كتب: بهاء المهندس
يطرق الصحفي والكاتب محي الدين جاويش أسلوب القصة القصيرة من خلال مجموعته القصصية الأولى ” يُسرا ” الصادرة عن مؤسسة ” النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع” والتي قدمها شيخ النقاد العرب الكاتب الكبير فتحي العشري والمصدرة بإهداء إلى رائد القصة القصيرة الكاتب الراحل يوسف إدريس يطرق باباً تشكل كتاباته بها رؤية جديدة للأدب تجمع ببراعة وإمتاع بين القديم والحديث بدون إخلال أو تقصير ،
وتكشف المجموعة عن جوانب شخصية كثيرة اختزلها الكاتب في قصصه التي تحفل بنماذج لشخصيات كثيرة نعرفها ولا نعرفها شخصيات نعيشها وربما يعيشها الآخرون أيضاً فالقاص هنا مهووس بالإنسان وحالته بغض النظر عن انتمائه لزمان أو مكان فبذور قصصه من الواقع لكن الشخوص فيها من الخيال.
وتكشف المجموعة عن جوانب شخصية كثيرة اختزلها الكاتب في قصصه التي تحفل بنماذج لشخصيات كثيرة نعرفها ولا نعرفها شخصيات نعيشها وربما يعيشها الآخرون أيضاً فالقاص هنا مهووس بالإنسان وحالته بغض النظر عن انتمائه لزمان أو مكان فبذور قصصه من الواقع لكن الشخوص فيها من الخيال.
ويقول الكاتب الكبير فتحي العشري في تقديمه لـ ” يُسرا ” :”تعتمد أغلب قصص هذه المجموعة القصصية على الصدفة والمفاجآت والنهايات السعيدة والحزينة وتصور هذه القصص العودة للطفولة، وحميمية العالقة بين اإلنسان والحيوانات الأليفة والطيور والأغنام، وحب الريف والحقول، والمقارنة بين القرية والمدينة، والفارق بين الموت الطبيعى والقتل العمد، والتطلع إلى الصحراء والألشجار والنخيل، ومصادفة العواطف العابرة، ومرض التوحد، واإليمان، والخالص بالله”.
وفي بعض قصصه يفتح جاويش باباً جديداً ومختلفاً للخيال الجذاب المثير كما فعل في قصة ” بائع القبعات ” التي تسير في إطار سلس ومفاجئ وغريب في آن واحد حيث ترك المجال فيها للقارئ أن يعيش وأن يفسر مجريات القصة وخطها السردي الجديد نوعاً ما كما يدخل إلى نقاط بعيدة داخل النفس البشرية فيصف ببراعة مشاعر الفقد والحب والغياب والوحدة والخوف والأمان والغضب والصبر والحزن والسعادة ولم يدخل جاويش إلى أعماق النفس البشرية فقط بل واقتحم نفس الحيوان أيضا كما فعل في قصته ” قط ” التي أجاد فيها وصف مشاعر الحيوان وتفسيرها بصورة مثالية رغم بساطتها المفرطة.
وقد أبى جاويش في جميع قصصه أن يطلق أسماء على شخوص القصص فلا تجد إسماً لأي شخصية لأنه يرى أن القارئ هو البطل لذا يجد كل قارئ ذاته بين سطور المجموعة دون انسلاخها عن مجتمعها وهي الذات المخبأة بين مئات الأنفس الإنسانية الغنية والمنوعة كما يظهر القاص محيي الدين جاويش ممسكاً بناصية الأفكار والقضايا التي يطرحها في مجموعته” يُسرا” حيث يوقن بتأثير هذا اللون من الأدب في المتلقي ويكشف الكثير من العثرات والأمراض التي تلف الكثير من أبناء المجتمع.
ويبدو من مجموعة ” يُسرا ” القصصية أن الكاتب محي الدين جاويش يمتلك لغة وإحساساً جميلين إضافة إلى الموضوعية في الطرح كما أن قصصه تفتح آفاقاً وعوالم أرحب ناهيك عن حالات المفاجأة والذهول التي تشوب نهايات بعض قصصه مع فتح مجال التأويل ووضع القارئ بين خيار لأكثر من تفسير وهو نوع من المرونة أبداه جاويش ببراعة في مجموعته القصصية ” يُسرا” دون أن يفرض فهم محدد على القارئ حيث ان قصص المجموعة تنتهي على الورق لا لتسدل الستارة على أحداث القصة بل لتدخل نهاياتها في بدايات جديدة وآفاق أرحب.
الكاتب محي الدين جاويش نثر في مجموعته القصصية ” يُسرا” العديد من مشاكل النفس والمجتمع وامتشق قلمه وراح بمداده يصنع الكثير من اللوحات بأسلوب قصصي متميز ومشوّق حيث طرق معظم الأبواب التي تئن من معاناة وطرحها للنقاش والعلاج من خلال بعض النماذج التي اختارها في مجموعته التي بين أيدينا.
وصدر للكاتب محي الدين جاويش سابقاً كتاب ” صباحات الياسمين ” ضمن سلسلة كتاب الهلال وهو كتاب جامع لخواطر رومانسية ذات مغزى عاطفي وممارسة لصنع الكلمات الجميلة التي تنطق بالمشاعر الإنسانية الصادقة قدم فيها الكاتب بعضا من فيض روحه حسب مرئياته لتلك العاطفة داعياً القارئ للمشاركة في تأملها بل ومعايشتها فهو يعبر بأقصوصات خفيفة حيكت بحروف ناعمة عن تلك المشاعر والأحاسيس الساكنة في وجدان القارئ فكانت هذه الخواطر تعبيرا رائعا عنها مستندا على لغة تبتعد بهم عن عالم الواقع المكتظ بالزحام والضوضاء إلى رحابة الخيال الجميل عالم الأحلام والتأملات الشاعرية بلغة بسيطة سلسة مختصرة مليئة بكلمات تصلح للتعبير عن المعاني الجميلة.