عفوا حزب مستقبل وطن ماهكذا يكون التعاطى مع النقد ، وماهكذا يكون التفاعل مع الأحداث ، وماهكذا يكون الأداء السياسى لقادة حزب يقود منظومة الأحزاب البالغ عددها 104 حزب ، وفى الصداره من كل تلك الأحزاب ، وماهكذا تكون البيانات من كيان حزبى رفيع ، تلك منطلقات وجدت من الأهمية البدء بها حيث أزعجنى بيان حزب مستقبل وطن كما أزعج كثر خاصة وأن هذا البيان يعكس النهج السياسى والمجتمعى للحزب ، رغم أنه يضم قامات رفيعه ، وشخصيات جديره بالإحترام ، لذا كان النقد الذى رصدته بحقه من كثر لاعلاقة له بشخوص متصدرى مشهده ، إنما بالأداء الذى يؤدونه ، وهذا نهج يجب أن يكون مقدر ومحمود ، وليس مجرم ومذموم ، لأنه ليس هناك أحدا فوق النقد ، وليس هناك أيضا أحدا معصوما من الخطأ لأننا بشر ، بل إن النقد أراه أمرا محمودا طالما إنطلق من غاية نبيله ، وهدف سامى . يبقى من الخطيئه إلصاق التهم بكل من يوجه نقدا لهم .
لاأجد غضاضه أن أوجه النقد وغيرى إلى النائب أحمد عبدالجواد أمين الحزب الذى يتصدر المشهد ، حتى وإن كان شخصه محل تقدير وإحترام وتوقير ، وقد يكون النقد قاسيا لكن سبقه الثناء على لغة خطابه الرائعه فى ديوان الأباظيه ، والتى إعتبرتها كمحلل سياسى وكاتب صحفى وبرلمانى تحول أكثر من رائع فى الأداء السياسى لرجل حديث عهد بالسياسه لذا إنتصر على نفسه ، الكارثه أن البعض بحزب مستقبل وطن إعتبروا ماطرحته من الطبيعى لأنه قياده ولدا زعيما كفؤاد باشا سراج الدين ، لذا لم يقبلوا بماتم توجيهه له من نقد حين إفتخر أن مرشحى حزب مستقبل وطن لم يخسر أحدا فيهم الإنتخابات فى الجوله الأولى ، وجميعهم بين فائزين ومن هم طرفا فى الإعاده ، وكانهم جميعا ذا شعبيه كاسحه وليس فيهم من هو بدون شعبيه ، وكأننى وغيرى من بلاد الواق واق لانعرف مستوى كل مرشح من ناحية الشعبيه وكيف سيكون موقفه لو ترك وحيدا يواجه منافسيه بلا هذا الدعم وتلك المسانده له والتى يعلمها القاصى والدانى ، كما أتعجب من الذين إمتعضوا عندما تم التنبيه لنظام الجلسه فى اللقاء الذى عقده مع ممثلى أحزاب القائمه الوطنيه لمناقشة الإستعداد للإنتخابات وذلك قبل ساعات من بدء التصويت فى المرحله الثانيه ، حيث جلس متصدرا الجلسه عن يمينه ويساره ترابيزتان تفصله عن من كانا على يمينه ويساره ، تجعله فى موضع الزعيم ، ووضع باقى الترابيزات أمام كل الحضور ، وهذا تصرف أراد به منظموه أن يصدروا فى الأذهان أنه زعيما .
إنطلاقا من ذلك أرى أن بيان حزب مستقبل وطن بشأن ماطال الحزب من نقد وهجوم بسبب الإنتخابات البرلمانيه ، يقلل من رصيد الحزب فى الشارع ، ويضعف موقفه عند المحللين السياسيين ، وراصدى الواقع الحزبى من الكتاب والمتخصصين وذلك عند التقييم ، بيان لم يحالف التوفيق من صاغه بتلك العبارات ، التى سحقت المصداقيه ، وعكست الفهم للواقع الحزبى ، خاصة ماوصفه البيان بالحملات الممنهجة التي تعرّض لها الحزب ومرشحوه خلال الأيام الأخيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي ، زاعما أن هذه الحملات تستهدف النيل من إستقراره والتأثير على صورته لدى المواطنين ، عبر ما وصفه بـ ” الشائعات المُغرضة ” ومحاولات إثارة الفتن داخل المجتمع .
