كتبت: إيناس مقلد :
قالت مصادر سياسية لرويترز أمس الأربعاء إن رئيس الوزراء التونسى إلياس الفخفاخ تقدم باستقالته للرئيس قيس سعيد بعد خلاف قوى مع حزب النهضة الإسلامى الذي بدأ مساعى لسحب الثقة منه. ومن المتوقع أن يعين الرئيس سعيد شخصية أخرى فى الأيام القليلة المقبلة لتشكيل حكومة فى فترة لا تتجاوز شهرين.
وقالت وسائل إعلام تونسية، أمس الأربعاء، إن الرئيس قيس سعيد طلب من رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ وحكومته تقديم استقالتهم. ووفقا لعدد من المصادر التونسية فإن الرئيس التونسى طلب من الفخفاخ وحكومته تقديم استقالتهم، بعد تسلمه عريضة من مكتب البرلمان التونسى تطالب بسحب الثقة من الأخير.
ويأتى طلب رئيس الجمهورية من رئيس الحكومة الاستقالة فى وقت يتابع عموم التونسيين تطورات ملف تضارب المصالح للفخفاخ، حول صفقات ذات صلة بشركات يمتلكها أو يمتلك أسهما فى رأس مالها.
وقدم عدد من الكتل البرلمانية، الأربعاء، إلى مكتب ضبط مجلس نواب الشعب، لائحة سحب ثقة من الفخفاخ، وقعها 105 نواب عن كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وعدد من المستقلين. ويحتاج حزب النهضة, الذى له 54 نائبا، ما لا يقل عن 109 أصوات فى البرلمان لسحب الثقة، وهو ما يسعى للحصول عليه مع حليفيه فى البرلمان، ائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس.
وقال الفخفاخ خلال إجتماعه بممثلى المنظمات الوطنية فى البلاد، إن تونس لم تعد تحتمل مزيدا من الإرباك والمناورات السياسية، مشيرًا إلى ضرورة إنجاز الإستحقاقات الإجتماعية العاجلة بعيدا عن الصراعات الحزبية وبعد استقالة الفخفاخ، فإن القيام بالمشاورات لتشكيل حكومة جديدة تعود دستوريا لرئيس الجمهورية قيس سعيد.
وكان حزب النهضة فى تونس قد أعلن أمس الأربعاء أنه قرر سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، على خلفية إتهامات فى ملف تضارب مصالح، ما يزيد من إحتدام الصراع السياسى بين الطرفين ويؤشر لمشهد سياسى جديد.
وتتزامن الأزمة السياسية فى البلاد مع تصاعد الإحتقان والتوتر الإجتماعى خصوصا فى مناطق الجنوب التى تشهد إحتجاجات متواصلة تطالب بتأمين وظائف وقد خرجت البلاد للتو من تداعيات جائحة كوفيد-19 على الإقتصاد.
وقال حزب النهضة فى بيان الأربعاء إنه «يتبنى خيار سحب الثقة من السيد رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ويكلف رئيس الحركة راشد الغنوشي بمتابعة تنفيذ هذا الخيار بالتشاور مع مختلف الأحزاب والكتل والنواب بمجلس نواب الشعب».
وبدأ الموضوع يحظى بإهتمام واسع لدى الرأي العام فى تونس منذ صرّح الفخفاخ منتصف يونيو بأنّه يملك أسهمًا فى شركة خاصة تنشط فى مجال إعادة تدوير النفايات ووقعت عقدا استثماريا مع الدولة.
وتزداد الأزمة السياسية بين الفخفاخ والنهضة إحتدامًا بعد أقل من خمسة أشهر على بدء عمل الحكومة وقد لحقته شبهات فساد تحقق فيها لجنة برلمانية.
ونفى الفخفاخ فى نهاية يونيو إتهامات وجّهت إليه بانتفاع شركة يملك فيها حصصًا بعقد مع الدولة فيما كان فى السلطة، وأعلن فى الوقت نفسه «التخلّي» عن المساهمة فى تلك الشركة.
ويعتبر المحلل السياسي شكرى بحرية أن هناك إعادة تشكيل للتحالف الحاكم والذى تشعر النهضة بأنها «مهمشة» داخله. وفشلت النهضة التى حصلت فى إنتخابات أكتوبر الفائت على 54 مقعدا فى البرلمان، وهي أضعف حصيلة تحققها منذ 2011, فى الحصول على ثقة البرلمان لمرشحها لرئاسة الحكومة الحبيب الجملى مطلع 2020. وتدخل الرئيس التونسي قيس سعيّد آنذاك وفقا للدستور التونسي ورشح الفخفاخ الذى نال لاحقا ثقة البرلمان.
ويؤكد المحلل شكرى بحرية أن النهضة «قبلت مرغمة آنذاك لتتفادى إنتخابات جديدة» ويضيف أنها وأمام محور الفخفاخ وسعيّد وجدت نفسها فى وضعية لا تسمح لها بالحكم.
ووصف زياد كريشان المحلل السياسي فى راديو موزييك اف أم (خاص)، المشهد السياسى «بالسريالى»، معتبرا أن تونس تعيش وضعا «لا أحد يملك فيه زمام الحكم». ويؤكد المحلل بحرية أن عدم الإستقرار الحكومى «سيكون له ثمن سياسى» للنهضة. وتقول نسرين جلايلية عن منظمة «بوصلة» عن تقديم الإستقالة إن «هذا هروب إلى الأمام وان من شأن التجاذبات السياسية أن تزيد فى تأجيج الوضع الإجتماعى».