كتبت: إيناس مقلد :
على الرغم من قسوة الإجراءات التي فرضها قانون العقوبات الأمريكي «قيصر» ضد نظام بشار الأسد فى سوريا فإن خبراء أمريكيون يشككون فى إمكانية أن تؤدى هذه العقوبات فى نهاية المطاف إلى إنهيار النظام السورى،
وعلى الرغم من هذه التهديدات الجديدة يتوقع كثير من المحللين أن يصمد النظام أمامها؛ فعائلة الأسد إعتادت مثل هذه الصعاب، لذلك من الممكن أن يكون لدراما الأسد وصراعه مع خاله رامى مخلوف تأثير ضئيل فى نهاية الأمر. ويهدف «قيصر» الأمريكى إلى معاقبة الكيانات من أى جنسية، وإلى تراجع الدول من كل أنحاء العالم عن السعي لعقد صفقات إعادة إعمار وتطبيع العلاقات مع سورية. كما أنه يصعد من الضغط على الأسد للسماح بانتقال سلمى للسلطة، تدعو إليه الأمم المتحدة منذ عام 2015.
ويشعر بعض المحللين بالقلق من أنه من المرجح أن تلحق التكاليف الاقتصادية ضرراً بالمدنيين السوريين. ولتخفيف معاناتهم يسمح القانون بوقف العقوبات بالنسبة إلى المنظمات الإنسانية، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم حوالي 700 مليون دولار مساعدات إضافية، تشمل المناطق التي يسيطر عليها النظام. وتقول منى يعقوبيان من معهد السلام الأمريكي إنه من الممكن القيام بالكثير للتأكد من أن العقوبات تلحق الضرر بالنظام فقط. ويشمل ذلك ترشيد عملية الإعفاء من العقوبات بالنسبة إلى منظمات المساعدات، وتجنب العقوبات التي تعرقل عمليات إمداد المساعدات، وتقديم المزيد من المساعدات للاجئين فى لبنان حيث يوجد به ثانى أكبر عدد من النازحين السوريين فى العالم بعد تركيا. وعلاوة على ذلك لا يزال الأسد يتمتع بدعم إيران وروسيا، الدولتين اللتين ساعدتاه فى إستعادة معظم أنحاء سورية. وتقول يعقوبيان إن هذا قد يكفي لتجاوز العاصفة، مضيفة: «لا أعتقد أن هذه العقوبات كافية لإسقاط النظام… للأسف، إنها تعنى فقط المزيد من المعاناة للمدنيين العاديين». وفى ظل العقوبات الأمريكية التي تسبب عزلة لإيران، الحليف الرئيسى لنظام الأسد، وفى ظل الانهيار الإقتصادي الذي يجتاح لبنان، حيث يوجد ما قيمته 40 مليار دولار من الأصول السورية التي تعد حلقة الوصل الرئيسية بين سورية والإقتصاد العالمى، فإن الحكومة السورية فى حاجة ماسة إلى السيولة النقدية.
وكما أظهرت الحكومة من قبل فإنها لا تتوانى عن قمع المحتجين، وهو ما يمكن أن تفعله مرة أخرى لتجنب إندلاع ثورة جديدة فى خضم أزمتها المالية. كما يمكن للنظام التغلب على «قانون قيصر» عبر إستغلال النخب الوثيقة الصلة بها، وأمراء الحرب، والوسطاء المحليين لممارسة النشاط التجارى مع شمال البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون، والذى لا تنطبق عليه العقوبات، كما قال خضر خضور من مركز كارنيجى الشرق الأوسط.
ويقول رايم ألاف وهو خبير فى الشؤون السورية إن عدداً متزايداً من السوريين يعتقد الآن أن حكومة الأسد عاجزة عن تحقيق الإصلاح ويفضلون رحيلها. ولكن النظام لا يتساهل، وبدأ فى إعتقال المحتجين وتنظيم إحتجاجات مضادة.
وأقوى تهديد للنظام هو قانون حماية المدنيين فى سورية (قانون قيصر)، وهو قانون أقرة الحزبان الجمهورى والديمقراطى فى الولايات المتحدة وبدأ تنفيذه يوم 17 يونيو. ويفرض القانون عقوبات على أفراد عائلة الأسد، وكذلك على أي كيان فى العالم يستثمر فى المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ويتطلب إلغاء القانون وقف النظام هجماته الجوية ضد المدنيين، وأيضا وقف استخدام الأسلحة الكيماوية، والسماح من جديد لجماعات حقوق الإنسان بالوصول إلى جميع أنحاء البلاد، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والسماح للنازحين السوريين بالعودة إلى ديارهم، ومحاسبة المسؤولين عن إرتكاب جرائم الحرب.
وتقول الكاتبة كالي روبنسون فى تقرير نشرة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى إنه من أجل تعزيز خزائنها طالبت الدولة بمئات الملايين من الدولارات من قيمة الضرائب المتأخرة من الشركات التي حققت أرباحاً من وراء الحرب، بما فى ذلك شركات رامى مخلوف. وهذا الإقتصاد المرهق يقلق السوريين كما يقلق الحكومة؛ فأكثر من 80% من السوريين يعيشون فى براثن الفقر، وإنخفضت قيمة العملة السورية إنخفاضاً شديداً، من 700 ليرة مقابل الدولار فى يناير إلى 3500 ليرة في يونيو الماضي. وإندلعت الإحتجاجات فى المدن التى يسيطر عليها النظام -إذ من النادر أن يظهر المواطنون هناك أي اعتراض- وطالب مئات المتظاهرين بتنحى الأسد.