الدعاء الدعاء.. للناس لا عليهم
بقلم الإعلامي/ سمير شهاب
“ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ”، حديث حسن.
فهل نتذكر وقت الإفطار أن لكل منا دعوة مستجابة؟ إذن أعد دعواتك لبقية شهر رمضان، ولا تنسى سائر المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات و الذين لم يخلقوا بعد.
عَن أبي هُرَيرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى المنبر فقال : آمين آمين آمين فقيل : يا رسول الله ما كنت تصنع هذا ؟ فقال : إن جبريل قال : رغم أنف من دخل عليه رمضان , ثم لم يغفر له.. ) [مسند البزار ].
فهذا مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمّن على كلام جبريل ، وهو أحرص ما يكون على هذه الأمة، إذن فهو صلى الله عليه وسلم يدرك فضل ومكانة ومنزلة هذا الزمان الشريف الذي يظلنا الآن.
ومن أعجب ما قرأت: كان الزَّمخشري مقطوعَ الرجل، فسئل عن ذلك فقال : بدعاء أمي ، ذلك أنى كنتُ في صِباي أمسكتُ عصفوراً وربطته بخيط في رجله، فجذبته، فانقطعتْ رجله، فتألمتْ أمي لذلك وقالتْ : قطع الله رجلك كما قطعتَ رجله ، فلما كبرتُ، وكنتُ في سفرٍ إلى بخاري لطلب العلم، سقطتُ عن الدابة، فانكسرتْ رجلي، ووجبَ قطعها .
ولا شكَّ عندي أنَّ أم الزمخشري، كحال أمهاتنا اليوم، عندما دعتْ عليه إنما كانت تدعو بلسانها لا بقلبها، وأنها لو عاشتْ حتى رأتْ رجل ابنها تُقطع وخُيِّرتْ لاختارتْ أن تُقطع رجلها هي ويسلم ابنها ، ولكن الدعاء سَهمٌ صائب، وقد يوافق ساعة استجابة .لهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “لا تدعوا على أنفسكُم ،ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لتُوافقوا من الله ساعة استجابة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
ومما يُروى في هذا الباب:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً يده مشلولة، فسأله عن سبب شللها ؟ فقال الرجل: شُلَّتْ بدعوة أبي عليَّ في الجاهلية، فقال عمر: هذا دُعاء الآباء في الجاهلية، فكيف في الإسلام ؟اتقوا الله في أولادكم، وخصوصاً الأمهات، لأنهن أسرَع للعن والدُّعاء على الأولاد بالسوء في حالة الغضب .إذا كسرتْ البنت أو الولدُ صحناً، قالت الأم: كسر الله قلبك ، ماذا لو وافقت ساعة استجابة، أصحنٌ يعدل قلب ابنتك؟ إذا أغضب الابن أمه، قالت له: أشقاك الله، ماذا لو وافقت ساعة استجابة، أشَقَاءُ محمد أو فاطمة يعدِل غضب ساعة؟ ولا داعي لسرد كل الدعوات، فجميعنا نعرفها، نسمعها في بيوتنا، وتصلنا أحياناً في بث مباشر من بيوت الجيران. المهم أن الفكرة وصلت .
علينا أن نعوِّد أنفسنا على الدعاء للأولاد لا عليهم، وما أحلاها من كلمات لو قلناها: أصلحك الله، ربي يهديك، شرح الله صدرك، وغيرها من الكلام الجميل الذي نعرفه ويفوتنا في ساعة الغضب أن نردده .