تقرير كتبه: أحمد السيد
جسدت السياسات والخطط والبرامج الحكومية التي انتهجتها سلطنة عُمان منذ فجر النهضة عام 1970، مشاركة المرأة العُمانية في كافة المجالات، وساهمت التشريعات العمانية في إعطاء المرأة كافة حقوقها، وساعدها ذلك على قيامها بدور مهم في التنمية إلى جانب الرجل وتعزيز دورها الوطني في مختلف ميادين الحياة باعتبارها فاعلًا أساسيا في التنمية المستدامة.
وتعتبر سلطنة عمان سباقة في تمكين المرأة ومشاركتها الفعالة في أنشطة المجتمع لتحقيق مكاسب تنموية للبلاد، فقد تقلدت المرأة العمانية العديد من المناصب وشغلت مناصب مهمة في الدولة مثل وزيرة وسفيرة في عدة دول.
وقد ترجمت المراسيم السلطانية التى صدرت فى الثامن عشر من أغسطس 2020 اهتمام السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، بالمرأة فى التشكيل الوزارى الجديد، حيث منح الثقة السامية لثمانية نساء وإضافتهن فى التشكيل الجديد للجهاز الإدارى للدولة، الذى يضم 3 وزيرات (التربية والتعليم، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار، والتنمية الاجتماعية) و5 وكيلات لوزارات مختلفة، يحملن درجات الدكتوراة والماجستير، ويشكل ذلك أبعاداً واضحة ومهمة فى الاستمرار فى شراكة المرأة فى التنمية الشاملة والنهوض بالمجتمع، وتعكس ثقة سامية ويقيناً بأن المرأة العُمانية ستلبي النداء مجدداً لخدمة السلطنة وتواصل حضورها فى مختلف الأصعدة لبناء مستقبل عُمان.
كما يفتح للمرأة العمانية أبواباً وفرصاً جديدة ومشاركة مهمة فى تحقيق رؤية “عُمان 2040″، وقد شاركت منذ البداية فى صياغتها وتواصل اليوم العمل بخبراتها وعطائها المتجدد فى مرحلة مهمة جداً تتجه إلى المستقبل الزاهر.
لقد أصبحت المرأة العُمانية اليوم فى صدارة المشهد المحلى على مختلف المجالات التعليمية والصحية والاقتصادية والتنموية، وتشير الهيكلة الجديدة للجهاز الإدارى للدولة إلى دلالات واضحة، وفى مقدمتها أن النهضة العُمانية المتجددة تحتاج إلى تعميق مشاركة المرأة بشكل خاص فى مسيرة التنمية والبناء.
هذا وقد سجلت سلطنة عُمان كأول دولة خليجية تمنح المرأة مرتبة وزيرة وكان ذلك في 2003 حينما أصدر المغفور له السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه- مرسوما سلطانيا بإنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية وتعيين عائشة بنت خلفان بن جميل رئيسا لها.
وأكدت المرأة العمانية حضورها القوي وعطاءها الفاعل والمتميز في خدمة وطنها في مختلف مجالات العمل بما في ذلك المناصب العليا، كاعتلائها منصب الوزيرة والوكيلة والسفيرة حيث أصبحت حنينة بنت سلطان المغيرية، أول امرأة عمانية وعربية سفيرة للسلطنة في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وإلى جانب مشاركة المرأة العُمانية فى الجهاز الإدارى الجديد، فهى أيضاً سفيرة فى عدد من سفارات العالم، وعضوة منتخبة فى مجلس الشورى، وعضوة معينة فى مجلس الدولة، وتدير مؤسسات حكومية أخرى ومؤسسات مجتمع مدنى، كما أنها ضابطة وأكاديمية تعتلى المنابر وتدير دفة القيادة وتصنع وعياً جمعياً فى الجامعات.
كما أن للمرأة العُمانية دوراً مهماً فى القطاعين العام والخاص، حيث شهدت السلطنة زيادة فى عدد النساء العاملات فى القطاع الخاص بواقع ٤٢% من إجمالي القوة العاملة فى القطاع الحكومي و26.6% فى القطاع الخاص، وهو ما يؤكد أهمية النقلة النوعية التى حققتها المرأة العمانية فى مجالات العمل.
