اغتيال عالم الذرة الإيراني
دراسة استقرائية
أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية
إن اغتيال الدكتور محسن فخري زاده هو أحد ظواهر غباء المنهج العالمي وسوء آلياته، وليس ذلك من منطق التعاطف مع الفقيد أو إيران، ولكنه من خلال استقراء للمناهج والآليات، من أجل درس نسعى إلى تعلمه.
أما عن غباء المنهج السائد في النظام العالمي، فقراءاته المستقبلية ظنية لأنه يعتمد السيناريوهات آليات ناجعة، في حين أنها تفتقد روح العلم بطغيان المادة عليها، فمنهج الصهاينة مادي بحت وميكيافيلي مطلق يكتنفه الغرور، وهو ما اتسم به شعب بني إسرائيل منذ القدم، إلى درجة تحديهم رب العرش العظيم الذي خلقهم.
أما دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية فمنطق منهجهم استغلال القوة المادية بعلمها المادي في الابتزاز من أجل المكاسب المادية. وهم لا يختلفون كثيرا عن دول الشرق الاشتراكية التي تمارس الرأسمالية.
أما إيران فمنهج الشيعة في إقامة الحكومة العالمية للإسلام يقوم على اجتهاد ظني، لا يؤيده أمر إلهي صريح أو قول نبوي مؤكد، بل تأويلات، فمن سيدير هذه الحكومة العالمية لا تاريخ لوجوده، وليس معروفا مكان وجوده، أو زمان خروجه، فهو ظني أيضا، أما آليات إقامة الحكومة العالمية للإسلام فهي من خلال فكر الشخصية الإيرانية، التي إن اتحدت في منظومة واحدة، خاصة إذا كانت دينية مذهبية، تنطلق إلى الخارج، ومن ثم فتصدير الثورة الإسلامية فكر عرقي وليس دينيا في أصوله، فما من كلمة ثورة واحدة وردت في كتاب الله ولا أحاديث رسوله، ومن ثم تستند على الحماس المذهبي والعرقي، وهو ما لم ينشر الإسلام في ربوع العالم يقينا، بل أدى إلى ظهور الفرق والتشاحن بينها.
أما العرب فلم يتبعوا منهجا أهداه الله لهم، واتخذوا من منهج التقدم المادي فرعا شكليا، واتخذوا آلية معيبة هي الشراء بالمال الذي وهبه الله لهم، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار. وكان الانصياع للغرب في التطبيع مع أعداء الله الذي حذرهم، وبين لهم كيفية التعامل معهم.
كان تطبيع مصر للعلاقات مع إسرائيل واعيا إلى حد ما، إلا أن تقدير مستقبله لم يكن صحيحا تماما، ورغم أن آليات مصر كانت أكثر معقولية إلا أنها كانت عرجاء.
عندما أقول إن مصر هي أجدر من يُخرج العالم من غباء منهجه وسوء آلياته، فأنا لا أتحيز إلى وطني، بل أقول حقيقة يؤكدها الاستقراء العلمي، فقد كان منهج قدماء المصريين منهجا إلهيا، ولترجع إلى تعامل المصريين مع النبي يوسف وارجع إلى إرسال النبي موسى لفرعون وليس للمصريين كما حدث مع الشعوب الأخرى مثل إرسال النبي عيسى إلى بني إسرائيل، وعندما تستقرئ التاريخ تدرك أنآليات المصريين آليات علمية، وهو ما جعل منجزاتهم تبهر العالم، وينفقوا الكثير من أجل دراستها.
المنهج الصحيح لا بد أن يكون إلهيا، بمعنى أن يستخرج من القرآن الكريم، وآليات المنهج لا بد أن تكون علمية، بمعنى أن تعود لعلم الله.
من السهل اختراق الدول والحكومات، لكن من الصعب، بل من المستحيل اختراق القلوب، ربما يتلاعب الشيطان في توجهها، لكن ما ميز المصريين طوال تاريخهم سلامة القلب، فهم يفتحون عقولهم وقلوبهم لكل الثقافات والعلوم، وهم قادرون على هضمها، ثم يجترون ما أدركوه من هضم، في القيام بالإنجازات، اعتبارا من بناء الأهرامات إلى تدمير خط بارليف والقضاء على العشوائيات.
أما تفاصيل ما أقول، والتي استندعليها الاستقراء فيعلمها كل المثقفين ورجال العلم.