كتب – عبد الرحمن هاشم:
على الرغم من المكاسب الملحوظة التي تحققت في مجال الصحة على مدار العقود القليلة الماضية، فإن العالم لا يسير على النحو المقرر لبلوغ الغايات المتعلقة بالصحة تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، ولا يزال الناس، لا سيما الفئات الأكثر تهميشاً، متخلفين عن الركب. بل تتسبب جائحة كوفيد-19 في زيادة عرقلة التقدم.
وفي خطوة تاريخية قامت بها 12 وكالة من الوكالات المتعددة الأطراف المعنية بالصحة والتنمية والعمل الإنساني في إقليم شرق المتوسط/ إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أُطلِق عبر الإنترنت التحالف الصحي الإقليمي، وهو شراكة تهدف إلى مساعدة البلدان على تسريع وتيرة التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، وتيسير تنفيذ خطة العمل العالمية بشأن تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية.
وتستند هذه الشراكة إلى ما قطعته الوكالات على نفسها من تعهدات مؤكدة بمواءمة استراتيجياتها وسياساتها ونُهُجها الداخلية، وضمان المساءلة المتبادلة، وتعزيز التعاون مع البلدان وبين الوكالات في إطار سبعة محاور تسريع، ألا وهي: الرعاية الصحية الأولية، والتمويل المستدام للصحة، ومشاركة المجتمعات المحلية والمدنية، ومحدِّدات الصحة، وتنفيذ برامج مبتكرة في الأوضاع الهشة والمعرضة للخطر، والبحث والتطوير والابتكار والإتاحة، والبيانات والصحة الرقمية.
وتشترك هذه المحاور السبعة جميعها في ضمان المساواة بين الجنسين بوصفها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان.
وانطلاقاً من رؤية 2023 الإقليمية: “الصحة للجميع وبالجميع”، شرع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في إقامة التحالف الصحي الإقليمي لتعزيز التعاون، ولإيجاد طرق عمل جديدة، ولتفعيل خطة العمل العالمية.
وبناءً على شراكات حالية ناجحة، سوف تتمكن الوكالات الشريكة في التحالف الصحي الإقليمي من تعزيز دعمها الجماعي للبلدان من أجل تحسين صحة سكان الإقليم وعافيتهم.
وتتبوأ الصحة مكانةً محوريةً في الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة (ضمان تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار) وغاياته الثلاث عشرة. كما أن أهداف التنمية المستدامة العالمية الأخرى تكاد جميعها ترتبط بالصحة أو تسهم في الصحة إسهاماً غير مباشر، مثل أهداف القضاء على الفقر والحد من أوجه انعدام المساواة، وضمان حصول الجميع على خدمات رعاية الصحة الجنسية والإنجابية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتنمية الاقتصادات، وحماية البيئة، والتشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمّش فيها أحد.
ويتسم الإقليم بالتنوع والتعقُّد، ويعاني من الاستقطاب السياسي. وقد أدت النزاعات والكوارث الطبيعية إلى زيادة عبء الوفيات والأمراض المرتفع بالفعل في الإقليم. ومن خلال توطيد أواصر التعاون، ستُسهم الشراكة في بلوغ الغاية الأساسية المتمثلة في تحقيق صحة أفضل.
وقد قطعت الوكالات على نفسها أربعة تعهدات أساسية مُحدَّدة بموجب خطة العمل العالمية: 1) التفاعل مع البلدان على نحو أفضل للاشتراك معها في تحديد الأولويات والتخطيط والتنفيذ؛ 2) وتسريع وتيرة التقدم المُحرز في البلدان من خلال العمل المشترك في إطار محاور التسريع المُحدَّدة والعمل الخاص بالمساواة بين الجنسين وتوفير المنافع العامة العالمية؛ 3) والاصطفاف في دعم البلدان من خلال تنسيق الاستراتيجيات والسياسات والنُّهُج التنفيذية والمالية؛ 4) والمساءلة، من خلال استعراض التقدم والتعلم معاً لتعزيز المساءلة المشتركة.
وتستضيف منظمة الصحة العالمية هذا التحالف الذي يضم مكاتب إقليمية تابعة لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز، وبرنامج اﻷمم المتحدة اﻹنمائي، وصندوق اﻷمم المتحدة للسكان، ومنظمة اﻷمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وهيئة اﻷمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة)، ومجموعة البنك الدولي، وبرنامج اﻷغذية العالمي، وقد وقّعت هذه المكاتب جميعها على خطة العمل العالمية، إلى جانب المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة اﻷمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، واﻻتحاد الدولي للاتصالات.
وفي ذات الوقت، يؤدي تنفيذ الأنشطة المشتركة إلى إشراك مزيد من شركاء الصحة والتنمية، مثل منظمات المجتمع المدني.
ولأن أحد أهداف خطة العمل العالمية يتمثل في تيسير تقديم الدعم التقني المتوائم والمنسق للخطط والاستراتيجيات الوطنية التي تملكها وتقودها البلدان، شارك أيضاً ممثلون من مختلف بلدان الإقليم في فعالية الإطلاق الافتراضية، إلى جانب ممثلين عن 12 وكالة، ومن جامعة الدول العربية، ومن منظمات مجتمعية.