توقفت كثيرا وطويلا بالتأمل والتحليل لما تضمنه البيان من أن ما يتعرّض له الحزب من هجمات إعلامية ومنشورات مُضللة هو جزء من تحركات تقودها – بحسب البيان – جماعة الإخوان الإرهابية وعناصر وصفها بـ”المشبوهة”، بهدف زعزعة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة ، ومن بينها المؤسسات الحزبية والمجتمع المدني ، وهذا يعكس طرحا غير منطقى ، وغير متوازن ، لأن فزاعة الإخوان باتت غير منطقيه ولاتجد أى صدى ، لأنهم تلاشوا من الوجود المجتمعى ، وباتوا فى ذمة التاريخ كيانا وأشخاص ، وذلك منذ أن أدرك الناس إخفاقهم حتى فى الفهم والوعى والإدراك والإداره ، حتى الذين ظنوا يوما أنهم أصحاب منهج ولديهم قضيه إذا بهم يكتشفوا أنهم أمام مجموعه من المصلحجيه ، ومانموذج قادتهم الذين إنقلبوا عليهم مثل النائب مختار نوح ، والنائب الخرباوى الذى تم تعيينه فى الشيوخ أخيرا مايؤكد ذلك ، بل إن مجرد إستدعائهم للمشهد من خلال طرحهم على هذا السياق أمر غريب وعجيب خاصة وأنهم باتوا فى عداد الموتى ، لأنهم بذلك يحاولون إعادة إنتاجهم من جديد ولو فى الأذهان ، يضاف إلى ذلك خطيئة الربط بين من وجه نقدا للحزب فى أى أمر ، وكارثية زعزعة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة ، ومن بينها المؤسسات الحزبية والمجتمع المدني .
رائع أن يؤكد حزب مستقبل وطن فى بيانه أن نهجه لم يتغيّر رغم تصاعد الحملات ضده ، مؤكدًا أن الرد الأنسب – من وجهة نظره – لا يتمثل في الدخول في سجال أو مواجهة مباشرة مع مروّجي الشائعات ، بل في الإستمرار في العمل الميداني وتقديم الخدمات ، ودعم جهود الدولة في الملفات الإقتصادية والإجتماعية والتنموية ، وكذلك شدد البيان على إلتزام الحزب بخوض أي منافسة إنتخابية مقبلة بـ”النزاهة والإحترام الكامل”، إنطلاقا من أن شعار الحزب سيظل قائمًا على مبدأ “مصر أولًا “، وأن المصلحة الوطنية تظل بوصلة العمل السياسي لجميع أعضائه ومرشحيه ، كما لفت الحزب إلى أنه سيواصل إصدار بيانات توضيحية خلال الفترة المقبلة من أجل مواجهة أي معلومات مغلوطة قد يتم تداولها ، مبرزًا أهمية الشفافية في التعامل مع الرأي العام والحفاظ على وضوح الصورة لدى المواطنين ، وهذا توجه محترم يجد لاشك قبولا لدى كل طبقات المجتمع المصرى حتى البسطاء ، لكن الغريب والعجيب أن الحزب إختتم بيانه بتناقض غير مقبول ، حيث أكد البيان على أنه فى الوقت الذى يرحب فيه الحزب بحرية التعبير وتعددية الآراء فى إطار من الإحترام والإيجابيه والنقد البناء ، لكن أكد على إعتزامه إتخاذ كافة الإجراءات القانونيه اللازمه فى حينه ، ضد مروجى الشائعات ، ومطلقى الحملات والأخبار الكاذبه ، وهذا توجه لايليق بحزب بحجم مستقبل وطن ، ولعله إنذارا حتى يخرص الجميع ولايتناولونه إلا بالمدح والثناء ، الأمر الذى معه لن ينتبه قادته لمواطن الخلل ونقاط الضعف فيجدوا أنفسهم أمام كيانى هلامى ينهار أمامهم لأنه فقد الحاضنه القويه والأسس السليمه لذا يتعين عليهم مراجعة مضامين هذا البيان ، تلك رؤيه أطرحها منطلقها الحرص على هذا الكيان الحزبى ومن فيه من الكرام ، قد لايأخذون بها ، أو حتى يلتفتون لها وهذا حقهم ، لكن عليهم أن ينتبهوا إلى أن الصدق كل الصدق ليس فى المديح والإيهام بأنهم جهابزه لم يخلق رب العالمين فاهمين فى هذا الكون إلا هم ، إنما فى التوضيح بغية الإنتباه .
