من المقاصد الإيمانية والتربوية لشعيرة الأضحية
بقلم الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
إذا كانت التربية عبر العصور تستهدف بناء الإنسان الصالح النافع لنفسه ولوطنه وللإنسانية؛ فإن الأضحية بكل معانيها ومقاصدها الإيمانية والتربوية تسهم في تربية الإنسان الصالح والمجتمع المتصالح المتكافل المترابط المتعاون… ونشير فيما يلي إلى عدد من من المقاصد التربوية للأضحية:
• الرحمة والإحسان بالحيوان الأعجم، ممثلا في الذبيحة، وتتجلى في طريقة ذبح الأضحية ومعاملتها برفق ورحمة، كما علمنا رسولنا (صلى الله عليه وسلم)، بأن نحد شفرتنا، ونُرِيح ذبيحتنا، ولا نُرِيها المُدْيَة “أي السكين”، حيث قَالَ: (… وإذا ذَبَحْتُمْ فأحسنوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)( أخرجه النسائي في سننه).
• الرحمة والإحسان إلى كل إنسان: وإذا كنا مأمورين بالرحمة والإحسان إلى الأضحية، فمن باب الأولى أن نكون رحماء ببعضنا البعض وبأنفسنا وبكل الناس.
• الرحمة والإحسان بالفقراء والضعفاء: فيجب علينا أن نحنوا على الضعفاء وأصحاب العاهات، وذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية حوائجهم، وتحصيل البركة بدعائهم، وإدخال السرور عليهم فرسولنا (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن: (مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)( أخرجه مسلم في صحيحه).
• الرحمة والإحسان إلى الأطفال: بإدخال البهجة على الأطفال بوسائل الترفيه المباحة شرعًا والتي تتناسب مع ظروف الجائحة التي نحياها حاليا؛ حتى يعم الفرحُ والسرورُ، دون ضرر ولا ضرار.
• الرحمة والإحسان إلى الطبيعة، فيجب علينا أن نكون رحماء ورفقاء بشتى مفردات الطبيعة والكون (إنسان- حيوان – نبات – حتى الجماد)، ومن ثم يجب أن نأخذ كل الاحتياطات والاحترازات الصحية التي تعلنها الجهات المعنية عن معايير وطرق وآليات وإجراءات ذبح الأضحية، وتطبيقها بمنتهى الدقة والأمانة، حفاظا على المواطنين، وحتى لا تكون وسيلة لنقل العدوى بدلا من أن تكون وسيلة للسعادة والإسعاد.
• استثمار شعيرة الأضحية لتعليم أولادنا ثقافة التضحية والعطاء والبذل والحنو على الفقراء والضعفاء ومن ثم غرس ثقافة الحب في قلوبهم وفي قلب المجتمع.
وفي هذا الوقت الحرج من تاريخ الإنسانية حيث جائحة كورونا وتداعياتها والتي أثرت بشكل كبير جدا على عجلة الحياة، وتعطلت مصالح كثير من الناس وارتفعت نسبة الفقر والحاجة لدى قطاع من الناس، ومن ثم أدعو الأثرياء إلى التوسع في أضاحيهم هذا العام، وبذل معظمها للفقراء والجائعين وغيرهم من الضعفاء والمساكين..
ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي والسخاء وبذل الصدقات والهدايا، وإطعام الطعام، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ)(أخرجه ابن ماجة في سننه) . ولنعلم أن العطاء والسخاء وقت شدة الفقر والجوع والعوز والحاجة أكثر ثوابا وأرجى قبولا، ورافعا لدرجات العبد يوم القيامة..
فطيبوا بها نفسًا وأخلصوها لله رب العالمين. وكل عام وحضراتكم بألف ألف خير. وبالله تعالى التوفيق.
***