كتبت: إيمان عوني مقلد
حثّ وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أمس الخميس السلطات اللبنانية على الإسراع في تنفيذ إصلاحات «طال انتظارها» خلال زيارة لبيروت، هي الأولى التي يجريها مسؤول أجنبي رفيع منذ أشهر للبلد الذي يأمل الحصول على دعم خارجي يُنقذه من دوامة الانهيار الاقتصادي.
والتقى لودريان، الذي وصل مساء الأربعاء إلى بيروت في زيارة تستمر يومين، أمس الخميس كلا من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال لودريان في مؤتمر صحفي، بعد لقائه نظيره اللبناني ناصيف حتي، «هناك أفعال ملموسة طال انتظارها»، وأضاف: «من الملح والضروري اليوم السير عملياً على درب الإصلاحات، هذه الرسالة التي جئت أحملها إلى كل السلطات اللبنانية ومجمل القوى السياسية».
وأوضح أن «فرنسا مستعدة للتحرك بشكل كامل وأن تحشد كل شركائها، لكن يجب تنفيذ إجراءات تصحيح جدية وذات مصداقية». وكرر لودريان ما كان قاله سابقاً هذا الشهر «ساعدونا لكي نساعدكم»، قائلاً إن هذا هو شعار الزيارة لبيروت.
وتأتي زيارة لودريان في وقت يشهد لبنان الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخه الحديث. ولم توفر تداعياته أي طبقة اجتماعية، وخصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب في تآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءا من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريبا يعيشون تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المائة.
وفي مارس، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمداً على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة، لكن بعد جلسات عدة بين ممثلين عن الطرفين، لا تزال المفاوضات تراوح مكانها. وكان المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا وضعت شرطاً لتقديم أي مساعدة مالية للبنان يتمثل في تنفيذ إصلاحات جدية على الأرض.
وأكد لودريان أنه «ليس هناك حل بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي للسماح للبنان للخروج من الأزمة، وخصوصاً عبر التنفيذ الفعلي للتدقيق في مصرف لبنان »، مشدداً على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد، التي شهدت تباينات بين المفاوضين اللبنانيين أنفسهم، إن كان على حجم الخسائر المالية أو إصلاح القطاع المصرفي. وأعلنت الحكومة اللبنانية الأسبوع الحالي تعاقدها مع شركة «الفاريز ومارسال» للتدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان.
وتطرق لودريان بشكل أساسي إلى قطاع الكهرباء، الذي كبّد خزينة الدولة اللبنانية أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). وقال: «أقولها بوضوح ما تم حتى الآن في هذا المجال ليس مشجعاً». ويطمح لبنان إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس في 2018 مشترطاً إصلاحات.
ويعتمد لبنان في مفاوضاته مع الصندوق على خطة تقشفية أقرتها الحكومة نهاية أبريل وتمتد خمس سنوات، إلا أنها لاقت انتقادات من أطراف سياسية عدة كما من المصارف، التي يعود إليها القسم الأكبر من ديون الدولة.