كتبت: إيمان عوني مقلد
منذ عام 2005 أقر العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، يوم 23 سبتمبر/ أيلول من كل عام يوما وطنيا للمملكة العربية السعودية، والذي أصبح يوم إجازة رسمية للدولة. فما هي حكاية هذا اليوم؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن التاريخ السعودي يبدأ بشكل صحيح منذ 23 سبتمبر/أيلول عام 1932 عندما تم، بموجب مرسوم ملكي، توحيد الحجاز ونجد وملحقاتها، تحت اسم المملكة العربية السعودية.
وتضيف بريتانيكا قائلة إن التأثير المباشر الرئيسي لهذه الخطوة كان تعزيز وحدة المملكة وتقليص احتمالية انفصال الحجاز، في حين أكد الاسم الدور المركزي للعائلة المالكة في إنشاء المملكة.
الأولى والثانية والثالثة
ولكن للوصول إلى ذلك اليوم من عام 1932 قطعت الدولة السعودية مسيرة كبيرة في طريق التاريخ وعلى عدة مراحل.
فقد أسس محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى (إمارة الدرعية) في عام 1744 بعد تحالفه مع محمد بن عبد الوهاب، وقد نجح آل سعود في توحيد نجد بعد سنوات طويلة من الحروب المريرة. وقد أثار ذلك الدولة العثمانية، فحاولت القضاء على الدولة السعودية الأولى عن طريق محمد علي باشا والي مصر الذي نجح في تحقيق هذا الأمر في عام 1818.
وتبعتها الدولة السعودية الثانية (إمارة نجد) مع حكم الأمير “تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود” الذي استسلمت الحامية المصرية لقواته عام 1824، واستمرت هذه الدولة ما بين صعود وتراجع حتى عام 1891 عندما انتهت على يد آل الرشيد وبمغادرة آل سعود إلى الكويت. ثم أسس عبدالعزيز آل سعود دولة سعودية ثالثة في عام 1902، وأصبحت لاحقا سلطنة نجد وتوسعت بعد ذلك لتصبح مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى أن أصبح اسمها المملكة العربية السعودية بعد توحيد جميع أراضيها في كيان واحد، وكان ذلك في عام 1932.
وهكذا تطور اسم الدولة التي حملت اسم إمارة نجد والإحساء حتى عام 1921، ثم اسم سلطنة نجد حتى عام 1922 ثم سلطنة نجد وملحقاتها حتى عام 1926، عندما حملت اسم سلطنة الحجاز ونجد وملحقاتها حتى عام 1932 عندما تم إعلان قيام المملكة العربية السعودية.
وكما تطور اسم الدولة تطور لقب مؤسسها عبد العزيز آل سعود من أمير إلى سلطان إلى ملك، كما أطلقت عليه عدة ألقاب منها نابليون العرب وبسمارك وكرومويل الصحراء والملك سليمان الجديد.
الملك المؤسس
ولد عبد العزيز آل سعود في يناير/كانون الثاني عام 1876 في الرياض لأسرة آل سعود الحاكمة هناك، والتي هزمت على أيدي أسرة آل الرشيد حكام مدينة حائل المنافسة في نجد واضطر للنزوح مع أسرته وهو في العاشرة من عمره.
ووالده عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود آخر حكام الدولة السعودية الثانية، ووالدته هي سارة بنت أحمد الكبير بن محمد بن تركي بن سلمان السديري.
وفي كتاب “أمة في رجل” يقول عبد الله بن عبد المحسن التركي إن الحكاية بدأت بخروج الأمير “عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود” من الكويت على رأس حملة صغيرة من 60 رجلا من أقاربه وأنصاره صوب الرياض لينجح في السيطرة عليها، فبايعه أهلها في 15 يناير/كانون الثاني عام 1902. وفي سبتمبر/ أيلول عام 1904 انتصر عبد العزيز على قوات آل الرشيد (حكام إمارة حائل) في موقعة الشنانة، لينجح في السيطرة على القصيم وبسط سلطانه على أغلب نجد.
وفي عام 1912 تم تأسيس حركة “إخوان من أطاع الله” التي تعتمد في عقيدتها على الوهابية والتي نمت بسرعة ووفرت دعما رئيسيا لآل سعود.
وهي حركة تشكلت من أبناء القبائل البدوية الذين اختاروا الانضمام إليها والعيش في الهجر بعيدا عن قبائلهم وتحالفوا مع عبد العزيز آل سعود وساهموا في غزواته قبل أن يختلفوا معه في النهاية.
الإحساء وعسير والحجاز
وفي عام 1913 زحف عبد العزيز بقواته صوب الإحساء ونجح في انتزاعها من العثمانيين.
وفي عام 1921 نجحت حملة سعودية بقيادة الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود في السيطرة على عسير.
وفي سبتمبر/أيلول عام 1921 استطاع دخول حائل المعقل الأخير لآل الرشيد، ليبسط سلطته تماما على نجد. وفي نفس العام أطلق عبدالعزيز على نفسه لقب سلطان نجد.
وفي ما يتعلق بالحجاز فقد كانت علاقته متوترة بحاكمها الشريف حسين بن علي، وقد نجح جيش آل سعود في دخول الطائف ومكة عام 1924 ولكن جدة صمدت أمام حصار قواته حتى 17 ديسمبر/ كانون أول عام 1925.
وفي عام 1926 تمت مبايعة عبدالعزيز ملكا على الحجاز في المسجد الحرام بمكة، ليصبح لقب عبد العزيز ملك الحجاز وسلطان نجد ليستمر ذلك حتى 23 سبتمبر/أيلول عام 1932 عندما تم إعلان قيام المملكة العربية السعودية.
إرساء دعائم الدولة
بسبب الظروف الدولية والتي تتعلق بالوجود البريطاني على شاطئ الخليج العربي، اتجه عبد العزيز آل سعود إلى إرساء دعائم الدولة وتحديثها ليواجه بمقاومة من حلفائه “إخوان من أطاع الله”، الذين رفضوا وقف الفتوحات فحدث الصدام بين الطرفين.
فقد اعترف عبد العزيز آل سعود بحدود العراق والكويت والأردن وهو ما عارضه الإخوان. وقد أخذوا يهاجمون حدود العراق والكويت، وتحدوا السلطات بعد ضم الحجاز إذ اعتبر الإخوان أبسط الطقوس من مظاهر الوثنية فشرعوا في تحدي السلطة.
وقد رفض الإخوان الانصياع لأوامر عبد العزيز بالتوقف عن مهاجمة حدود العراق والكويت، فوقع صدام بين الطرفين في الزلفى في مارس/آذار عام 1929 حيث هزم الإخوان وانسحبوا للكويت حيث استسلموا للقوات البريطانية.