بدت باكو ويريفان على وشك الانخراط في حرب بعدما اندلعت مواجهات عنيفة أمس الأحد بين الجيش الأذربيجاني والانفصاليين الأرمينيين في منطقة “ناغورني قره باغ” أدت إلى سقوط عسكريين ومدنيين من الجانبين، بينهم طفل على الأقل، وزادت أسوأ اشتباكات منذ عام 2016م من احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا اللتين انخرطتا على مدى عقود في نزاع للسيطرة على “ناغورني قره باغ”. من شأن اندلاع مواجهة من هذا النوع بين البلدين الجارين في القوقاز واللذين كانا ضمن الاتحاد السوفيتي، أن يدفع القوتين الإقليميتين روسيا وتركيا إلى التدخل، ودعت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى “وقفٍ فوري لإطلاق النار”، فيما صلى البابا “فرنسيس” كي يسود السلام، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع في اذربيجان “آرتسرون هوفهانيسيان” إنّ قتالا عنيفًا اندلع على طول جبهة “ناغورني قره باغ” بعد ظهر الأحد.
وأعلنت اذربيجان أنّ قواتها دخلت سبع قرى خاضعة لسيطرة الأرمينيين خلال المواجهات العنيفة، وهو ما نفته أرمينيا. وفي خطاب متلفز للأمة، تعهّد الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف” بالانتصار على القوات الأرمينية، وقال إن “قضيتنا عادلة وسننتصر”، مكررًا اقتباسًا شهيرًا نقل عن خطاب الدكتاتور السوفيتي “جوزيف ستالين” في روسيا خلال الحرب العالمية الثانية، وتابع “علييف” بأن “الجيش الأذربيجاني يقاتل على أرضه، “قره باغ” أذربيجانية”. وأعلنت كل من أرمينيا ومنطقة “ناغورني قره باغ” الأحكام العرفية والتعبئة العامة، وقال رئيس الوزراء الأرميني “نيكول باشينيان”: “استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدّسة”، متهمًا أذربيجان بإعلان الحرب على شعبه. وأفادت أرمينيا في وقت سابق أمس الأحد أن قوات أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في “ناغورني قره باغ” بما في ذلك عاصمة المنطقة “ستيباناكرت”، في عملية أسفرت عن مقتل امرأة وطفل.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن القوات الأرمينية انتهكت وقف إطلاق النار، وذكَرت أنها أطلقت “عملية مضادة لكبح أنشطة القتال الأرمينية وضمان سلامة السكان” باستخدام الدبابات والصواريخ المدفعية والطيران العسكري والطائرات المسيرة، وأكد المتحدث باسم الرئاسة الأذربيجانية “حكمت حاجييف” في بيان “وجود تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين”. وقالت وزارة الخارجية الأذربيجانية: “لحقت أضرار جسيمة بالعديد من المنازل والبنية التحتية المدنية”. بدوره، أشار المسؤول المحلي في “قره باغ” وهو “أرتاك بغلاريان” إلى سقوط “ضحايا مدنيين” من سكان المنطقة.
وقال “أرايك هاروتيونيان”؛ رئيس “قره باغ” خلال جلسة طارئة للبرلمان في “ستيباناكرت” (خانكندي بحسب تسميته الأذربيجانية) أنه “أعلنت الأحكام العرفية” وتعبئة جميع الأفراد القادرين على الخدمة العسكرية الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 18 عامًا. وكان أن انتزع الانفصاليون الأرمينيون “قره باغ” من باكو في حرب حدثت في التسعينيات أودت بثلاثين ألف شخص. وجمّدت المحادثات لحل نزاع “قره باغ” الذي يُعد من بين أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أُبرم عام 1994م. ورغم توقيع اتفاق 1994م، وقيام وساطة روسية أمريكية فرنسية تحت اسم “مجموعة مينسك”، لا تزال الاشتباكات المسلحة متواترة، وحمّلت حليفة أذربيجان (تركيا) يريفان مسؤولية اندلاع العنف وتعهّدت بدعم باكو.