تحليل كتبه: أحمد السيد
شكل بناء الانسان العُماني الأساس الذي بُنيت علية تجربة التنمية في سلطنة عُمان منذ فجر السبعينيات من القرن الماضي وحتى إرساء نظام أساسي جديدة للدولة في 2021بمبادرة حكيمة من السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان تلبية لطموحات المستقبل واتساقاً مع رؤية عُمان 2040.
وتضمن النظام الأساسي الجديد للدولة مجموعة من الحقوق والضمانات الاجتماعية والاقتصادية للمواطن، حيث تشكل القيم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية نسيجا متصلا يقود إلى ترسيخ الهوية الوطنية والمبادئ الأساسية لتعزيز فكرة الإنسانية وجوهرها في تمكين المعاني الكبيرة التي ترسم مستقبل المجتمعات ورسالتها في سبيل الحياة الأفضل، وحيث يكون للإنسان أن يقوم بدوره الإيجابي في رفد كل ما هو جميل ورائع ويتسم بالحيوية والسمات السمحة.
إن اتصال مبادئ الحرية بالعدالة والمساواة وتكافؤ فرص المواطنين تعبر عن قيمة مركزية في الاهتمام بالإنسان الذي يشكل مرتكز البناء والنماء الشامل في الدولة، وفق ما يصوغه النظام الأساسي للدولة، وهو أمر طالما راهنت عليه التجربة البشرية عبر القرون، حيث إن قيمة الفرد التي تأخذ الأبعاد القيمية وتنعكس في العطاء والمثابرة والتطلع، إنما تنعكس في نهاية المطاف في شكل الدولة التي هي محصلة لعطاء البشر وقدراتهم ومواهبهم وكيفية توظيف كل ذلك بما يحقق الحياة الكريمة والآمنة.
لقد أكد النظام الأساسي الجديد للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (6 / 2021) في المبادئ الاجتماعية على قيم العدل والمساواة التي تكفلها الدولة بما يشكل دعامة للمجتمع، لاسيما في تكافؤ الفرص ومنح الجميع ما يمكنهم من المنافسة الكريمة حتى يعبر الكل عن موهبته وقدرته، كما يتجلى مثلا في بُعد النشاط الاقتصادي الذي أكد النظام الأساسي على جانب الحرية فيه وأنه أساس من أسس العدالة الاجتماعية.
إن الطريق إلى بناء المجتمعات الحديثة والمتقدمة يرتكز على هذه المعادلة الدقيقة من كيفية تعزيز دور الأفراد والإحساس الكامل لديهم بأنهم شركاء في كافة عمليات التنمية، ما يعني الإبداع والعطاء متعدد الأبعاد، وتنعكس خلاصة ذلك في شكل مشروعات ونماء واستقرار.
يبقى التأكيد على أن جملة هذه القيم والأبعاد المتصلة من الثقافة والجوانب الاجتماعية والاقتصادية إنما هي نسيح يقود إلى تحقيق معاني السلام والألفة، وهنا يأتي دور مختلف المؤسسات في صناعة السلم والاستقرار وبناء فرص الحياة الأفضل التي تتصل بالابتكار والإبداع ورسالة الإنسان الفاعل.
فضلاً عن أن إصدار النظام الأساسي الجديد للدولة وبما تضمّنه من حقوق وواجبات جديدة جاءت متوافقة مع معطيات المرحلة الراهنة للتطور والنمو الذي تشهده السلطنة، ومواكبة للمستجدات التي يشهدها العالم. ولعل الإعلان عن تعيين ولي للعهد لأول مرة في تاريخ عُمان، يشكل أهمية كبيرة في التعاطي مع الراهن وقادم المستقبل بضمان الاستقرار في عُمان وطمأنة المستثمرين.