كتب: أحمد السيد
يمثل قرار السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، بإطلاق الرؤية المستقبلية “عمان 2040” لتصبح نافذة مع مطلع عام 2021 وحتى نهاية عام 2040، تدشين مرحلة جديدة في بناء عُمان المستقبل، تضع الرؤية كمحرك رئيسي لأدواتها وأطرها وخططها وبرامجها ومدخلات التطور في منظومة العمل المستقبلي.
وهنا تأتي المبادرات والاستراتيجيات النابعة من عمق الرؤية، لتشق طريقاً جديداً لعُمان المستقبل تواجه به تحديات متشابكة وطنية وإقليمية وعالمية، جسدتها معطيات جائحة كورونا (كوفيد19) والظروف الأخرى المرتبطة بالمديونية العامة للدولة، ومقتضيات العمل الوطني المعبر عن متطلبات المرحلة بما تحمله من سياسات اقتصادية وإجراءات.
ويحمل قرار سلطان عُمان، ببدء تنفيذ رؤية “عمان 2040” بعد عدة أيام قليلة، العديد من الدلالات والمؤشرات يأتي في ظل اعتماد مخرجات نتائج التعداد الإلكتروني، والذي بدوره سوف يوفر بيانات استراتيجية قادمة لمنظومة العمل الوطني في مختلف المجالات بما يساعد متخذ القرار وراسمي السياسات على بناء استراتيجيات أداء ناضجة وتنفيذ مشروعات كفؤة تحقق محاور الرؤية وأولوياتها وتتفاعل مع الطموح المجتمعي.
وتُعد رؤية “عُمان 2040” أولى مشاريع السلطان هيثم بن طارق الكبيرة التي من شأنها أن تنقل عُمان إلى حيث الطموحات العظيمة، فقد أشرف السلطان هيثم على إعداد الرؤية، ويعمل منذ توليه مسئولية الحكم في 11 يناير 2020م على تطوير مختلف القطاعات العُمانية لتوفير كافة الأجواء المناسبة لتحقيقها والوصول بعُمان إلى مصاف الدول العالمية المتقدمة في عام 2040م.
يؤسس القرار العُماني لمرحلة متقدمة من العمل الوطني، بما يعبر عن روح الرؤية ويترجم مضامينها، من خلال جملة من الموجهات: رفع كفاءة التنسيق بين القطاعات والمؤسسات وزيادة مساحات التواصل النوعي والشراكة الفعلية المؤدية لتحقيق التكامل وتذليل الصعوبات ومراجعة الآليات وتقريب وجهات النظر، واستشعار المؤسسات لمسؤولياتها وأدوارها المنوطة بها كل في مجال اختصاصاته.
ولما كان للإرث الحضاري التراثي والثقافي ومنظومة العادات والتقاليد والقيم، حضورها المؤثر وموقعها في رؤية “عُمان 2040″، هنا تأتي أهمية إعادة إنتاج المنظومة الاجتماعية والقيمية وتحويلها كقوة داعمة للمؤسسات والقطاعات في تحقيق مقتضيات الرؤية.
فقد بذلت الحكومة العُمانية جهوداً مُكثفة خلال عام 2020 للاستعداد لانطلاق الرؤية ومواجهة الأوضاع غير المسبوقة التي يمر بها العالم، وقامت باتخاذ عدد من الإجراءات لترشيد الإنفاق وتقليل العجز المالي والمديونية العامة للدولة، وأعدت خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) لتهيئة الظروف المالية الداعمة للرؤية وتحقيق مستويات مستدامة للتوازن المالي مع نهاية عام 2024م، كما راعت في ميزانية العام المقبل – أول ميزانية في عقدي الرؤية – البعد الاجتماعي للمواطنين.
تستهدف الحكومة العُمانية عبر الرؤية تحقيق نمو اقتصادي مستدام بمعدل 4% أو 5% سنوياً، وزيادة متوسط دخل الفرد بنسبة تصل إلى 90%، وانخفاض مساهمة القطاعات النفطية بالأسعار الثابتة من 41.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019م، إلى نحو 7% بنهاية الرؤية في عام 2040، مع توفير فرص عمل لائقة للجميع بحيث ترتفع حصة القوى العاملة العُمانية من الوظائف في القطاع الخاص، إلى جانب الاستخدام المستدام للموارد والثروات الطبيعية.
يبقى القول أن سلطنة عُمان تتجه لمرحلة جديدة عبر رؤية جسدت شراكة أبنائها في صياغة ملامحها ورسم معالمها وتحديد أدواتها وتأطير قيمها ومبادئها وتحقيق الابتكار فيها.
ولعل المرسوم السلطاني بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية “عمان 2040” وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، يؤكد على قوة الطموحات والتطلعات العُمانية نحو دخول مرحلة جديدة من البناء والنهضة المتجددة.