وهنا يمكن الإشارة إلى أبرز العُمانيات اللاتي تولين منصب “وزيرة” وهن:
رحمة بنت إبراهيم المحروقية: حيث أصدر السلطان هيثم بن طارق، مرسوما بتعيينها وزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وقد تولت المحروقية عدة مناصب في “جامعة السلطان قابوس”، وهي: مستشارة للدراسات العليا والبحث العلمي، ومديرة كل من “مركز البحوث الإنسانية”، و”مركز اللغات”، وأستاذة بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بين 1992 و2015
وقد أعدت ونشرت عدة أبحاث علمية، وشاركت في المؤتمرات والمحافل الدولية الخاصة بتعليم اللغة الانجليزية، ولها عدة كتب منها: “تدريس الأدب في سياق اللغة الانجليزية لغير الناطقين بها”، و”المرأة العمانية بين الماضي والحاضر”.
كما أصدر السلطان هيثم بن طارق مرسوما سلطانيا بتعيين ليلى بنت أحمد بن عوض النجار، وزيرة للتنمية الاجتماعية. وعملت النجار مستشارة لوزيرة التربية والتعليم للبرامج التعليمية ، وشغلت منصب رئيسة الاتحاد العماني للشطرنج، وهي أول امرأة تترأس اتحاداً للشطرنج على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وهي نائبة رئيس الاتحاد العماني للرياضة المدرسية ، وعضوة مجلس إدارة الاتحاد العربي.
كما استمرت الدكتورة مديحة بنت أحمد بن ناصر الشيبانية في منصبها في التشكيل الحكومي الجديد الصادر في 18 أغسطس 2020، كوزيرة للتربية والتعليم، وكانت قد حازت على المرتبة السابعة ضمن قائمة أقوى مائتي امرأة عربية لعام 2014، ونالت المرتبة الخامسة كأقوى امرأة لعام 2015، كما صنفت ضمن قائمة أقوى 10 نساء عربيات في القطاع الحكومي لعام 2016 بحسب “مجلة فوربس الشرق الأوسط”. ونالت “وسام عمان المدني من الدرجة الثانية” عام 2015 من قبل المغفور له السلطان السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه -.
وكانت عائشة بنت خلفان بن جميّل السيابية أول إمرأة يتم تعيينها وزيرة عام 2003 كرئيسة للهيئة العامة للصناعات الحرفية بمرتبة وزير، وتم اختيار السلطنة كرئيس لمنظمة المرأة العربية حتى عام 2019، كماعملت أيضًا في مجلس أمناء جامعة نزوى.
وتولت د. راجحة بنت عبد الأمير بن علي منصبها كوزيرة للسياحة بعد أن صدر مرسوم بانشاء وزارة السياحة، وتولت عدة مناصب حكومية بداية من عام 1972م حيث كانت أول عمانية تعمل في وزارة التنمية التي كان اسمها مركز التخطيط الاقتصادي ثم عينت وكيلة لشئون التنمية.
ثم كانت الدكتورة راوية بنت سعود بن أحمد البوسعيدية وزيرة للتعليم العالي عام 2004، والتي شغلت رئيسة مجلس “جامعة السلطان قابوس”، ونائبة رئيس “مجلس التعليم “، ورئيسة مجلس أمناء “كليات العلوم التطبيقية”.
وفي عام 2004 تم تعيين الدكتورة شريفة بنت خلفان بن ناصر اليحيائية وزيرة للتنمية الاجتماعية، وعملت في الوزارة حتى 2011 . نالت اليحيائية “جائزة المرأة العربية لعام 2008” عن دورها في المجال الاجتماعي الممنوحة من قبل “مؤسسة المرأة العربية”. وشغلت عضوية مجلس إدارة في كل من: “مؤسسة المرأة العربية” و”مجلس التعليم العالي” بين 2004 و 2011، وكذلك “مجلس البحث العلمي” بين 2007 و2011.
كما شغلت المهندسة عزة بنت سليمان بن سعيد الإسماعيلية منصب وزيرة التقنية والاتصالات بين 14 أكتوبر 2019 و18 أغسطس 2020.، في حين شغلت الدكتورة سعاد بنت محمد بن علي اللواتية منصب وزيرة شؤون الفنون بين 14 أكتوبر 2019 و18 أغسطس 2020، وكانت قبل تعيينها وزيرة تشغل نائبة لرئيس “مجلس الدولة” بين 2015 و2019 كأول عمانية تتولى هذا المنصب.
يبقى القول أن المرأة العُمانية تواصل تحقيق مكتسبات جديدة من خلال شغل المناصب الهمة في التشكيل الوزاري الجديد بما يمكنها من تحقيق إسهامات تشاركية مع الرجل في استدامة البناء والتنمية والنهضة العُمانية المتجددة.