بيروت – الوكالات: قال الرئيس اللبناني ميشال عون امس إن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت قد يكون ناجمًا عن «إهمال أو صاروخ أو قنبلة»، في وقت تُكثف فرق الإنقاذ جهودها للعثور على مفقودين لا يزالون تحت الأنقاض.
وقال عون خلال لقاء مع صحفيين في القصر الجمهوري في بعبدا: «ثمة احتمالان لما حصل، إما نتيجة إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة»، مشيرًا إلى أنه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «أن يزودنا بالصور الجوية كي نستطيع أن نحدد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ».
ورفض عون إجراء تحقيق دولي في الانفجار الذي أودى بحياة 154 شخصًا، وتسبّب بإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين بجروح، ودمّر أجزاء كبيرة من العاصمة.
وردًّا على سؤال صحفي عما إذا كان مطلب التحقيق الدولي «تضييعًا للحقيقة»، قال عون «أكيد.. لا معنى لأي حكم إذا طال، لأن القضاء يجب أن يكون سريعًا والعدالة المتأخرة ليست بعدالة».
ودعت جهات عدة بينها منظمات دولية في بيروت أبرزها «هيومن رايتس ووتش» ومنظمة «العفو الدولية» إلى إجراء تحقيق دولي لكشف ملابسات الانفجار. وأعرب ماكرون عن تأييده «إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الأمور أولاً ولمنع التشكيك».
وتجري الأجهزة القضائية اللبنانية تحقيقًا في الانفجار الذي قالت السلطات إنه ناجم عن تخزين 2750 طنًا من مادة نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 منذ ست سنوات. وكان العنبر يحوي ايضا «مواد ملتهبة سريعة الاشتعال وكابلات للتفجير البطيء»، بحسب بيان صادر عن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية.
وأفاد مصدر قضائي عن ارتفاع عدد الموقوفين على ذمة التحقيق إلى 21 شخصًا بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون. وبين الموقوفين، وفق ما قال مصدر أمني لفرانس برس، رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم.
وأوعز مصرف لبنان إلى المصارف تجميد حسابات سبعة من مسؤولي وموظفي المرفأ على الأقل، وصدر قرار قضائي بمنعهم من السفر.
ونفى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أمس وجود أي أسلحة تابعة لحزبه مخزنة في مرفأ بيروت، ردًّا على تقارير وتحليلات حول الموضوع منذ وقوع الانفجار الضخم.
وقال نصرالله في خطاب تم بثه مباشرة عبر محطات تلفزة: «أعلن اليوم نفيًا قاطعًا ومطلقًا وحاسمًا.. أنه لا شيء لنا في المرفأ، لا يوجد مخزن سلاح أو مخزن صواريخ أو بندقية أو قنبلة أو رصاصة أو نيترات على الإطلاق».
واعتبر أن اتهام حزبه بأي علاقة بالحادثة ينطوي على «مظلومية استثنائية».
ووصف نصرالله الانفجار بـ«الفاجعة الكبرى والمأساة الانسانية»، مقترحًا أن يتولى الجيش الذي ينظر اليه في لبنان كمؤسسة مستقلة ويلتف حوله اللبنانيون من الاتجاهات السياسية والطائفية كافة إجراء التحقيقات.
وحمل اللبنانيون مسؤولية الانفجار للسلطة الحاكمة التي انتفضوا ضدها قبل أشهر مطالبين برحيلها. واندلعت ليلاً مواجهات محدودة بين عشرات الشبان الغاضبين والقوى الأمنية في وسط بيروت.
ورأى عون امس أيضا وجوب إعادة النظر بالنظام القائم على التراضي بعدما أثبت أنه «مشلول» ويعيق تحقيق إصلاحات،. وقال للصحفيين: «نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية نظامنا القائم على التراضي بعد أن تبيّن أنّه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة».
ويقوم النظام اللبناني على المحاصصة السياسية والطائفية. ويصعب للحكومة اتخاذ أي قرار ما لم يحظ بتوافق.
في مرفأ بيروت، الذي أصبح أشبه بساحة خردة ضخمة بعد الانفجار الضخم، انهمك عمال إنقاذ منذ ساعات الصباح الأولى بمواصلة البحث عن مفقودين بين جبال من الأنقاض وأكوام الحبوب التي انتشرت في كل مكان في محيط الإهراءات المتداعية جراء الانفجار.
وتبحث فرق إنقاذ فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية في الموقع عن سبعة موظفين على الأقل كانوا يعملون في غرفة الإدارة والتحكّم في إهراءات القمح.
وتسبّب الانفجار بتشريد نحو 300 ألف شخص من سكان العاصمة ممن تصدّعت منازلهم أو تضررت بشدة، وفق محافظ بيروت مروان عبود.
وقدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) أن نحو مائة ألف طفل باتوا مشردين.
وتنهال على لبنان منذ الانفجار المساعدات الإنسانية والطبية من دول كثيرة حول العالم.