كتب: عبد الرحمن هاشم
سأل سائل يقول: هل لا بد من التلفظ بالنية عند الشروع في العبادات كالصلاة؟
وأجاب فضيلة الشيخ الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى قائلا:
أولًا : النية هي القصد ، وعرَّفها الفقهاء : بأنها قصد الشيء في حالة الاقتران بفعله ، ومحلها القلب في جميع العبادات ، فلو تكلم المسلم بلسانه بخلاف ما نوى في قلبه ، كان الاعتبار بما نوى بقلبه، لا بلسانه، لما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ؛ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ “.
ثانيًا : اختلف الفقهاء حول المفاضلة بين التلفظ بالنية وترك التلفظ بها ، فذهب الجمهور من الحنفيَّة والشافعية والحنابلة إلى أفضلية التلفظ بها ؛ باعتباره قد أتى بها في القلب وهو محلها ، ثم زاد فنطق بها . كما ذهب المالكيَّة إلى مشروعية التلفظ بها ، وقالوا بأن الأَوْلَى ترك التلفظ ، إلا في حالة المُوَسْوِس فإنه يستحب له ذلك حتى يذهب عنه اللبس.
ودليل الجمهور أنه قد ثبت تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالنية في عدة مواقف عند إنشاء العبادة ، ومنها ما روته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، قالت : دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: ” هل عندكم شيء ؟ ” فقلنا : لا، قال : ” فإني إذن صائم “.
والخلاصة : أنه لا يجب على المصلي التلفظ بالنية، وإنما يستحب له ذلك عند جمهور الفقهاء ؛ لأنه قد أتى بها في محلها وهو القلب ، ثم أتى بها باللسان زيادةً في الكمال وجمعًا للهمَّة في الصلاة وقطعًا للوسواس ، ولكن لا ينبغي الجهر بالنية إلا بمقدار ما يُسمِع الإنسانُ نفسَه حتى لا يُشوِّش على غيره .
والله أعلم