يحمل نقش على لوح من الجرانيت قصة جفاف استمر سبع سنوات كف فيهن النيل عن الفيضان في دورته السنوية المعتادة في عهد الملك المصري القديم “زوسر”، وعلى الرغم من أن كاتب الأحرف الهيروغليفية في جزيرة سهيل النيلية قرب أسوان في جنوب مصر كان يعيش قبل أكثر من أربعمائة ألف عام، فإن مشاعر القلق إزاء جريان النهر بإيقاعه الطبيعي ليست أقل اليوم مما كانت عليه في الزمن القديم.
يوفر النيل لمصر 90% من مياهها العذبة، ويقول في ذلك “عبد الحارس محمد” البالغ من العمر 52 عامًا، والذي يسكن في أسوان ويعمل في نقل السياح بالقوارب النيلية أن “النيل ما بقاش يجيب منسوبه الأصلي في الزيادة الشتوية أو في الزيادة الصيفية، ما نعرفش إيه السبب”. ويقول المسؤولون أن نصيب الفرد من المياه العذبة سنويًا وصل إلى حوالي 570 مترًا مكعبًا أي ما يعادل 150 ألف جالون. ويعتبِر الخبراء أي دولة فقيرة مائيًا إذا قلت إمداداتها عن 1000 متر مكعب للفرد في العام، ويُلقي الخبراء باللائمة على عدة عوامل منها النمو السكاني، وتغير المناخ، والسد العملاق للطاقة الكهرومائية الذي تبنيه أثيوبيا على النيل الأزرق وتصفه السلطات المصرية بأنه تهديد لأمنها المائي، وتقول أثيوبيا إنها وضعت احتياجات مصر والسودان في الاعتبار في عملية بناء سد النهضة وعمليات الملء المقررة للخزان.
وفي الوقت الذي لا يزال من الممكن أن تجد مصريين الآن يشعرون بالتعاطف مع الملك “زوسر” في محنته، فإن الإجراءات التي اتخذها لمواجهة الجفاف لن تحظى بدعم كبير اليوم، فقد عمل الفرعون القديم بنصيحة “أمحوتب”؛ مصمم هرمه المدرج الشهير، بتقديم قربان لما كان المصريون يعتبرونه الإله الذي يتحكم في جريان مياه النيل “خنوم”، وفي هذا قال عالم الآثار المصري “زاهي حوّاس”: “ظلت مصر تعاني من المجاعة سبع سنوات، وقام الملك “زوسر” بتشكيل مجلس، وقال له “أمحوتب” علينا تقديم قربان إلى “خنوم”، لأن خنوم يتحكم في مياه النيل”، وأضاف “النيل هو روح مصر”.