شعر محمد الشرقاوي الموجه للطفل في ديوان حكايات المساء
أ.د. محمد أحمد محمد حسن مخلوف
أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بأسيوط فرع جامعة الأزهر بأسيوط
التعريف بالشرقاوي:
هو محمد محمود محمد أبو العلا ، وشهرته محمد الشرقاوي.
وولد في الشراقوة ــ الأشراف ــ العقب ــ بني محمد ــ أبنوب ــ أسيوط .
يراجع : حكايت المساء لمحمد الشرقاوي ص 49 .
أعماله :
ــ عضو اتحاد كتاب مصر .
ــ محاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة .
ــ سكرتير نادي الأدب بقصر ثقافة الجيزة .
مقرر لجنة الشعر بمكتبة المعادي العامة .
يراجع : حكايات المساء ص 49
نتاجه الأدبي :
ــ له ديوان شعر غنائي بعنوان (رسالة حب ) وقد زودت هيئة قصور الثقافة مكتباتها من هذا الديوان وتمت مناقشته على القناة الثالثة المصرية ببرنامج منوعات ثقافية يوم 26 / 1/ 2009 على يد الناقد الدكتور / مدحت الجيار
ـــ ديوان شعر عمودي بعنوان ( مصر الخير والأمان ) وقد نال موافقة وزارة التعليم لتزويد مكتبات المدارس الإعدادية ، والثانوية العامة على مستوى الجمهورية بقائمة 2008 / 2009م .
ـــ له العديد من الأعمال تحت الطبع .
يراجع : حكايات المساء ص 50 .
من اللافت للنظر في ديون محمد الشرقاوي (حكايات المساء ) هو التصميم الفني الموسيقي في قصائد هذا الديوان ؛ لأن التصميم الفني الموسيقي في قصائد هذا الديوان قد جاء مرتكزا على جانبين : الجانب الأول هو استخدام الأبحر المجزوءة والجانب الثاني هو استخدام الأبحر السهلة ، والموحدة في التفعيلات وليست بالمركبة ، وهذه الجوانب هي التي تتناسب مع الأدب الموجه للطفل ؛ لأن الطفل يحب الأشعار القصيرة التي تناسب بنيته الفسيولوحية ، وتناسب بنيته العقلية .
خذ مثلا لذلك من هذا الديوان القصيدة التي بعنوان ( الرسام ) حيث يقول فيها محمد الشرقاوي :
” عاش رسام جواري
قي ديار خلف داري
أتقن الألوان حتى
نال من صدق انبهــــار
يرسم العمال قاموا
في بناء وازدهـــــار
يرسم الأطفال ساروا
بعد لهو لابتكــــــــــار
جاءت الأعمال تحكي
في جمال واقتـــــــــدار
ذلك االفلاح يجني
حولنا خير الثمــــــــار
ذلك الأستاذ يبني
من عقول في الصغـــــار
ذاك جندي بعزم
عاد يشدو بانتصـــــــار
هذه الأسماك تحيا
بين ماء في البحـــــــــار
إنه الموهوب حقا
قاد جيلا في المسار
نال حبا من فؤادي
نال تكريم الكبـــــــــــــار ”
حكايات المساء ص 4 ، 5
فهذه القصيدة من مجزوء بحر الرمل . وهو بحر قصير يناسب تفس الطفل في النشيد ، وفي التغني ، ويناسب تفكيره من ناحية التذوق .
ومن اللافت للنظر في ديوان ( حكايات المساء ) أن المعاني فيه واضحة وهذا الوضوح متناسب مع عقل التلميذ ، أو الطفل .
خذ لذلك مثلا في وضوح المعاني قصيدة محمد الشرقاوي في ديوان (حكايات المساء )التي بعنوان ( قال جدي ) :
” قال جدي ذات يوم
إن فعل االخير واجب
يجعل الددنيا أمانا
ساكنا كل الجوانـــــــــب
يمنع المكروه عنا
أينما الإنسان ذاهــــــب
قال جدي ذات يوم
خذ سلاح العزم صاحب
واجعل الأحلام طيرا
طائرا فوق الكواكـــــــب
حاور الدنيا بعلم
لا تكن يوما بغاضــــب
قال جدي ذات يوم
إن في الدنيا عحائـــــــب
من سعى دون اقتدار
عاش طول العمر كاذب
من تمنى المجد نوما
كيف يشاق المناصــــــب ؟ ”
حكايات المساء ص 6 ، 7
كن محمد الشرقاوي موفقا في هذه القصيدة الموجهة للطفل ؛ لأنه لم يستخدم التعقيد في المعاني ، أو الغموض فيها ولم يستخدم المعاني العميقة التي تفوق المستوى العقلي للطفل .
ومن اللافت للنظر في ديوان ( حكايات المساء )سهولة المفردات ، ويسرها . وهذه السهولة ، وهذا اليسر يتناسبان مع عقلية الطفل الذي وجه إليه هذا الشعر .
