بقلم: حاتم السيد مصيلحي
يعاني الكثيرون من عدم القدرة على ضبط السياقات التعبيرية ، وفق المعايير اللغويةوالمحسنات البديعية في أقل صورها وأبسطها ، وهذا بالتأكيد ناتج من نواتج ضحالة الثقافة وضعف المردود التعليمي لسنوات عديدة ، وضياع الموروث الأدبي من الذاكرة الشعبية وحل محلها ثقافة الشارع كثيرة التحول والتغير وتوسيع نطاقها من خلال الأعمال السيكوسينمائية بحجة انعكاسات الواقع وتضخيمها وتسليط الضوء عليها فتتحول من واقع شاذ ، إلى واقع معاش يفرض نفسه بقوة دون أن يعبأ أو يهتم بتداعياته .
وفي الوقت نفسه تراجع التأثير الديني في نفوس شبابنا حتى انحصر في مجرد صلاة الجمعة التي يفرضها العرف والعادة، لا الشرع و العبادة وسرعة الإجابة ، ولم يعد لخطبة الجمعة مردودها المؤثر في قلوبهم رغم مايبذل في سبيل توظيف الخطب الأسبوعية وتوحيدها وفق المقتضيات الحياتية والظروف الاجتماعية، وتحكمت المادة وجعلت سبيل النجاة والسلامة،والبحث عن الشفاعة ( الوساطة) لقضاء الحاجة وبلوغ الغاية ، وبات للناس أرباب متشاكسون أشقوهم بظلمهم وبسط نفوذهم ،بمنحهم ومنعهم وتقديم قرابينهم ( الرشاوى – الهدايا) فيرضون ويتجلون عليهم ،فيستبشرون بانقضاء مآربهم .
فعمت البلوى وانتشرت الفوضي ، وعانى الناس في بيوتهم الفقر والحاجة ، وعقوق الأبناء وتمرد النساء بكفران العشير ، وغلبة الدين ، وقهر الرجال ،وارتفعت معدلات الطلاق وخراب البيوت، ومصيبة المصائب أن الناس لم يهرعوا ولم يتضرعوا لباريهم كي يكشف عنهم البلاء ؛ لأنهم يرون أن كاشف البلاء المال، ومجري السحاب النفوذ والصولجان ، فسلط الله عليهم أنفسهم فأشقاهم بنسيانهم إياه ، فأنساهم أنفسهم .
أيها الناس إن بين أيديكم العلاج الناجع ، والشفاء العاجل ، والصلاح النافذ بالرجوع إلى منهج الله ، وأن نلزم الاستغفار لعلنا نجد فيه المخرج وهو القائل سبحانه:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح : 10-12]
فمالكم لاترجون لله وقارا وإليه المنقلب ، وفي ساحته الحساب فإما إلى جنة وإما إلى نار، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، وعمل متقبل جليل .