بلا مزايدات .. يطيب لى التأكيد على أن منطلق طرحى لأى قضيه خاصة مايتعلق بالإنتخابات البرلمانيه الأخيره الحرص على ترسيخ الحقيقه ، والتمسك بالحق ، وليس النيل من أحد ، أو التقليل من جهد أحد ، أو تسفيه واقعنا الحزبى ، أطرح رؤية وطنيه إنطلاقا من تخصصى الصحفى فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب ، الذى جعلنى أحد المحللين السياسيين ، ولأنه الوطن الغالى أتحدث حديث الصدق ، ثقة فى أن لدينا قاده محل تقدير وإحترام ، وأن متصدرى المشهد باليقين قد يكون قد خدعهم الإمعان فى النفاق ، وتصدير أن الرأى مايرى أصحاب القرار ، ومن دونهم من الجهال ، ومن أفهمهم أننا كشعب لانستحق أى إحترام ، أو نمعن فى الإنبطاح ، ونقبل بالذلة والمسكنه ، ونرتضى بما يجرى علينا ، دون إدراك أننا شعب عظيم ، وأمه ذا تاريخ وحضاره .
إنطلاقا من ذلك إنتهت الإنتخابات البرلمانيه لكن وقائعها ستظل عالقه فى وجدان الأمه ، تأثرا بتداعياتها ، بل إنها ستكون حتما جزءا من التاريخ يخضعه الخبراء للدراسه ، والتحليل ، لإستلهام العبر ، وتصويب المسار ، وسيظل ماجرى بها محل تقييم المتخصصين ، والباحثين ، وتندر العامه والبسطاء ، دون الدخول فى تفاصيل والتى يعرفها حتى الطفل الصغير ، نحن نستحق كمصريين أن يكون تعاطينا مع الساسه والإنتخابات أفضل من ذلك ، ونستحق أن يمثلنا نوابا ولدوا من رحم الشعب ، يعبرون بصدق عن معاناتنا ، وإدراك أننا مازلنا نمتلك عقلا رشيدا يميز مايحدث ، ويستهجن مايجرى ، ولسنا أبدا بلهاء بلا أى وعى أو إدراك ، نستحق ان يعاملنا من بيدهم مثل تلك الأمور على أننا شعب محترم يفهم ويعى ، وليس شعب أبله متخلف ، وحتى الذين ينافقوا ويصفقوا ويرسخوا لهذا الهزل يصفقون على مايدركونه من خيبه إعترت من ظن أننا بلا قيمه ، لذا كان إستنباطى للأحداث التى عايشناها يتسم بالعمق الشديد ، لذا جاءت النتائج كما توقعت كارثيه ، الأمر الذى معه حافظت فى حينه على كرامتى ، وإنسانيتى ، وتاريخى ورفضت الترشح بل وإبتعدت عن المشاركه فى أعمالها ، وآلمنى كثيرا هذا السقوط المدوى للأحزاب السياسيه ، والتى باتت تحتضر .
دلالة ماطرحته في هذا السياق أن رجلا نبيلا بسيطا من بلدتى أعطانى درسا لن أنساه ماحييت ، حيث أبدى تحفظا على حوارى عبر الهاتف على خلفية متابعتى لوقائع الإنتخابات ، وبعض الفعاليات السياسيه والحزبيه في هذا اليوم لها علاقه بالإنتخابات أيضا ، وذلك أثناء قيامه بتقليم الأشجار بحديقة الفيلا ، إبتسم الرجل النبيل ضاحكا ضحكه إستشعرت منه أنها ممزوجه بالتعجب من مخرجات الحوار قال أرجوك سامحنى ” ريح دماغك بتوع السياسه دول عالم فاضيه يتوع كلام ، إنت مش زيهم ، إنت طول النهار بتجرى بالمرضى على المستشفيات ، وبابك مفتوح للجميع كان الله في عونك ” ، هو فيه حد فيهم بيصحى الصبح يدور زى على يوميه ، دول قاعدين في إللى إسمه إيه الخامس ده .. دا أنا محتاس بعيالى عشان ياكلوا ويشربوا وهما بيغيروا لعيالهم كل سنه العربيه ” بس عشان خاطر النبى محمد قول للمحافظ صاحبك يخفض الأسعار ، أنا أكافح 24 ساعة على لقمة العيش ، لأوفر قوتا لأولادى ، وأشترى لهم الفطار ، والغداء ، والعشاء ، وأدبر مصاريف الدروس لإبنتى ، وفاتورة المياه بنت الـ ……. ، والكهرباء بنت الـ ……… ، ومصاريف المواصلات لإبنتى الأخرى حتى تذهب للجامعه بطنطا .. يابيه ربنا يصلح حالك إعمل معروف ، خلينا فى حالنا هما أحرار مع بعض ، وأحضر برتقاله من على الشجره وأعطاها لى قائلا خد البرتقاله دى وصلى على النبى . قال خطط ، وآراء ، وتصورات حسيت إن حد قالها لسيادتك حالا فى التليفون وأقسم وأنا على وضوئى مافاهم حاجه منهم . هذا الرجل المكافح البسيط أعطانى درسا بحق ، وجلست أمامه مذبهل سعيد بهذا المستوى من الوعى الذى وصل إلى عمق حياة البسطاء من المصريين ، شرد الذهن وأنا أستمع لهذا الرجل الطيب وكدت أقول ياساده ياكرام ، ياحملة الدكتوراه فى إرادات الشعوب ، ياأيها الساسه ياأصحاب شعارات بالله عليكم ليرفع كل منكم رأسه ، ولتحتضنوا أبناء هذا الشعب العظيم ولتجبروا بخاطره .
