كتب: أحمد السيد
دائماً ما أكدت سلطنة عُمان على موقفها الداعي إلى عالم يسوده السلام والاستقرار، وهي تأمل في أن يكون نسيج العلاقات بين الدول والشعوب في الأرض قائما على التواصل الإيجابي الذي يقوم على الإيلاف والمعاني الإنسانية، وفي هذا الإطار فقد كانت دعوة عُمان المتكررة أمام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، وهو موقف ثابت لا محيد عنه.
الأسبوع الماضي وأثناء مشاركة سلطنة عُمان في الاجتماع رفيع المستوى للاحتفال باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية والترويج له الذي عقد بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، فقد جرى التأكيد مجددا على موقف السلطنة الثابت حول ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.
وبالأمس فقد أعلنت الأمم المتحدة أن معاهدة حظر الأسلحة النووية تدخل حيز التنفيذ في يناير القادم، وذلك بعد مصادقة 50 دولة عليها، حيث أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في بيان أن معاهدة حظر الأسلحة النووية ستدخل حيز التنفيذ في الـ22 من يناير المقبل، وقد تعهدت الدول الموقعة “بعدم القيام تحت أي ظرف من الظروف بتطوير أو اختبار أو إنتاج أو تصنيع أو حيازة أو امتلاك أو تخزين أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى” وفقا لنص المعاهدة.
وقد أكدت سلطنة عُمان في كلمتها أمام اللجنة الأولى خلال أعمال الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر الجاري، على ضرورة الحاجة إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، بالإضافة إلى أهمية الوصول إلى (عالمية نظام عدم الانتشار”.
كما دعت عُمان الدول التي لم تنضم إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى القيام بذلك دون تأخير وشروط وأن تخضع سائر منشآتها النووية لنظام الرقابة الشامل الذي تشرف عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لا شك أن مبدأ سلطنة عُمان المركزي والمحوري يقوم على أن السلام يجب أن يسود العالم، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإنفاذ القانون الدولي القائم على احترام سيادة الدول، بدلا من الاتجاه إلى النزاعات والحروب.
وقد حرص السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، منذ توليه مقاليد الحكم في 11 يناير 2020م، على التأكيد بأن السياسة الخارجية لعُمان ستظل ثابتة سيراً على خطى المغفور له السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ وقال السلطان هيثم في خطابه التاريخي فور توليه المسئولية: “على الصعيد الخارجي، فإننا سوف نرتسم خطى المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، مُؤكدين على الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات، كما سنبقى كما عهدنا العالم في عهد السلطان الراحل، داعين ومساهمين في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلين الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم”.
واقع الأمر أن كل هذه المبادئ يمكن نسجها في صيغة واحدة وهي القيم والمبادئ النبيلة التي ترتكز عليها السياسة العُمانية منذ عقود طويلة، والتي جاءت محل تقدير من كافة المؤسسات العالمية، لأنها تعمل على ترسيخ الأحكام القانونية وسيادة التشريعات الدولية ومراعاة المصالح المشتركة، وكل ذلك من شأنه أن يساهم في بناء العالم الأفضل الذي يتمتع فيه الناس بالاستقرار والأمان والتعايش السلمي.