تقرير كتبه: أحمد السيد
توشح السلطان هيثم بن طارق منذ تولية المسئولية في 11 يناير 2020، بأشرعة التغيير، حاملاً على عاتقه التوجهات التطويرية والمراجعات والتقييمات العميقة في مختلف منظومات العمل المستقبلي، وكان لمنظومة الإدارة وحوكمة الأداء الحكومي وتعزيز الاستدامة المالية للدولة، الأولوية القصوى، لاستدامة نهضة متجددة.
وجاءت خطابات السلطان هيثم متناغمة مع معطيات المرحلة الجديدة لبناء الدولة العمانية ونهضتها، فالخطاب التاريخي الأول في الحادي عشر من يناير2020 جاء تجديدا للعهد وترسيخا للثقة، واستمرارا للنهج الحكيم لسلطان عمان الراحل الذي رسم معالم الدولة العمانية وحدد مبادئها وأرسى دعائمها.
وجاء خطاب عُمان المستقبل في 23 فبراير 2020 حاملا شكل التغيير القادم الذي تحتاجه عمان المستقبل ويهيئ لرؤيتها “عمان 2040″ ممكنات القوة التي تضمن قدرتها على تحقيق أولوياتها وتنفيذ أجندتها وبرامجها بالصورة المأمولة.
ثم جاء خطاب العيد الخمسين للنهضة العُمانية في الثامن عشر من نوفمبر مجسدا لمرتكزات بناء عمان، ومعبرا عن جدية التوجه في نقل هذه المرتكزات إلى واقع عملي مؤطر وأدوات عمل مقننة واستراتيجيات أداء واضحة المعالم، وخطط وإجراءات ومبادرات تضمن لهذه التوجهات القوة في ارتباطها بالواقع وتناغمها مع التطلعات واستجابتها للطموحات الوطنية.
وبعد أن حددت الخطابات مسار الطريق الذي تتجه إليه عمان في بناء نهضة متجددة، جاءت القرارت والمراسيم المؤصلة لذلك في شتى المجالات، فكانت المراسيم بشأن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، والأوامر التي عبرت عنها المنشورات المالية منذ بداية عام 2020، واستهدفت خفض الانفاق الحكومي وترشيده وضبطه، ثم خطة التوازن المالي (2020-2024) وما تضمنته من إجراءات ومبادرات نوعية استهدفت تحقيقِ الاستدامةِ المالية للدولة والتهيئة لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية الخدمية والإنتاجية على حد سواء.
واستهل السلطان هيثم عام الثاني في الحكم، باعتماد نتائج التعداد الإلكتروني 2020؛ وإقرار إطلاق الرؤية المستقبلية “عمان 2040″ لتصبح نافذة بدءا من عام 2021 وحتى نهاية عام 2040 والتي جاءت خلاصة جهد وطني وتوافق مجتمعي، إيذانا بمرحلة جديدة في بناء عمان المستقبل، ثم جاء إقرار الخطة الخمسية العاشرة (2021م ـ 2025م) لتضع عُمان على بداية طريق المستقبل المنشود.
ثم جاء المرسومان السلطانيان رقم (6/2021) القاضي بإصدار النظام الأساسي للدولة، ورقم (7/2021) بإصدار قانون مجلس عمان، تلبية لمتطلبات عُمان في المرحلة المقبلة، وبما يتناغم مع أولويات رؤية “عمان 2040″.
لقد رسم النظام الأساسي الجديد للدولة صورة عمان المستقبل، والممكنات التي تضمن لها مواصلة جهودها لصياغة المستقبل، في إطار المحافظة على الهوية والثوابت العمانية والمبادئ التاريخية والحضارية ومكانة عُمان الدولية.
جاء النظام الأساسي للدولة ليوجه بوصلة الدولة العمانية، ويحدد معالم التطوير والتحديث والتجديد ليضع كل ما سبق في إطار دستوري واضح وعمل وطني منظم، وتثبيت دعائم ومرتكزات بناء الدولة العمانية في صياغة ملامح التغيير التي تشهدها في مراحلها المقبلة.
وفي إطار الحوكمة وبناء منظومة فاعلة للإدارة جاء النظام الأساسي للدولة حاملا معه ضمانات تحقيقها في واقع حياة الأمة العمانية وعمل المؤسسات وفقه المواطن والسياسة الداخلية والخارجية التي تصنع الأمان والقوة والاستقرار والكفاءة والمهنية لنهج البناء والتطوير القادمة.
خصوصا ما يتعلق منها بالتأكيد على نهج الدولة في إرساء نظام للإدارة المحلية، حيث أفرد الفصل الخامس منه بندا خاصا بذلك تحت المادة (64)، كما أفرد فصلا خاصا لمتابعة الأداء الحكومي ورقابته، جاء الفصل السادس منه وتحت عنوان: المتابعة والرقابة على الأداء الحكومي مادتين، رقم (65) حول إنشاء لجنة تتبع السلطان، تختص بمتابعة وتقييم أداء الوزراء ومن في حكمهم، ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم، والمادة (66) حول إنشاء جهاز الرقابة المالية والإدارية، يتبع السلطان، ويختص بالمتابعة المالية والإدارية لوحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة.
ويمكن القول أن الجوانب المتعلقة بحوكمة الأداء الحكومي وتعزيز كفاءة الإدارة والرقابة والمحاسبة ، تقتضي بيئة مؤسسية وفكر مؤسسي، وعقيدة قادرة على التكيف واستيعاب متطلباتها وفهم مقتضيات المرحلة، من التزامات وموجهات وأدوات وآليات وأنماط في الإدارة والقيادة وفلسفة العمل المؤسسي، وتفعيل الاستراتيجيات، وصناعة البدائل وإنتاج الحلول، بما يضع منظومة الجهاز الإداري للدولة أمام مسؤولية التكيف مع المعطيات الجديدة.