إيناس مقلد – (أ ف ب):
لم يبدِ منفذ الهجوم على مسجدين فى نيوزيلندا الذى راح ضحيته 51 شخصا العام الماضي أي ندم أمس الإثنين بينما واجهه الناجون فى المحكمة حيث رووا شهادات مروعة عن وقائع الاعتداء. ولدى افتتاح جلسة الاستماع المخصصة لإصدار حكم فى قاعة المحكمة فى كرايست تشيرش، كشف المدعون عن التفاصيل المخيفة للهجوم الذى تم التخطيط له بدقة والذى كان المهاجم اليميني المتطرف برنتون تارانت يرغب خلاله «بقتل أشخاص أكثر مما فعل».
وفى أول مواجهة مباشرة مع المهاجم الأسترالي تحدّث الناجون عن الكيفية التى اضطروا من خلالها إلى الاختباء تحت الجثث وعن الغفران والتعايش مع صوت البندقية الآلية الذى لا يزال يتردد صداه فى آذانهم. ووسط إجراءات أمنية مشددة وبينما تمركز قناصة على الأسطح وسط المدينة، استمعت المحكمة إلى الكيفية التى فتح من خلالها تارانت، الذى كان مدججا بالسلاح، النار فى 15 مارس العام الماضي على رجال ونساء وأطفال، متجاهلا مناشدات المساعدة بينما قاد مركبته فوق إحدى الجثث أثناء انتقاله من مسجد إلى آخر.
وعندما رأى موكاد إبراهيم البالغ ثلاث سنوات وهو متشبث بساق والده، قتله تارانت «بطلقين ناريين تم توجيههما بدقة»، وفق ما أفاد المدعي بارنابي هويس المحكمة. وأقر تارانت بذنبه بتهم ارتكاب 51 عملية قتل و40 محاولة قتل وتهمة الإرهاب بعدما اقتحم مسجدين فى كرايست تشيرش لينتهي هجومه عندما أوقفته الشرطة أثناء توجهه إلى مسجد ثالث. ويتوقع محامون أن يكون المهاجم البالغ 29 عاما أول شخص يحكم عليه بالسجن مدى الحياة فى نيوزيلندا من دون إطلاق سراح مشروط.
وبقي المتهم الذى ارتدى ملابس السجن الرمادية فى قفص الاتهام وأحاط به ثلاثة عناصر شرطة صامتا وألقى نظرة بين فينة وأخرى حول القاعة بينما قدّم هويس ملخصا مخيفا للوقائع. وقال هويس إن المتهم «أقر بأنه دخل المسجدين بنية قتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص». وأفاد بأن المتهم «قال إنه كان يرغب بإطلاق النار على عدد أكبر من الناس وكان فى طريقه إلى مسجد آخر فى آشبورتون لتنفيذ هجوم آخر عندما تم توقيفه».
وتابع: «خلال استجوابه، أشار المتهم إلى هجماته على أنها (هجمات إرهابية)». وأضاف: «قال كذلك إن الهجمات كانت مدفوعة بقناعاته بأنه ينوي بث الرعب فى أوساط من وصفهم بـ(الغزاة)، بمن فيهم السكان المسلمون أو بشكل عام أكثر المهاجرين غير الأوروبيين». ورأت اللاجئة الصومالية البالغة 44 عاما عابدة عزيز علي جامع صهرها موسى الوالي أثناء إطلاق النار عليه، مشيرة إلى أنها لا تزال تعاني من الصدمة النفسية.
وقالت جامع: «أرى المشاهد وأسمع صوت إطلاق النار فى رأسي بشكل متواصل». وأضاف نجل ضحية آخر يدعى أشرف علي: «هناك صور فى ذاكرتي، مشاهد الجثث من حولي والدم فى كل مكان». بدوره أفاد إمام مسجد النور جمال فودة بأنه كان واقفا على المنبر و«رأى الكراهية فى عيون إرهابي تعرّض لغسيل دماغ» قبل أن يقول لتارانت إنه «لا داع لكراهيتك هذه».
واستمعت المحكمة إلى أن تارانت وصل إلى نيوزيلندا فى 2017 واستقر فى ديوندين (360 كلم جنوب كرايست تشرش) حيث أعد مجموعة من الأسلحة النارية ذات القدرة العالية واشترى أكثر من 7000 طلقة ذخيرة. وقبل شهرين على الهجوم قدم إلى كرايست تشيرش حيث استخدم طائرة مسيّرة فوق مسجد النور وصوّر المكان والأبنية بما فى ذلك المداخل والمخارج وسجّل ملاحظات مفصّلة عن التحرّك بين المساجد.
وغادر فى 15 مارس 2019 الموافق يوم الجمعة مقر إقامته فى ميوندين وتوجّه إلى كرايتس تشيرش مدججا بمجموعة من الأسلحة عالية القدرة كتب عليها إشارات إلى معارك تاريخية وحملت صور شخصيات صليبية وهجمات إرهابية وقعت مؤخرا ورموزا. وكدس ذخيرته فى مخازن أسلحته بينما ثبّت كاميرا على خوذته لتسجيل الهجمات وأدخل تعديلات على حاويات الوقود «لإحراق المساجد وقال إنه يتمنى لو أنه قام بذلك»، بحسب هويس.