من مظاهر تكريم الله تعالى للشهادة والشهيد
للشهداء فضل لا تحتويه العبارة، ويكفيهم فضلا أنهم
… وفي السطور التالية نتحدث عن بعض مظاهر تكريم الله عز وجل للشهادة والشهيد، ومنها:
-
أن الشهادة في سبيل الله درجة عالية من الحياة، لا يَهبُها الله تعالى إلا لمن يَستحقُّها، فهي اختيار من العلي الأعلى الوهاب للصفوة من البشر؛ ليَعيشوا مع الملأ الأعلى؛ ذلك لأن الشهيد لما بذل حياته لله، أعطاه اللهُ حياةً أكمل منها، حيث يحيا مع الله الذي مَنَّ عليه بالحياة الأبدية، فكان موت الشهيد حياة له وكان موته حياة للأمة من بعده.
-
أن الشهيد أصاب الفردوس الأعلى، والأجر العظيم، والفوز المبين والكرامة العليا، كما أن الشهادة في سبيل الله طريق مباشر إلى الجنة، ففي معركة بدر، وعندما التقى المسلمون بالمشركين، قال النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قوموا إلى جنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ) (رواه مسلم).
-
أن الله تعالى جعل الشهداء مَضْرِبَ المثل في الإخلاص والدرجات العلا، بعد النبيين والصديقين: قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾(النساء: 69).
-
أن الله جعلهم من أصحاب التجارة الرابحة، فقد ربح بيع نفوسهم لمولاهم.
-
أن الله تعالى جعل لهم “مكانة العندية”، فهم عند ربهم، في معيته وفي جنابه الأعلى. قال الله تعالى: ﴿وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ وجعل لهم المغفرة والأجر العظيم والنور المبين، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (آل عمران: 157)، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 74)
-
أن الله تعالى جعلهم من المصطفين فقال ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ (آل عمران: 140)، إنها اصطفاء وانتقاء للأفذاذ من البشر؛ ليكونوا في صحبة الأنبياء ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ (النساء: 69).
-
أن الله تعالى جعل الشهداء في مأمن فلا يفزعون حين يفزع الناس، ولا يخافون حين يخاف الناس، قال تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 74).
-
أن الله تعالى جعل الشهيد شفيعا لسبعين من أهل بيته، فعن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال: (الشَّهيدُ يُشفَّعُ في سبعين من أهلِ بيتِه) (أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب وإسناه صحيح).
-
أن الله تعالى جعل الله تعالى أرواح الشهداء في حواصل طير خضر.
-
أن الله تعالى أمَّن الشهيد من فتنة القبر، ويُجار من عذابه، ولا يسأله الملكان.. قال رجل يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلا الشَّهِيدَ قَالَ (كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً) (الترغيب والترهيب وإسناده صحيح). فالشهيد لا يسأله الملكان في قبره. ولعل السبب في ذلك أنه قد اُمتحن بأهوال الحرب حتى استشهد؛ فكان ذلك امتحانًا كافيًا في الدلالة على قوة إيمانه وصدقه المبين مع ربِّ العالمين.
-
أن الشهداء يأمون من الفزع الأكبر، ولا يُصعقون من النفخ في الصور، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي اللَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية؟ ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ فأخبره أن الشهداء هم المستثنون من الصعق في الآية.
-
أن الله تعالى أسقط عن الشهيد ذنوبه وكتب له المغفرة عند سقوط أول قطرة من دمه، يقول النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (للشهيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ، ويَرى مقعدَهُ منَ الجنةِ، ويُجارُ منْ عذابِ القبرِ، ويأمنُ منَ الفزعِ الأكبرِ، ويُوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ، الياقوتةُ منها خيرٌ منَ الدنيا وما فيها، ويُزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ، ويُشفَّعُ في سبعينَ منْ أقاربِهِ) (أخرجه الترمذي في سننه).
-
أن الشهيد رائحة دمه مسكٌ يوم القيامة، وتفوح منه هذه الرائحة العطرة، ليكوم مُمَيَزًا ومُتَمَيِّزًا في ساحة الحساب.
-
أن الشهداء يُرزَقون ورزقُهم من الله؛ ومن ثَمَّ فهم فرِحُون بما أَعطاهم الله، ويستَبشِرون بإخوانهم القادِمين عليهم.
-
أن الله تعالى جعل للشهيد عُرسًا، حيث يزوجهم الله بالحور العين اللاتي ذكرهن الله تعالى في كتابه بقوله: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ *فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾ (الرحمن: 56 -58).
-
الشهيد لا يجد ألم القتل ولا يشعر به، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ما يجدُ الشهيدُ من مَسِّ القتلِ إلا كما يجدُ أحدكم من مَسِّ القَرْصَةِ)(أخرجه الترمذي في سننه).
-
أن الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لكي يُقتل عشر مرات، فعن أنس (رضي الله عنه) أن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال: (ما أحَدٌ يدخلُ الجنَّةَ، يحبُّ أن يرجِعَ إلى الدُّنيا ولَهُ ما علَى الأرضِ مِن شيءٍ إلَّا الشَّهيدُ يتمنَّى أن يرجعَ إلى الدُّنيا فيُقتلَ عَشرَ مرَّاتٍ، لما يَرى منَ الكَرامةِ) (أخرجه البخاري في صحيحه).
-
أن الشهيد يجري عليه عمله حتى يبعث، ولا ينقطع عمله حتى قيام الساعة.
-
أن الشهيد لا يفضله النبيون إلا بدرجة واحدة.
-
أن مَن طلب الشهادة صادقا بلَّغه ربه منازل الشهداء، فعلينا أن نجتهد ونُخلص في طلب الشهادة حتى يعطينا الله أجرها؛ فالنبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أعلنها مدوية في سمع الزمان بقوله: (مَن سأَل اللهَ الشَّهادةَ صادقًا مِن قلبِه أعطاه منازِلَ الشُّهداءِ وإنْ مات على فِراشِه) (أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط).