هَل مَاتَ يُسْرِي ؟!
في رثاء الدكتور يسري العزب
شعر/ محمد فايد عثمان
أَيُّهَـا النَّاعِي قَصَمْتَ اليَومَ ظَهْرِي
وَاسْتَلَبْتَ النُّورَ مِنْ عَيْنِي وَفَجْرِي
…
مُطْبِقٌ كَالْهَـمِّ فَـوقَ الصَّـدْرِ لَيْـلٌ
غَـارَ فِيْـهِ النَّجْــمُ وَاشْتَقْنَـا لِبَـدْرِ
…
قَدْ دَهَانَـا رَغْمَ طَـاقِ الصَّبْرِ نَعْيٌ
يَـا لَقَلْـبِي والأَسَى أَوْدَى بِصَـبْرِي
…
مَا اسْتَعَذْتُ الدَّهْرَ إلا مِنْ شَتاتٍ
يَا لَبُؤْسِي لَيْتَنِي اسْتَجْمَعْتُ أَمْرِي
…
مَنْ لِعَيْنٍ أَطْبَقَتْ بِالشُّوكِ جَفْنًـا
والدُّمُـوعُ النَّازِفَــاتُ الآنَ تَجْـرِي
…
طُفْتُ بالقَلْبِ المُعَنَّى فِي عَمَـاءٍ
وَالرَّزَايَـا عَاجَلَـتْ بِي مَسَّ سِـحْرِ
…
كُلَّمَـا جِئْنَـا مَشَـافِي الحَيِّ قَالُـوا :
حَسْبُكُم مَا مِنْ دَوَاءٍ مَاتَ (يُسْرِي)
…
لَمْ يَعُدْ لِلْعَيْشِ مَا نَشْتَاقُ طَعْمًـا
أَىُّ شَيءٍ بَعْدَهُ فِي العَيْشِ يُغْـرِي ؟
…
إِنْ دَفَنْتُمْ فَارِسَ الأَشْعَارِ (يُسْري)
عَنْدَلِـيبَ الـرَّوضِ فِي لَحْـدٍ بِقَبْـرِ
…
أَقْفَـرَ النَّـادِي فَمَــا يُجْـدِي غِنَـاءٌ
فَادْفِنُوا شِـعْرِي وَأَوْرَاقِي ومُهْـرِي
…
لَسْتُ فِي حُزْنِي وَحِيْدًا في بُكَائِي
أَلفُ أَلْفٍ قَـدْ بَرَاهُ الحُـزْنُ غَـيْرِي
…
رُبَّمَـا يَبْكِيْكَ ( يُسْـرِي ) بَهْـوُ دَارٍ
عَبَّقَتْهَـا ( أُمْسِـيَاتٌ ) عِطْـرَ شِـعْرِ
…
بَيْنَمَـا يَبْـكِي يَتَـامِي مِنْ شَــبَاب
كُـنْتَ تَرْعَاهُــمْ وَقَـدْ وَفَّـوْا بِنَـذْرِ
…
وَالقُـرَى والـرِّيْفُ يَحْكِيْهَــا غِنَـاءٌ
كُـنْتَ فِي غِيْطَانِهَــا أَمْـوَاهَ نَهْــرِ
…
تَقْطَـعُ الوَادِي فَتَخْضَـرُّ الفَيَـافِي
كَـمْ ( زَوَايَـا ) زُيِّنَتْ مِنْكُـمْ بِسِـرِّ !
…
يَـا وَلِىَّ ( اللهِ ) دَعْ مَنْ سَـاءَ ظَنًّـا
لَيْسَ غَيْرَ ( اللهِ ) مَنْ بِالسِّرِّ يَدْرِي
…
لَو شَقَقْنَـا قَلْبَكَ المَنْهُـوك عِشْقًـا
مَـا وَجَـدْنَـا غَـيْرَ أَزْهَــارٍ… وَطَـيْرِ
…
كُنْتُ أَسْتَبْقِيْكَ فِي بِيْضِ الأمَـانِي
وَاقْتِضَاءِ الأَمْرِ دَوْمًا كُنْتَ ذُخْـرِي
…
كُنْتُ أسْتَجْلِي بِسَلْوَى مِنْكَ هَمِّي
وَالفَضَاءَ الرَّحْبَ إِمَّا ضَاقَ صَدْرِي
…
لَـمْ يَطِـبْ وَاشٍ .. وَمَوتُـورٌ يَرَانَـا
فِي فَضَاءِ العِشْقِ فِي سَعْدٍ وَطُهْرِ
…
رَاحَ يَسْعَى وَالخَبِيْثُ النَّفْسِ يُلْقِي
مِنْ وَضِيْـعِ الـدَّسِّ فِي سِـرٍّ وَجَهْـرِ
…
لَمْ يَطِبْ نَفْسًا فَهَـا نَحْنُ افْتَرَقْنَـا
مَـا جَرَعْنَـا مِثْلَـهُ … مِنْ كَأس مُـرِّ
…
جُهِّزَتْ أكْفَانُكُمْ فِي ( شَـهْرِ )عَفْـوٍ
وَ (ارْتِحَالٌ ) ثَـمَّ فِي صَمْتٍ ويُسْـرِ
…
ضَــمَّ هَـذَا الْلَّحْــدُ مِنَّـا ذَاتَ يَـومٍ
مَنْ مَضَى يَسعَى بِجِـدٍّ دُونَ أَجْــرِ
…
فِي (دِيْمِشَّلتٍ ) يُـوَارَى طَىَّ لَحْـدٍ
فِي رِيَاضِ الخُلْـدِ حَتَّى يَـومَ حَشْـرِ
…
فَاجْـزِهِ الْلَّهُــمَّ فِي الجَنَّــاتِ بَـابًـا
فِي رَغِيدِ العَـيْشِ مَوصُـولًا بِعُمْـرِ
…
لِلَّـذِي أَبْقَى بِحُـبِّ النَّـاسِ ذِكْـرَى
فِي رُؤَى الإِبْـدَاعِ مِنْ فَـنٍ .. وَفِكْـرِ
…
رُبَّ مَـيْتٍ فِي خُلُـودِ الدَّهْــرِ حَيٌّ
رَدَّهُ رَغْـمَ ( المَنَايَـا ) طِـيبُ ذِكْـرِ