كتب: أحمد السيد
يمثل ترحيب سلطنة عُمان بالنتائج الإيجابية لاقتراب المصالحة الخليجية، دفعة إيجابية قوية تصب في دعم مسيرة واستقرار البيت الخليجي، وبما يحقق التضامن الدائم بين جميع الدول وبما فيه الخير والنماء والازدهار لجميع شعوب المنطقة.
أكدت تقارير ودراسات دولية أنه خلال مسيرة مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته في عام 1981، لم تألو سلطنة عُمان جهداً ولم تدخر وسعاً، في طرح المبادرات والإعلاء من شأن مجلس التعاون واستقرار أواصره، صموداً في مواجهة التحديات.
فمنذ انطلاق مسيرة البناء في سلطنة عُمان في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، أولت عُمان اهتماما خاصا لدعم وتوسيع نطاق التعاون مع الدول الخليجية، ليس فقط بحكم العلاقات الخاصة التي تربط بين شعوبها على امتداد الزمن، ولكن أيضا بحكم ضرورة العمل والتنسيق والتعاون فيما بينها ، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة من ناحية ، ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها هذه المنطقة لأسباب عديدة ومتجددة من ناحية ثانية.
إذ تقوم سياسة السلطنة تجاه الأسرة الخليجية، على التعاون والتكامل في كافة القضايا الإنسانية والثقافية والمعرفية والاقتصادية، وعدم التدخل في شؤون الغير وتأكيد خصوصية الذات في قيمها الداخلية، وهذه السياسة تشمل الدول الشقيقة والصديقة.
وعبر التاريخ، كشفت مسيرة منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، أن عُمان تشكل أحد أعضائها الستة، فقد كانت دائما شديدة الحرص على تماسك هذا الجسم التعاوني والعمل على دفعه إلى الأمام وفق شروط كل مرحلة وبشكل مدروس مع الأخذ بالخصوصيات والمسائل الداخلية لكل بلد آخر في الاعتبار، في حين يبقى العنوان الأكبر والأهم الذي يجب الانضواء تحته هو مسائل التكامل الاقتصادي وكل ما يخدم شعوب المنطقة وخيرها والرفاهية لإنسانها.
ترتكز الأسس العُمانية لأمن الخليج العربي ـ وفقاً للدراسات ـ على مجموعة من الأسس: الأول فيتحقق عن طريق بناء القوّة وإقامة التعاون والتنسيق بين دول الخليج، متسلحة بالإرادة السياسية التي تدفع نحو هذا التوجّه من دون أن تكون الاستراتيجية قائمة على تشكيل الأحلاف، وعلى أن تكون البداية بالتركيز على الدائرة المباشرة، أي التي تضم الدول ذات النظم السياسية والاجتماعية المتشابهة.
أما الأساس الثاني فمؤداه إيجاد مساحات من التفاهم والتعاون بين دول الخليج العربية، وكذلك بين هذه الدول والدول الأخرى ذات المصالح الحيوية في المنطقة، التي يهمها أصلاً أمن الخليج العربي واستقراره.
وقد راعت دول الخليج، وخاصة سلطنة عُمان مصالح هذه الدول، ورأت أن مشاركتها في بناء الأمن لا تعني انفرادها به، بل أكدت دول الخليج العربية وفي مقدمتها السلطنة أن أمن الخليج لا يمكن أن يبنيه إلا دوله، وهي التي تقرره وتصونه.
يأتي ذلك انطلاقاً من إيمان سلطنة عُمان، بأن هذه المنطقة ذات تاريخ مشترك وعريق، من حيث البنيات الثقافية والتقاليد والقيم المتشابهة التي تشكل إرثا حضاريا، وهذا يعني وجود تقارب كبير في الكثير من المفاهيم والمشتركات، هذا يعطي دافعية وحيوية بالحرص على أن تكون عوامل التقارب والتفكير الإيجابي في المستقبل هي الأقرب للواقع.
تؤكد عُمان أن قوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقدرته على تجاوز مختلف التحديات، تمثل خيارا استراتيجيا لهذا البيت الخليجي الذي يقوم على عناصر مشتركة، وأن فرص التعايش والتعاون والتكامل هي الأبقى لصياغة الغد الأفضل، من أجل إرساء السلام والإخاء ودعم مسيرة واستقرار مجلس التعاون الخليجي.