قصة يوسف بين الجمال والجلال
بقلم الدكتور/ محمد العربى
بعد أن تحدثنا بالأمس عن المكي والمدني نتناول في هذه المقالة الحديث عن سورة يوسف عليه السلام
أطلق على هذه السورة سورة يوسف ؛ ولم يعرف لتلك السورة اسم سواه ، قال الفيروزآبادي : وما لها اسم سوى سورة يوسف . ويوسف هو اسم نبيّ الله ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام .
وجه تسميتها بهذا الاسم
سميت بهذا الاسم لاشتمالها على قصته – عليه السلام – مع إخوته ، ومع امرأة العزيز ، ومع ملك مصر في ذلك الوقت ..
ولم يذكر اسم يوسف – عليه السلام – في غير هذه السورة سوى مرتين :
أحداهما : في سورة الأنعام في قوله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الأنعام : 84] .
والثانية : في سورة غافر في قوله تعالى : وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ ۖ [غافر : 34] .
ولم يذكر اسم يوسف – عليه السلام – في غير هذه السورة سوى مرتين :
أحداهما : في سورة الأنعام في قوله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الأنعام : 84] .
والثانية : في سورة غافر في قوله تعالى : وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ ۖ [غافر : 34] .
عدد آياتها
إحدى عشرة ومائة آية .
إحدى عشرة ومائة آية .
ترتيبها في المصحف الشريف
سورة يوسف – عليه السلام – هي السورة الثانية عشرة في ترتيب المصحف ، فقد سبقها في الترتيب سور : الفاتحة ، والبقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ويونس ، وهود .
ترتبيها في النزول
هي من حيث النزول السورة الثالثة والخمسون ؛ وكان نزولها بعد سورة هود
وأما بخصوص سورة يوسف عليه السلام :
وأما بخصوص سورة يوسف عليه السلام :
فالقول الصحيح أن سورة يوسف جميعها مكية ، ولا التفات إلى قول من قال بأن فيها آيات مدنية ؛ لأن القول لا دليل عليه .
قال الآلوسيّ : سورة مكية كلها على المعتمد ، وروى عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا : هي مكية ثلاث آيات من أولها . واستثنى بعضهم رابعة وهي قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف : 7] .
وكلّ ذلك واهٍ جداً لا يلتفت إليه ، وما اعتمدناه – كغيرنا – من أنها كلها مكيية – هو الثابت عن الحبر أى عن عباس 1 .
وقال في الظلال : السورة مكية بجملتها ، على خلاف ما ورد في المصحف الأميري من أن الآيات (1 ، 2 ، 7) منها مدنية . ذلك أن الآيات الثلاث الأولى هذا نصها :
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿1﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿2﴾ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [يوسف : 1 – 3] .
وهذه الآيات هي مقدمة طبيعية لما جاء بعدها مباشرة من البدء في قصة يوسف عليه السلام .. ونص الآيات التالية في السياق هو :
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [يوسف : 4] .
ثم تمضى القصة بعد ذلك في طريقها إلى النهاية .
فالتقدم لهذه القصة بقول الله تعالى : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [يوسف : 3] . يبدو هو التقديم الطبيعي المصاحب لنزول القصة .
وكذلك هذه الأحرف المقطعة (الر) وتقرير أنها آيات الكتاب المبين . ثم تقرير أن الله أنزل هذا الكتاب قرآنا عربيا .. هو كذلك من جو القرآن المكي ، ومواجهة المشركين في مكة بعربية القرآن الذي كانوا يدعون أن أعجميا يعلمه لرسول الله † ! وتقرير أنه وحي من الله كان النبي † من الغافلين عن اتجاهه وموضوعاته .
ثم إن هذا التقديم يتناسق مع التعقيب على القصة في نهايتها ، وهو قول الله تعالى ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف : 102] .. فهناك حبكة بين التقدمة للقصة والتعقيب عليها ظاهر منها نزول التقدمة مع القصة والتعقيب .
أما الآية السابعة فالسياق لا يستقيم بدونها أصلا ولا يتأتى أن تكون السورة قد نزلت في مكة وهي ليست من سياقها ثم أضيفت إليها في المدينة ! ذلك أن في الآية الثامنة ضميرا يعود على يوسف وإخوته في هذه الآية السابعة ، بحيث لا يستقيم نزول الآية الثامنة دون أن تكون معها الآية السابقة . وهذا نصها لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴿7﴾ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [يوسف : 7 – 8] .
مما يقطع بأن الآيتين نزلتا معا ، في سياق السورة الموصول .
والسورة كلها لحمة واحدة عليها الطابع المكي واضحا في موضوعها وفي جوها وفي ظلالها وفي إيحاءاتها . بل أن عليها طابع هذه الفترة الحرجة الموحشة بصفة خاصة .
قال الآلوسيّ : سورة مكية كلها على المعتمد ، وروى عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا : هي مكية ثلاث آيات من أولها . واستثنى بعضهم رابعة وهي قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف : 7] .
وكلّ ذلك واهٍ جداً لا يلتفت إليه ، وما اعتمدناه – كغيرنا – من أنها كلها مكيية – هو الثابت عن الحبر أى عن عباس 1 .
وقال في الظلال : السورة مكية بجملتها ، على خلاف ما ورد في المصحف الأميري من أن الآيات (1 ، 2 ، 7) منها مدنية . ذلك أن الآيات الثلاث الأولى هذا نصها :
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿1﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿2﴾ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [يوسف : 1 – 3] .
وهذه الآيات هي مقدمة طبيعية لما جاء بعدها مباشرة من البدء في قصة يوسف عليه السلام .. ونص الآيات التالية في السياق هو :
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [يوسف : 4] .
ثم تمضى القصة بعد ذلك في طريقها إلى النهاية .
