كتبت: إيناس مقلد
فى ختام قمة ماراثونية استمرت أربعة أيام وسادها توتر شديد، توصل القادة الأوروبيون الـ27 أمس إلى خطة تاريخية لدعم اقتصادات دولهم المتضررة جراء وباء كوفيد-19, تمول لأول مرّة بواسطة دين مشترك.
وتم الاتفاق على الحزمة البالغة قيمتها الإجمالية 750 مليار يورو بعد مفاوضات مكثفة وشاقة لوّح خلالها رئيس الوزراء المجري بفرض فيتو، وقاومت لاهاي وفيينا بعناد خطة شديدة السخاء بنظرهما، فيما رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون النبرة غاضبا.
وأعلن ماكرون خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية «تم تخطي مرحلة هامة» فيما رأت أنجيلا ميركل التى تتولى بلادها حاليا الرئاسة الدورية للتكتل أن الاتفاق «رد على أكبر أزمة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ إنشائه».
كما أثنى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مؤتمر صحفي منفصل على «خطة عظيمة لأوروبا» معتبرا أنها «خطة مارشال حقيقية».
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذى أشرف على القمة إن المفاوضات كانت «صعبة، فى لحظة بالغة الصعوبة لجميع الأوروبيين».
واستمرت القمة أكثر من تسعين ساعة، وكادت تتخطى الرقم القياسي التاريخي الذي سجلته قمة نيس عام 2000 التى خصصت لبحث إصلاح المؤسسات الأوروبية واستمرت حوالي 92 ساعة.
لكن برزت انتقادات إزاء حجم التنازلات المقدمة للتوصل للخطة، وخصوصا من الناشطة الشابة المدافعة عن البيئة جريتا تونبرج التى عبرت فى تغريدة عن الخيبة.
وكتبت «كما كان متوقعا فإن قمة مجلس الاتحاد الأوروبي أنتجت بعض الكلمات الجميلة وبعض الأهداف البعيدة المبهمة الناقصة التى من شبه المستحيل تتبعها، ونكران تام للطوارئ المناخية».
ودعما للاقتصاد الأوروبي الذى يعاني من ركود تاريخي، تنص الخطة على حزمة قدرها 750 مليار يورو يمكن للمفوضية الأوروبية اقتراضها فى الأسواق. ويتوزع هذا المبلغ بين 390 مليار يورو من المساعدات و360 مليار يورو من القروض.
وتمنح المساعدات للدول الأكثر تضررا جراء وباء كوفيد-19, وهي تمثل دينا مشتركا يتعين على الدول الـ27 سداده بصورة جماعية. أما القروض، فيتعين على الدول المستفيدة منها سدادها.
وتضاف الخطة إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي البعيدة المدى لفترة 2021-2027 والبالغة قيمتها 1074 مليار يورو توزع إلى 154 مليار يورو فى السنة.
والدين المشترك هو أول إجراء من نوعه يقره الاتحاد، ويقوم على اقتراح فرنسي ألماني اصطدم بمعارضة شديدة من قبل الدول «المقتصدة»، وهى هولندا والنمسا والدنمارك والسويد، وانضمت إليها فنلندا.
وأكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذى يتزعم الدول المقتصدة، فى ختام القمة أن هذا القرض المشترك لا يشكل بداية «اتحاد نقل» للثروات بشكل دائم من الشمال إلى الجنوب، وهو تحديدا ما حذر منه قبل المفاوضات.
وقال للصحفيين «إنها عملية موضعية تظهر ضرورتها بشكل جلي فى ضوء الوضع الحالي».
وهددت الدول «المقتصدة» لفترة طويلة بإفشال خطة النهوض الاقتصادي التى تستفيد منها بصورة خاصة دول الجنوب مثل إيطاليا وإسبانيا، وهى الدول الأكثر تضررا جراء وباء كوفيد-19 غير أن شركاءها الشماليين يعتبرونها شديدة التساهل على الصعيد المالي.
وللتغلب على هذه التحفظات، اضطر شارل ميشال إلى مراجعة اقتراحه الأساسي وتقديم ضمانات لها. فبعدما كانت برلين وباريس تدعوان إلى تخصيص 500 مليار يورو من المساعدات، تم تخفيض هذا المبلغ إلى 390 مليارا.
ورحبت مديرة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بالخطة معتبرة أنها «تظهر أنه عند الضرورة الماسة، يتدخل الاتحاد الأوروبي ويتكاتف لمساعدة الناس فى أوروبا».