خذ لذلك مثلا قصيدة محمد الشرقاوي التي بعنوان ( أبي في العيد ) :
” أبي في العيد أعطاني
من الأألعاب أهداني
فكانت لعبتي تمضي
بلا خوف لإخواني
لأن الجود من طبعي
وفيه الحب عنواني
أنا في قريتي أحيا
على صدق وإحسان
لساني لم يقل شرا
إذا ما السوء يلقاني
ولم أحسد ولم أطمع
إذا ما العيش أشقاني
وأصغي نحو إرشاد
أنادي كل أقراني
سلاحي صادق حقا
بعزمي بعد إيماني
وأسعى راجيا نصرا
مدى عمري وأزماتي “
حكايات المساء ص 8 ، 9
فالمفردات هنا سهلة لأنها لا تحتاج إلى معاجم ، أو قواميس . ومن هنا جاءت مناسبة في توحيهها للطفل .
ومن اللافت للمظر في ديوان حكايات المساء أنه يعمق الوطنية لدى الطفل بحيث يجعل الطفل محبا لوطنه مصر ، وعاشقا لتراب مصر .
خذ لذلك مثلا قصيدة محمد الشرقاوي التي بعنوان ( هيا بنا ) :
” هيا بنا هيا بنا
نبني العلا في أرضنا
نسعى بإخلاص إلى
إعطاء ما في وسعنا
نحمي شعوبا قد أبت
الذل من أعدائنا
هيا بنا هيا بنا
فالنور في قرآننا
والخير فينا قادم
والعز في أعمالنا
والحب نهج بيننا
والعدل من أخلاقنا
هيا بنا يا إخوتي
فالنور في توحيدنا
لا ترتضي من فرقة
تقضي على أمجادنا
لا نرتضي بعض العدا
يمسون من أصحابنا “
حكايات المساء ص 12 ، 13
فهذه القصيدة ترقق قلب الطفل تجاه موطنه ، وبلده ، وتجعل الطفل مستشعرا قيمة الوطن ، وأهميته .
ومن اللافت للنظر في ديوان ( حكايات المساء ) تعميق حب التنافس في الخير بين الأطفال ؛ لأن الطفل يناسبه لفت نظره إلى التفوق .
خذ لذلك مثلا قصيدة محمد الشرقاوي التي بعنوان ( سر النجاح ) :
” سر النجاح هو الأمل
عيش الكرامة في العمل
حفظ البلاد رسالة
نسعى لها طول الأجــــــــــل
جاءت لنا خبراتها
في غير كبر أو جـــــــدل
سر النجاح عزيمة
تمحو التهاون والكسل
فنرى البعيد لنا دنا
والقصد قارب واكتمل
سر النجاح بسعينا
والسعي باق ما رحل
من لم يخف جرحا أتى
قد صار في أرضي بطل
من عاش ينظر للعلا
لم يخش من قمم الجبل “
حكايات المساء ص 14 ، 15
ومن اللافت للنظر في ديوان ( حكايات المساء ) لمحمد الشرقاوي وجود بعض الضرورات الشعرية :
فمثال تسكين المفعول به الثاني قوله في ص 7 :
( خذ سلاح العزم صاحب )
والصحيح صاحبا لكن الضرورة الشعرية باحت له ذلك .
ومثال ذلك قوله في ص 11 :
( لم أقابلهم شهور)
والصحيح شهورا لكن الضرورة قد أباحت له ذلك .
ومثال ذلك قوله في ص 18:
( نزرع الدنيا سلام )
والصحيح سلاما لكنها الضرورة .
ومثال ذلك دخول حرف الجر على حرف الجر في قوله في ص 18 :
( من على الأرض الخصام )
لأن من حرف جر ، وعلى حرف جر ، وحرف الجر لا يدخل على حرف الجر ، لكنها الضرورة الشعرية التي أباحت له هذا الدخول .
ومثال تسكين المفعول به ما ورد في قصيدة (رسالة في الهاتف المحمول ) ص 18 ، 19 حيث جاء في كل شطرة من الشطرات الثانية المفعول به ساكنا.
وكان ينبغي في قصيدة ( الطفل الأمين ) ص 24 ، 25 أن تكون القافية هاء مربوطة ، وليست بتاء مربوطة للضرورة الشعرية على الرغم من أن التاء المربوطة هي الصحيحة ، لكن الضرورة تبيح للشاعر أن يحولها إلى هاء مربوطة ساكنة ؛ لأنه يصعب على اللسان نطق التاء المربوطة وهي ساكنة ففي البيت الأول مثلا منها
( ماضيا نحو الحديقة )
قد كتبها الشاعر محمد الشرقاوي بتاء مربوطة وهذا هو الصحيح ، لكن الضرورة االشعرية تحتم أن تتحول التاء المربوطة إلى هاء مربوطة ساكنة فيقول :
( ماضيا نحو الحديقه )
وقس على ذلك كل الأشطر الثانية من هذه القصيدة.