فالتقدم لهذه القصة بقول الله تعالى : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [يوسف : 3] . يبدو هو التقديم الطبيعي المصاحب لنزول القصة .
وكذلك هذه الأحرف المقطعة (الر) وتقرير أنها آيات الكتاب المبين . ثم تقرير أن الله أنزل هذا الكتاب قرآنا عربيا .. هو كذلك من جو القرآن المكي ، ومواجهة المشركين في مكة بعربية القرآن الذي كانوا يدعون أن أعجميا يعلمه لرسول الله † ! وتقرير أنه وحي من الله كان النبي † من الغافلين عن اتجاهه وموضوعاته .
ثم إن هذا التقديم يتناسق مع التعقيب على القصة في نهايتها ، وهو قول الله تعالى ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف : 102] .. فهناك حبكة بين التقدمة للقصة والتعقيب عليها ظاهر منها نزول التقدمة مع القصة والتعقيب .
أما الآية السابعة فالسياق لا يستقيم بدونها أصلا ولا يتأتى أن تكون السورة قد نزلت في مكة وهي ليست من سياقها ثم أضيفت إليها في المدينة ! ذلك أن في الآية الثامنة ضميرا يعود على يوسف وإخوته في هذه الآية السابعة ، بحيث لا يستقيم نزول الآية الثامنة دون أن تكون معها الآية السابقة . وهذا نصها لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴿7﴾ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [يوسف : 7 – 8] .
مما يقطع بأن الآيتين نزلتا معا ، في سياق السورة الموصول .
والسورة كلها لحمة واحدة عليها الطابع المكي واضحا في موضوعها وفي جوها وفي ظلالها وفي إيحاءاتها . بل أن عليها طابع هذه الفترة الحرجة الموحشة بصفة خاصة .
مناسبة السورة لما قبلها
قال ابن عجيبة : السورة كأنها تتميم لما ذكر قبلها من قصص الأنبياء ، فهي من جملة ما يثبّت به الفؤاد ، ويقع به التسلية ، مما يواجه به العبد من الانكاد .
وقال في المنار :
المناسبة بينها وبين سورة هود أنها متممة لما فيها من قصص الرسل – عليهم السلام – والاستدلال في كل منهما على كونها وحيا من الله – تعالى – دالا على رسالة محمد خاتم النبيين – † – بآيتين متشابهتين ، ففي آخر قصة نوح من الأولى : تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [11 : هود 49] . وفي آخر الثانية : ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [12 : يوسف 102] .
سبب نزول السورة الكريمة
المناسبة بينها وبين سورة هود أنها متممة لما فيها من قصص الرسل – عليهم السلام – والاستدلال في كل منهما على كونها وحيا من الله – تعالى – دالا على رسالة محمد خاتم النبيين – † – بآيتين متشابهتين ، ففي آخر قصة نوح من الأولى : تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [11 : هود 49] . وفي آخر الثانية : ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [12 : يوسف 102] .
سبب نزول السورة الكريمة
وأما بخصوص ما ورد في سبب نزول السورة الكريمة فإن هناك روايات متعددة في هذا ، منها ما روى عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : “أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه على أصحابه زماناً ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا فنزلت سورة يوسف ..” .
حكمة إفراد قصة يوسف في سورة وعدم تكررها :
جاء في تفسير القرآن الحكيم : إن قصة يوسف عليه السلام هي أطول قصة في القرآن افتتحت بثلاث آيات تمهيدية في ذكر القرآن وحسن قصصه ، ثم كانت إلى تمام المائة في تاريخ يوسف ، وختمت بإحدى عشرة آية في الاستدلال بها على ما أنزلها الله لأجله من إثبات رسالة خاتم النبيين ، وإعجاز كتابه ، والعبرة العامة بقصص الرسل عليهم السلام … والفرق بين قصتها وقصص الرسل في التي قبلها وفي سورة الأعراف وغيرها ، أن تلك قصص للرسل مع أقوامهم في تبليغ دعوة الرسالة والمحاجة فيها ، وعاقبة من آمن بهم ومن كذبهم ؛ لإنذار مشركي مكة ومتبعيهم من العرب ، وقد كررت بالأساليب والنظم المختلفة لما فيها من أنواع التأثير ووجوه الإعجاز التي تقدم بيانها في مباحث الوحي المحمدي ، ثم في بحث التحدي بعشر سور مثله مفتريات .
وأما سورة يوسف فهي قصة نبي واحد وجد في غير قومه قبل النبوة صغير السن ، وبلغ أشده واكتهل فنبئ وأرسل ودعا إلى دينه ، وكان مملوكا ثم تولى إدارة الملك لقطر عظيم ، فأحسن الإدارة والتنظيم ، وكان خير قدوة للناس في رسالته وجميع ما دخل فيه من أطوار الحياة وطوارئها وطوارقها ، وأعظمها شأنه مع أبيه وإخوته آل بيت النبوة ، فكان من حكمة أن تجمع قصته في سورة واحدة كما نجعله في أولها ونفصله إن شاء الله في خاتمتها .
وأما سورة يوسف فهي قصة نبي واحد وجد في غير قومه قبل النبوة صغير السن ، وبلغ أشده واكتهل فنبئ وأرسل ودعا إلى دينه ، وكان مملوكا ثم تولى إدارة الملك لقطر عظيم ، فأحسن الإدارة والتنظيم ، وكان خير قدوة للناس في رسالته وجميع ما دخل فيه من أطوار الحياة وطوارئها وطوارقها ، وأعظمها شأنه مع أبيه وإخوته آل بيت النبوة ، فكان من حكمة أن تجمع قصته في سورة واحدة كما نجعله في أولها ونفصله إن شاء الله في خاتمتها .