بقلم: د. محمد نصار
من علماء وزارة الأوقاف
ونحن نستقبل العام الجديد … أرى نفسي تقودني متوقة إلى أن تكتب ـ إستشرافًا وإشراقًا ـ عن حُلم جديد !
ولما لا ؟
ما أجمل الحُلم، وما أحلى معانيه، إنه يفتح القلب لوحي الحياة، ويهيئ الروح لبعث الآمال.
ما قيمة الحياة التي تخلو من الأحلام؟
إنه الصاحب في العزلة، والأنيس فى الوحشة، والأمل فى زحام اليأس، والبسمة فى ظلال الحزن، والرجاء فى هدير الجذع والقنوط .
أي وحشة قد أشقتك، ولك فى كل حلم ما يمنحك الروح والفؤاد إن لم يملك سواهما.
فالحُلم مذهب عرفته الأرواح منذ أقدم عهود الوجود .
إنه الوحي الذي يوحى به الله إلي الإنسان كي يعيش ويقتات، يطير به إلي ملاعب الجمال، وأفنان الكمال .
الحُلم يعتري صاحبه عن جبر واضطرار ، ويأتيه من غير اختيار، فلا ملام !
لأن المرء إنما يلام على ما يستطيع من الأمور لا على المقضي عليه والمقدور .
ففى الحُلم يعانق القمر، ويتأمل بعينيه الشمس من غير مضرة أو ألم، يخترق السُحب فيجتمع عنده سماع الأصوات الطيبة، وإدراك المعاني الرائقة ، من غير أصوات أو حروف. هزله جد، وجدّه هزل.
من حق الأيام أن تصنع ما تريد ، ومن حق الحُلم أن يقول لها: قدري ما تشائين، واصنعي ما تريدين، عند أقدامي حتما ستعجزين .
أنا الأقدار التي تصنع المستحيل، وليّ نصيب من الحياة لا تعرف مكاره الرحيل .
أنا… أنا …. أنا ….
أنا الحُلم الجديد الذى يعيد الشروق من بعد الغروب.
أنا الحُلم الجديد الذي يُحَّدثُ الأرواح من حين إلى حين.
أنا الحُلم الجديد الذي ينقل الجسد من بلد إلى بلد ، ومن إقليم إلى إقليم .
فيا عامًا قد اقترب صباحك ، متى يقترب صباحي ؟
أيا عامًا أبقاني الله إليه … خذ مني ما تشاء من غير منةٍ عليك ، فما أخذت الأمل إلا منه ، ولا ورثت الرحمة إلا عنه ، ومثلي يحفظ الجميل !
ويا جيرة أطغاهم الزمان، فتاهوا في الصحراء والقفار، لن تضيعوا من يده ولو فررتم إلى آفاق السحاب، فارجعوا طائعين قبل أن ترجعوا كارهين…
هذا عامكم الجديد … تشرق شمسه على الوجوه، وفى داخله يُنير القمر أنساج القلوب !!