أدركت أن هذا المواطن وغيره كثر لايعنيهم المشهد السياسى ، ولامن يكون نائبا بالبرلمان ، إنما يعنيهم ويشغلهم لقمة العيش ، إلى الدرجه التي معها لايعرف أحدا منهم حتى أسماء الأحزاب لأن تلك الأحزاب نسيتهم ، ولم تستطيع الوصول إليهم رغم إحداث الضجيج ، بل إن تفكيرهم قد يكون قد توقف فى مرحله زمنيه معينه كانوا فيها يدركون العائد عليهم منها كمواطنين ، وذلك عندما قال لى يابيه متزعلش منى إنت عارف أنا بحبك بس أنا زعلان لأن سيادتك بقيت ساكت معدتش بأسمع صوتك عالى فى مجلس الشعب زى الأول أما كان صوتك عالى وبيجلجل وكنا بنفرح ونسقف وإحنا قاعدين قدام التليفزيون بنسمعك وإنت بتصرخ وتقول بسيون العظيمه . قلت له ياغالى أولا معدش فيه مجلس شعب أصلا فيه مجلس نواب ، وكمان أنا والله العظيم لم أعد عضوا فيه ، وأقسم بالله أنا مبقتش أروحه ومش رايحه تانى لو فضلنا كما قلت كدا ، القاعده معاك أحسن من القاعده هناك ، فضحك وقال ربنا يجبر بخاطرك .
يبقى من الأهميه أن نتوقف كثيرا وطويلا أمام كلمات هذا الرجل الطيب المنعزل عن كل العالم تأثرا بالبحث عن حياه كريمه له ولأسرته ، لأن لها مدلولات كثيره تستحق الوقوف أمامها بالتأمل ، وأن يتوقف الجميع أمام هذا الواقع المؤلم الذى تسبب فيما وصل إليه الحال بالمواطن ، وكذلك يجب أن ينتبه لنهج هؤلاء البسطاء المحللين ، ومتصدرى الإعلام الذى يهللون صباح مساء وكل الوقت ، على الفارغه والمليانه ، لكل شيىء وأى شيىء حتى لو تافه أو غير منطقى لهذا الفكر الجمعى الذى سيطر على فئه من الناس ، يخاطبون الناس بكلمات رائعه لكنهم لم يدركوا أن المواطن يوم أن تم تهميشه وجعله خيال ماآته فيما يتعلق بإختيار النواب كفربالسياسه ، وإعتزل الساسه ، وأعطى ظهره للإعلام ، لأن كل هؤلاء لم يسعوا للعمل على أن يتعايشوا همومه ، هذا المواطن البسيط فى تقديرى هو المعلم الحقيقى الذى صدر لنا أنه سيسير خلف من يحقق له السعاده والحياه الكريمه ، ويحقق له الأمن والأمان حتى ولو كان شيوعيا يكفر بكل الأديان . فهل يمكن أن ينتبه أصحاب القرار لذلك ، ويغوصوا فى أعماق ماطرحه هذا الرجل الذى أعطانى درسا فى الحياه .
خلاصة القول آن الأوان أن نتعايش مع هموم المواطن بجد خاصة وأن حوارات مرشحى البرلمان كشفت إلى أي مدى وصل مستوى الساسة ، حيث أعلن الفائزين بمقاعد الإعاده بالمرحله الثانيه للإنتخابات البرلمانيه ، وهذا أمر ليس بغريب بل كان متوقعا حتى من الذين لاعلاقه لهم بالسياسة ، أو بسطاء الناس ، رغم معاناتهم المعيشيه ، نظرا لرصدهم الواقع الدراماتيكى لتلك الإنتخابات ، وآلمتنى تلك الإنتخابات كثيرا كما آلمت قطاعا كبيرا من المصريين ، لأنها كشفت إلى أي مدى وصل مستوى الفهم الآن عند المرشحين وقادة الاحزاب ، تبقى النصيحه واجبه لهذا الحزب وحوارييه الذين يلقون كل الرعايه والعنايه ، أن يتوقفوا عن الضجيج ويدركوا أن الشعب يؤلمه ضجيجهم خوفا على الوطن ، بل إن ضجيجهم الذى أحدثه الأفراد المنتمين لهم الذين يعيشون مع بعضهم البعض كل الوقت ، في حاجه لإعادة نظر ، وعليهم وفورا أن يعيدوا حساباتهم فيما جرى فى تلك الإنتخابات .








