إيناس مقلد – الوكالات:
أعلنت الولايات المتحدة من جانب واحد أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران دخلت مجددا حيّز التنفيذ وحذّرت من «عواقب» عدم الالتزام بها، في خطوة اعتبرت قوى عديدة، بما في ذلك حلفاء واشنطن، أنها تفتقد أساسا قانونيا.
كما قوبل إعادة تفعيل ما يطلق عليه آلية «سناب باك» التي أُعلنت الشهر الماضي بتنديد من طهران، التي دعت باقي دول العالم إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة تحرّكات واشنطن «المتهورة».
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان يوم السبت: «اليوم، ترحّب الولايات المتحدة بعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة تقريبا التي ألغيت في السابق على جمهورية إيران الإسلامية». وأوضح أن العقوبات دخلت حيّز التنفيذ اعتبارا من الساعة 20:00 السبت بتوقيت واشنطن (الأحد 00:00 ت ج).
وتعهّدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ«عواقب» تطول أي دولة عضو في الأمم المتحدة لا تلتزم بالعقوبات، على الرغم من أن واشنطن تبدو وحيدة في اعتبارها أن العقوبات مفروضة.
ورُفعت العقوبات الأممية عام 2015 عندما وقّعت إيران الاتفاق الدولي الذي تعهّدت بموجبه بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر هذا الاتفاق الذي تفاوض بشأنه سلفه الرئيس باراك أوباما غير كاف وأعلن انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 وأعاد فرض وحتى تشديد عقوبات بلاده على إيران.
وحاليا، تصر الولايات المتحدة على أنها لا تزال شريكة في الاتفاق الذي انسحبت منه، وذلك بهدف إعادة تفعيل آلية «سناب باك».
وتعترض كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً على إمكانية استفادة واشنطن من هذا الوضع، وبالتالي لم يستجب مجلس الأمن للمسعى الأمريكي.
وأمس، صدر بيان مشترك عن البلدين الدائمي العضوية في مجلس الأمن -فرنسا بريطانيا- إضافة إلى العضو غير الدائم ألمانيا، جاء فيه أنه لا يمكن أن يكون لـ«إشعار (بومبيو) المفترض» «أي أثر قانوني».
كما اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن إعلان واشنطن يفتقد الأساس القانوني.
وقالت: «بحكم طبيعتها، لا يمكن لمبادرات وتحرّكات الولايات المتحدة غير الشرعية أن تحمل عواقب قانونية دولية بالنسبة إلى البلدان الأخرى».
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده خلال مؤتمر صحفي في طهران: «نتوقع من المجتمع الدولي وجميع دول العالم الوقوف ضد هذه التحرّكات المتهورة من قبل النظام في البيت الأبيض والتحدّث بصوت واحد».
وتعهّد بومبيو بأن يتم الإعلان خلال أيام عن الإجراءات التي ستتخذ بحق «منتهكي» العقوبات.
وأفاد: «إذا أخفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في القيام بواجباتها بتطبيق هذه العقوبات، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتنا الداخلية لفرض عواقب على الجهات التي تقف وراء هذه الإخفاقات وضمان ألا تجني إيران مكاسب من هذا النشاط المحظور من قبل الأمم المتحدة».
ويتوقع أن يتطرق ترامب إلى تفاصيل هذه الإجراءات خلال خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة غدا الثلاثاء، والذي يأتي قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر والتي يسعى للفوز بولاية ثانية فيها.
وندد بومبيو بشدّة بفرنسا وبريطانيا وألمانيا متهما إياها بـ«الانحياز إلى آيات الله» الإيرانيين. وفعّل في 20 أغسطس آلية «سناب باك» المثيرة للجدل. لكن إدارة ترامب تتصرف وكأنه أُعيد فرض العقوبات الدولية على طهران، فيما يواصل المجتمع الدولي التصرّف وكأن شيئا لم يكن.
وتشدد واشنطن على أنه تم تمديد الحظر على الأسلحة «إلى ما لا نهاية» وأن العديد من الأنشطة المرتبطة ببرامج إيران النووية والصاروخية باتت الآن هدفا لعقوبات دولية.
وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة: «لا شيء سيحدث»، مضيفاً أن الوضع «أشبه بالضغط على الزناد من دون انطلاق الرصاصة».
وندد دبلوماسي آخر بخطوة واشنطن «الأحادية الجانب»، قائلا إن «روسيا والصين ستراقبان بارتياح التداعيات المزعزعة للاستقرار بدرجة هائلة» للخلاف بين واشنطن وشركائها الأوروبيين.
وندد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي بالقرار. وقال: «من المؤلم أن نرى كيف يمكن لدولة أن تهين نفسها بهذه الطريقة، وتعارض بهذيانها العنيد باقي أعضاء مجلس الأمن الدولي». وأضاف: «قلنا جميعنا بوضوح في أغسطس إن ادعاءات الولايات المتحدة بشأن إطلاق سناب باك غير شرعية. هل واشنطن صمّاء؟».
لكن قد يتواصل ارتفاع منسوب التوتر في حال نفّذت الولايات المتحدة بالفعل تهديدها بفرض عقوبات ثانوية على الجهات التي لا تلتزم بالتدابير الجديدة بحق إيران.