كتبت: إيناس مقلد
فتحت إزالة السرية عن البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون نافذة على الدور التي اضطلعت به إدارة الرئيس باراك أوباما في بث القلاقل بمنطقة الشرق الأوسط، ودعم جماعة الإخوان التي تزعمت ما سمي «الربيع العربي».
ويأتي الكشف عن البريد الإلكتروني بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا رفع السرية عن كافة الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الفيدرالية في استخدام هيلاري جهاز خادم خاصا لرسائل البريد الإلكتروني الحكومية.
وتجد كلينتون نفسها مُحرجة أمام جملة من الحقائق الموثقة، وكيف عملت أثناء تولي وزارة الخارجية بين 2009 و2013، على إعطاء الضوء الأخضر للإخوان ومشروعهم، سواءً عبر التنسيق، أو من خلال مباركة خطوات مشبوهة.
وأكدت الرسائل المسربة، بحسب صحيفة «عكاظ» السعودية، واقعة إغلاق وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل الهاتف في وجه كلينتون بعد أن طلبت من الرياض عدم إرسال قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين عام 2011.
وأكدت الوثائق على نحو دامغ أن واشنطن كانت على دراية بالدعم السخي الذي تقدمه الدوحة لتنظيم الإخوان وأذرعه الإعلامية، تحت ذريعة الوقوف بجانب المعارضات السياسية.
وفي إحدى الرسائل التي رفعت عنها السرية، تتم الإشارة إلى ترتيبات جارية للإخوان من أجل إطلاق مشروع إعلامي ضخم، وتتم الإشارة إلى أن الدوحة ستضخُ 100 مليون دولار.
وتوضح الرسالة أن تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر اختار قياديه، خيرت الشاطر، من أجل تولي رئاسة المشروع الإعلامي الذي كان سيضم قناة تلفزيونية دولية وصحيفة.
وعقب تنحي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك شغل الشاطر منصب النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المتشددة التي أزيحت من الحكم في مصر بثورة شعبية في يونيو 2013.
واتهم القضاء المصري الشاطر بالتخابر لصالح جهات أجنبية، وقتل المتظاهرين السلميين، إضافة إلى التحريض على العنف وإرهاب المواطنين، والاشتراك في عدد من الأحداث أبرزها أحداث مكتب الإرشاد المعروف إعلاميا باسم جمعة رد الكرامة.
وتظهرُ الرسائل التي باتت خارج دائرة السرية، أن كلينتون كانت ممسكة بخيوط اللعبة، ولم تكن مجرد «طرف متفرج» على الأحداث التي اندلعت في أواخر 2010.
وجرى تصوير تلك الأحداث في البداية بمثابة «انتفاضات تلقائية»، في حين أنها كانت مرتبة على كافة المستويات، سواء تعلق الأمر بالتمويل أو بالدعم الإعلامي والسياسي.
أما قطر التي سوقت ما جرى في المنطقة باعتباره «عملية تغيير» سياسي شعبي، من خلال الأذرع الإعلامية، فتبين -بالوثائق- أنها كانت تدفع فواتير تنظيم متشدد أُدرج لاحقا في قوائم الإرهاب الدولية.
وتظهرُ رسالة مسربة كيف أن فوز الإخوانية اليمنية، توكل كرمان، بجائزة نوبل للسلام في سنة 2011 لقي ترحيبا عارما من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، حين كانت كلينتون على رأسها.
ووفق ما ورد في البريد الإلكتروني فإن هيلاري زارت قناة «الجزيرة» في مايو 2010، واجتمعت مع مدير الشبكة وضاح خنفر.
وتلا ذلك لقاء مع أعضاء مجلس إدارة القناة، حيث جرت مناقشة زيارة وفد منها لواشنطن في منتصف مايو من ذات العام.
وتوّجت هذه الاجتماعات بلقاء مع رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني.
وفي رسالة أخرى، طالبت هيلاري قطر بتمويل ما سمي بثورات الربيع العربي عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون.
كما كشفت إحدى الرسائل المُسرّبة عن دور قطري خبيث لزعزعة استقرار ليبيا، استنادا على اتهام رئيس الوزراء الليبي السابق محمود جبريل، الدوحة، بمحاولة لعب دور أكبر من اللازم في شؤون بلاده، ودعم فصائل متشددة لم يسمها، في تصريحات أذيعت في تلك الفترة.
بحسب البريد الإلكتروني المؤرخ في أكتوبر 2011، لعبت قطر دورًا في تحالف دولي ساعد على الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في أكتوبر بعد أكثر من 40 عامًا في السلطة، وفق قناة «العربية» الإخبارية.
وقال جبريل، الذي استقال في أكتوبر 2011 بعد اعتقال القذافي وقتله، في مقابلة بثتها «العربية» حينها: «أعتقد الآن أن قطر تحاول لعب دور أكبر من إمكاناتها الحقيقية». ووفق البريد الإلكتروني المرسل إلى كلينتون، يعتقد مسؤولون ليبيون ودبلوماسيون غربيون أن قطر وهي واحدة من أصغر الدول في العالم العربي، تقدم الأموال والمساعدة الفنية للقادة العسكريين الإسلاميين المتشددين في ليبيا.