كتب- أحمد نورالدين:
نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، اليوم الأحد 11 أكتوبر 2020، المؤتمر الافتراضي “مبادرات تصحيح صورة المرأة المسلمة في الإعلام”، بمشاركة نخبة من النساء المسلمات الرائدات من مختلف دول العالم، اللواتي بحثن سبل تعزيز دور المرأة وتمكينها في المجتمع وتفعيل المبادرات التي تساهم في تنمية المجتمع وتطويره واستقراره من خلالهن، وذلك تمام الساعة 9 صباحاً بتوقيت غرينيتش، على تطبيق زووم ومواقع التواصل الاجتماعي للمجلس.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، قال معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن المرأة المسلمة، عبر التاريخ، لم تحظَ بالصورة التي تستحقها أو بالتغطية التي تعبر عن دورها الحقيقي في المجتمع، مؤكداً في الوقت ذاته أن التاريخ الإسلامي يزخر بإنجازات نساء مسلمات عالمات في مجال العلم الشرعي والعلوم الأخرى، إلا أننا نعاني من خطاب يذكر المرأة من باب المظلومية والمقارنة مع الرجل، وهذا ظلمٌ لها وهضمٌ لإنجازاتها وأدوارها.
ودعا معاليه لضرورة الاهتمام بحملات التوعية لإبراز إنجازات المرأة بشكل عام، وليس المرأة المسلمة فقط، معبراً عن ذلك بمثال عن الفائزات بجائزة نوبل اللواتي يعتبرن نموذجاً للمرأة عموماً وللمرأة المسلمة خصوصاً، مؤكداً أنه لا يوجد ما يعيق المرأة المسلمة أن تتميز وتقتدي بتلك الفائزات وتقديم إنجازات تفتخر بها هي ومجتمعها.
وأوضح رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ضرورة العمل لإبراز أدوار النساء الناجحات في المجتمعات المسلمة، وكذلك خلق مبادرات لتكوين قاعدة بيانات عن المرأة المسلمة في كل مكان وقطاع لتكون النموذج للأجيال القادمة، وبالتالي فتح آفاق جديدة للمرأة المسلمة التي تساهم بشكل خلّاق في بناء المجتمعات وتنميتها وتطويرها.
وقال الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن المرأة المسلمة من الشرائح التي شُوهت صورتها خدمةً لنظرية الاحتدام بغرض تحميل المسلمين أخطاء الماضي والجماعات المتطرفة، كما عانت المرأة من القراءة الذكورية من أجل تكريس الصورة النمطية والدونية عنها، فضلاً عن الممارسات السلبية وجرائم الشرف ضد المرأة والتي كرستها المسلسلات التلفزيونية والمقولات والصور السلبية ضد المرأة الشرقية.
ودعا البشاري إلى العمل على تصحيح الوعي بالخطاب الديني والنظام القبلي، وتعزيز دور المرأة ومكانتها، وتكثيف العمل على مراجعة الصور النمطية، وتصحيح صورة المرأة في المناهج الدراسية، فضلاً عن ضرورة إعداد دليل لأفضل الممارسات لتمكين المرأة، وتفعيل مبادرات الحوار لمصلحة المرأة.
وبدأت جلسات المؤتمر بإدارة الأستاذة السيدة فلافيا مارتينيلي دي ميديروس، خبير قانوني مساعد في قانون الضرائب ومحلل العقود في مكاتب النائب العام في البرازيل، حيث قدمت ورقة علمية بعنوان (هل قانون التمييز على أساس ديني قادر أن يكف عن التناول الإعلامي السلبي لصورة المرأة المسلمة؟)، حيث دعت فيها لاستغلال الفرصة لمشاركة المرأة الفاعلة في الأنشطة والخدمة المجتمعية بهدف الإسهام في تكوينها وتمكينها وتغيير الصورة السلبية عنها في المجتمع والإعلام، وبالتالي تعزيز التسامح والاحترام والقيم في المجتمع.
وقدمت الدكتورة فوزية عشماوي، رئيسة منتدى المرأة المسلمة الأوروبية وأستاذة في جامعة جنيف بسويسرا، ورقة علمية بعنوان (تأثير الصورة السلبية للمرأة المسلمة في الكتب والمناهج الدراسية على التناول الإعلامي)، أكدت فيها أن المناهج الدراسية في الغرب تشوّه صورة المرأة دون اعتبار للتغيرات، وكذلك تفعل وسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام الغربية التي تغفل إنجازات المرأة الريادية، مؤكدة السعي لتصحيح الصورة النمطية المغلوطة عن المرأة المسلمة عبر المشاركة في البرامج التلفزيونية والدراسات والمشروعات، وتنقية المناهج الدراسية وعقد مؤتمرات مع المنظمات الدولية، فضلاً عن ضرورة إدراج النماذج المشرفة من التاريخ الإسلامي بالمناهج.
