تقرير كتبه: أحمد السيد
ارتكزت رؤية السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، لمرحلة بناء عُمان الجديدة والمستقبل المنشود الإصلاحية والتطويرية على المواطن والانسان العُماني باعتباره محور النهضة وغايتها الأساسية.
فالمواطنة لها متطلبات ومقتضيات، تستلهم الهمم والعطاء المتجدد المستمر من أجل بناء عُمان وفق رؤية 2040 بكل محاورها، في إطار يراعي الحقوق والواجبات والشراكة والمسؤولية، بين الفرد والدولة وهي مواطنة تجسد روح المسؤولية، ونهج العطاء المتجدد، والفكر المتناغم مع معطيات الحاضر والمستقبل.
وبقراءة أولية لما تضمنته خطب السلطان هيثم فقد ارتكزت الرؤية التطويرية في أربعة محاور هي:
أولها: الدور التأريخي والإرث الحضاري لعمان، ليكون مرتكز المواطن في رسم ملامح الحاضر والمستقبل؛ كونه جسر التواصل بين الحاضر والمستقبل والذي يحفظ فكر الأجيال من أي تأثيرات أو أفكار قد تتباعد مع هويته وتتنافى مع مبادئه وأخلاقه، وبما يؤكد على امتداد النهضة العمانية وارتباطها بكل مقومات الإنسان العماني والشخصية العمانية، والثوابت العمانية الأصيلة في سياساتها الداخلية والخارجية وعلاقاتها مع دول العالم ودورها في تحقيق السلام العالمي وترسيخ مبادئ الحق والعدل والمساواة، واستمرار مواصلة عمان لدورها الحضاري في المنظومات الإقليمية والعربية والدولية، مستفيدة في ذلك من المقومات الحضارية والبيئة الجغرافية والتنوع المناخي والمكون التضاريسي والموقع الجيوسياسي والاستراتيجي لعمان في طريق التجارة العالمي.
وثانيها: إن الرؤية الإصلاحية للسلطان هيثم، قد رسمت الطريق وأعطت إشارة البدء لوضع رؤية عمان 2040 موضع التنفيذ، عبر جملة الحزم الإصلاحية التي انتهجتها القيادة الحكيمة في سبيل بناء عمان المستقبل والتي أشار إليها خطابه في الثاني والعشرين من فبراير 2020، حاملا معه أجندة العمل والآليات والاستراتيجيات وخطوات الإصلاح ومراحل التنفيذ، مفصلا تفصيلا دقيقا لها، لضمان سير العمل وفق رؤى واضحة واستراتيجيات دقيقة تضمن لها التطبيق في واقع العمل؛ إيذانا بمرحلة عمل جديدة حددت أولويات الدولة في المرحلة القادمة وتوجهاتها، وعبر وضع الإدارة والاقتصاد وحوكمة الأداء وتطوير القوانين والتشريعات وآلية صنع القرار الحكومي والمتابعة والرقابة والمحاسبة والمراجعة والتحسين وإعادة الهيكلة؛ باعتبارها مرتكزات رئيسية لتحقيق رؤية الإصلاح الشاملة للوصول إلى تحقيق الإنتاجية في الأداء الحكومي، وتحقيق الإدارة الكفؤة للموارد المالية وحسن رعايتها وتعزيز التنويع الاقتصادي والتثمير في الموارد وقطع منافذ الهدر والفساد الإداري والمالي، لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والتهيئة لتنفيذ العديد من الخطط التنموية والمشاريع الاستراتيجيةِ في كافة مناطق السلطنة.
وثالثها: تأكيد دور التشريع والقانون في رسم معالم المرحلة المقبلة في إطار ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة، بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة، وهو النهج الذي يعصم روح المواطنة من الخلل، ويؤسس لها كياناتها القائمة على وضوح المسار والاختصاصات وفقه المسؤوليات وتعزيز القوة في المنجز الوطني والحفاظ عليه، لذلك جاءت منظومة القوانين والتشريعات والمراسيم السلطانية لتعزيز مسيرة البناء الوطني وتعميق روح القانون في صناعة الفارق وتجسيد روح الانتماء والولاء، تلك المنظومة التي حفظت عمان الأمانة وستحفظ عمان المستقبل وتاريخها ونهضتها وقيمها وتُنظم مسيرتها نحو مُستقبل زاهر.
فمنذ تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في البلاد في الحادي عشر من يناير عام 2020 عمل على مراجعة وتطوير وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، بما يتواكب مع متطلبات المرحلة القادمة لعمان، لذلك وبعد سلسلة من القوانين الاقتصادية والإدارية جاء النظام الأساسي للدولة بالمرسوم السلطاني (6/2021) ليشكل مرحلة جديدة في بناء عمان المستقبل وتثبيت دعائم المواطنة وترسيخ أبجدياتها بما حوته فصوله وأبوابه ومواده من أحكام تعزز من البناء الوطني وتضبط مسار العمل وتوجه سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وبما يمثله النظام الأساسي للدولة من تجسيد لروح المواطنة العمانية وأسسها ومنطلقاتها وحقوق وواجبات ومسؤوليات تضمن لكل شيء موقعه.
رابعها: إن الرؤية الإصلاحية للسلطان هيثم وضعت المواطن رهان التنمية وأساس هذه الجهود، فهو الغاية والهدف والمحرك لأدوات العمل والقادر على ترجمة هذه الجهود وإحداث الحراك فيها، للقناعة بأن التغيير الفاعل إنما تصنعه إرادة الإنسان وضميره ويبنيه إخلاصه واستشعاره لعظمة هذا المنجز، وتضحية المواطن العماني وبذله الغالي والنفيس من أجل عمان حفاظا على عزتها ومنعتها.
تبقى هذه المرتكزات غير قادرة على إحداث الإصلاح وتحقيق التأثير الفاعل لها على الأرض بدون الإنسان المواطن المجتهد والمثابر والمخلص والعامل المنجز، من يمتلك روح المبادرة وحس المسؤولية وثقافة العمل وفقه القانون ورغبة التحدي وحب المنافسة وروح التجريب والتغيير التي تؤسس فيه حب الإنجاز والعمل.