعات انتشار هذا الفيروس.
ويعتبر مركز صُناع عُمان أحد أهم المشاريع الوطنية المنفذة بشراكة استراتيجية بين مجلس البحث العلمي ممثلاً في المجمع والهيئة العامة للتخصيص والشراكة، وعدد من الشركات الأخرى، بهدف تطوير الآفكار الابتكارية على المدى البعيد، وتوفير بيئة محفزة للمبتكرين لتحويل أفكارهم إلى منتجات قابلة للتسويق، والتي من الممكن أن تساهم في التحول نحو الاقتصاد المبني على المعرفة، وتوفير فرص عمل جيدة تتطلبها خطوط إنتاج هذه المبتكرات، كما يساهم المركز في توفير الأدوات الممكنة للأفراد والمؤسسات لتحويل التحديات إلى حلول مبتكرة قابلة للتنفيذ.
ومنذ الإعلان عن انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 وتأثيراته المختلفة على الأفراد والدول في كافة المجالات، وخاصة الشأن الإقتصادي، أصبحت الدول في تسابق مع الزمن للإستفادة من التقنيات الذكية والاتصالات في مواجهة تأثيرات هذه الجائحة، كفرص لتقديم قراءة واقعية للمستقبل بأهمية ايلاء المبتكرين والباحثين جل الاهتمام، والتي ستنطوي اثارها الايجابية على تنمية يمكن أن تستفيد منها الدول في تطوير أنظتمها البحثية والابتكارية، وتطوير اقتصاداتها الخدمية والتصنيعية والتجارية، كما ستستفيد من جذب الخبرات العالمية والاستفادة من تجاربها.
كانت سلطنة عُمان سباقة في تطوير أدواتها التقنية لخدمة أغراضها الاقتصادية ودعم اقتصاد المعرفة ومن هنا يرتكز عمل مجمع الابتكار مسقط ، على عدة مجالات تعمل على إثراء مفاصل الاقتصاد الحقيقي على شكل استثمارات خدمية وصناعية وتجارية، واستثمارات ناجعة مستدامة وحقيقية، لإيجاد فرص عمل وتساعد على التعامل مع كثير من القضايا التي تواجهها معظم الدول في قطاعات الصحة، والطاقة والطاقة المتجددة، والغذاء والتقنية الحيوية، والبيئة والمياه.
ويظل مجمع الابتكار مسقط منطقة جذب علمية لريادة الأعمال والتشجيع على الابتكار سواء كانت عبر الاستفادة من مظلة برنامج حاضنات الأعمال أو عبر الاستثمار لانشاء مراكز بحث وتطوير، أو على شكل استثمارات في الكوادر الوطنية والثروة البشرية التي تزخر بها السلطنة من خلال المرافق والمكونات التي يشملها المجمع والمعدات والاجهزة والتقنيات المتنوعة التي يوفرها، وبذلك يتحول جزء من مخرجات هذه المنطقة إلى مبادلة ومنفعة باستثمارات تؤدي الى توفير وظائف جديدة وتنمية اقتصادية، كما تعطي البلد فرصة جيدة لتحقيق التنوع من مصادر الدخل الوطني، وتنشيط التبادل الاقتصادي المحلي والخارجي عبر تزويد السوق بمنتجات ابتكارية مصنوعة في سلطنة عُمان.
وتعكس مواد المرسوم السلطاني رقم 27/2019 والصادر في 24 ابريل 2019 بشأن المناطق العلمية وغيرها من المناطق التخصصية التابعة لمجلس البحث العلمي، الحوافز والاعفاءات المتنوعة لجذب وتوجيه الاستثمار المحلي والاجنبي في قطاعات معينة بالمجمع، في ضوء احتياجات وأهداف التنمية التي تتطلع إليها الخطط الوطنية، عبر سلسلة من التسهيلات المتخصصة في ترقية البحث العلمي والتشجيع على الابتكار، ومنها خدمات البنية الأساسية المدعومة، والاعفاء الضريبي لمدة 5 سنوات منذ بدء النشاط مع إمكانية التمديد لمدتين مماثلتين تكون مدة كل منها 5 سنوات وعلى ألا تتجاوز مدة الإعفاء 15 سنة، ويكون الانتفاع بالأراضي لمدة 25 سنة قابلة للتجديد لمدة مماثلة، والاعفاء من طرح الحد الأدنى لرأس مال المستثمر هذا فضلاً عن إجازة استيراد كافة أنواع البضائع اللازمة لعملها فيما عدا البضائع المحظورة، مع اعفائها من الضريبة الجمركية للبضائع المستوردة من خارج السلطنة.
يبقى القول أن ما تضمنه هذا المرسوم من حزم تحفيزية، لا شك أنه يمثل دفعة ايجابية للمستثمرين على المضي قدماً في الاستفادة من هذه الحزمة من المزايا، التي تشكل أحد الملامح الرئيسية لتشجيع الاستثمار المحلي، وفرصة لترويج المنتجات الابتكارية الوطنية مع الاستمرار في تنمية وتطوير الجوانب الأخرى، لبناء قواعد قوية لاقتصاد المعرفة بسلطنة عُمان.