فيما قالت الدكتورة ناتاليا تامبييفا، رئيسة هيئة الإدارة الدينية لمسلمي سان بطرسبورغ ومنطقة لينينغراد بروسيا، في ورقتها العلمية (الثقافة الروسية وتقلبها عبر التاريخ للتعددية الثقافية والدينية وتميز الحضور النسوي في المجتمع الروسي)، إن الحركات النسوية والمجتمع المسلم في روسيا يحاولان تعزيز دور المرأة وإحقاق حقوقها، مؤكدةً أن فكرة المساواة بين الرجل والمرأة تلقى القبول في المجتمع الروسي، حيث للمرأة المسلمة دور كبير، سواء في الجانب السياسي أو تنمية المجتمع أو عملية التعليم أو العمل الخيري أو الإعلام، موضحة أن المرأة المسلمة تشكل جزءاً مهماً من التاريخ الإسلامي لروسيا ولاسيما في التعليم وإظهار الصورة الحقيقية لسماحة الدين الحنيف.
فيما استعرضت الدكتورة مليكة الكتاني، أستاذة جامعية ومنسقة قسم الترجمة في كلية الآداب في الجامعة الأورومتوسطية بفاس في المغرب، عناوين بعض الصحف الإسبانية وكيفية معالجتها لقضايا المرأة المسلمة، ولاحظت أن المرأة المسلمة أمام خطاب استعماري جديد يميز بين الشمال (كمتقدم) والجنوب (كمتخلف)، مؤكدةً في ورقتها العلمية (المرأة المسلمة في الإعلام الإسباني.. مبادرات لتجاوز الصورة النمطية)، أن الإعلام الإسباني يحاول تصحيح الصورة النمطية المغلوطة عن المرأة المسلمة بمبادرات إدراج المفاهيم الإسلامية الصحيحة، داعية للعمل على تصحيح الصورة النمطية عن المرأة المسلمة بالمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وإنشاء مركز دولي للبحث والترجمة لنقل الثقافة العربية والإسلامية للغرب، ومساعدة جمعيات المرأة، وإنشاء قاعدة بيانات للنساء المسلمات الرائدات بعدة لغات.
وقدمت الدكتورة فاطمة الشيخ، باحثة دكتوراه في جامعة جنوب أفريقيا ومصممة ومدربة ومعلمة برامج تعليم اللغة العربية للأطفال الناطقين بغيرها في جنوب أفريقيا، ورقة علمية بعنوان (دور التعليم في تصحيح صورة المرأة المسلمة في الإعلام)، ودعت فيها إلى العمل كذلك على تغيير الصورة النمطية للمرأة المسلمة بدءاً من المنزل والمدرسة والإعلام، فالتعليم في مراحل الطفولة يؤثر على تكوين الشخصية والقيم والتفكير والصور الذهنية، فضلاً عن الاهتمام بالخصائص النفسية والاجتماعية لإبراز التكافؤ وتحقيق مبدأ الخلافة في الأرض “النساء شقائق الرجال”، والاهتمام بالمنهاج الدراسي والتعليمي من خلال الصور التي تغير الأدوار النمطية للمرأة المسلمة، موضحة أن الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة هي أنها إنسانة وقائدة وشخصية مستقلة لها قدرات غير محدودة، لذا لا بد من التركيز على مهارات التفكير وتقديم نماذج مشرفة من التاريخ الإسلامي والحديث عن المرأة المسلمة.
وعرضت السيدة حجة ليا القصار، مقدمة إذاعة المجتمع المسلم في أستراليا، تجربة التسامح والتعدد في أستراليا في ورقتها العلمية (كيف ساعد الحضور القوي للمرأة المسلمة في المجتمع الأسترالي؟ وما هي مبادرات مؤسسات المجتمع المسلم في أستراليا في قبول المرأة؟)، مشددة على السعي لتوضيح الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة وإبراز شجاعتها وعزيمتها وخدمتها من أجل أسرتها ومجتمعها، وموضحة جهودها في البرامج الإذاعية التي تعزز من وسطية للإسلام، وتكرس الثقافة البنّاءة والمواطنة الصالحة، وتشجع الناس على الالتزام بالقانون، وتقدم سياسات التعليم ونشجع على التعليم والتعايش.
جدير ذكره أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، حيث يُعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي.
ويسعى المجلس، من خلال عقد العشرات من المؤتمرات والندوات والأنشطة الافتراضية إلى توطين مفاهيم التعددية الدينية والعرقية والثقافية، بما يحفظ كرامة الإنسان واحترام عقيدته ويرسخ قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للأوطان.