كتب: عبد الرحمن هاشم
أصدر الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لشرق المتوسط مساء اليوم بيانا اعتبر تعقيبًا على البيان الصحفي للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية جاء فيه:
يواجه العالم مرحلة حرجة بعد وصول عدد الإصابات بمرض كوفيد-19 إلى 10 ملايين حالة على مستوى العالم، وإلى مليون حالة على صعيد إقليم شرق المتوسط.
لقد تأخر انتقال المرض نسبياً في الإقليم، مقارنةً بالمناطق الأخرى حول العالم. ولكننا شهدنا زيادة مطردة في عدد الحالات منذ أوائل شهر أيار/مايو. وفي شهر حزيران/يونيو وحده، كان عدد الحالات المُبلَّغ عنها أعلى من إجمالي عدد الحالات المُبلَّغ عنها في الفترة بين كانون الثاني/يناير ونهاية أيار/مايو. ويشهد جميع بلدان الإقليم الآن حالات إصابة جماعية بالمرض أو انتقاله على مستوى المجتمع.
واليوم، تُشكِّل ثلاثة بلدان أكثر من 50% من إجمالي عدد الحالات المُبلَّغ عنها في الإقليم، وهي: إيران، والمملكة العربية السعودية، وباكستان. كما تتزايد أعداد الحالات المُبلَّغ عنها مؤخراً في العراق وليبيا والمغرب والأرض الفلسطينية المحتلة وعُمان. ويقع 87% تقريباً من إجمالي الوفيات المُبلَّغ عنها في خمسة بلدان، هي: إيران، والعراق، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وباكستان.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، بدأ الاستقرار التدريجي في عدد الحالات والوفيات في جميع أنحاء الإقليم، إلا أننا ما زلنا نتوخى اليقظة أكثر من أي وقت مضى.
ويشهد إقليمنا سياقاً فريداً من نوعه. فنصف البلدان تواجه حالات طوارئ إنسانية. وهناك الملايين من الناس يعيشون في مخيمات أو في أماكن شبيهة بالمخيمات. وتعرضت النُظُم الصحية للدمار نتيجة لسنوات من الحرب، وهناك نقص في أعداد العاملين الصحيين والإمدادات بالأدوية. ولا يزال وصول المساعدات الإنسانية إلى الناس في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة محدوداً، ونتيجة لذلك يموت الناس بسبب أمراض يسهل علاجها في الظروف العادية.
والآن، اجتاح مرض كوفيد-19 الإقليم، وانتشر الخوف والذعر بين الناس الذين يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون الفقر والجوع والمرض.
ولاحظنا أن انتشار هذا المرض كان أبطأ في البلدان المتضررة بالنزاعات، ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى مشكلات في الاختبار والإبلاغ، ولذلك نعمل على افتراض أنه منتشر على نطاق واسع. ورغم التحدِّيات الماثلة، لا يزال أمامنا فرصة لمكافحة انتشار المرض في هذه البلدان، ونعمل باستمرار على استعراض الاستجابة وتحسينها.
ونشعر بالقلق إزاء السكان الذين يعيشون في المخيمات والمعرضين لخطر شديد. ونتابع بعناية مع الشركاء والسلطات الوطنية الحد من التحركات الخارجية والداخلية، وتطبيق تدابير المكافحة الأخرى. وحتى الآن، لم تحدث أي فاشيات كبرى بين الأشخاص الذين يعيشون في المخيمات – ويمكن اعتبار ذلك نجاحاً – ولكننا نواصل توخي اليقظة التامة في هذه الأماكن.
فلدينا عدد كبير من العمال المهاجرين في إقليمنا، وفي بعض البلدان، نرى معدلات إصابة بأعداد كبيرة بين هذه الفئة المعرضة للخطر. ونتعاون مع الشركاء والسلطات الوطنية على ضمان حماية المهاجرين وتلبية احتياجاتهم.
إن إقليمنا الآن في مرحلة حرجة. وفي حين تبدأ البلدان في تخفيف القيود، هناك خطر حقيقي يتمثَّل في استمرار زيادة الحالات، حتى في البلدان التي يبدو فيها الوضع الآن مستقراً.
ونواظب على تنقيح الإرشادات التي تضعها المنظمة مع تطور الوضع، ونعمل عن كثب مع الحكومات والشركاء للحدّ من المخاطر الناجمة عن تزايد أنماط انتقال العدوى. ونحن على اتصال دائم بوزراء الصحة للوقوف على التحديات والاحتياجات، وبحث سُبُل زيادة الدعم. ولكن البيانات المحدودة المُبلَّغ عنها من العديد من البلدان تحول دون تمكننا من تكوين صورة كاملة عن الوضع الراهن، وتؤثر على قدرتنا على وضع توصيات راسخة قائمة على تحليلات مسندة بالبيّنات.
وبالرغم من التحديات العديدة التي نواجهها، هناك قصص نجاح ودروس مستفادة. فقد شهدنا قيادة سياسية قوية في بعض البلدان التي اتخذت تدابير استجابة مبكرة واستباقية، وتطبق نهجاً يشمل الحكومة بأكملها والمجتمع بأسره لإدارة الجائحة.
كما يضطلع مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي بدور قيادي في ضمان سرعة توصيل معدات الوقاية والإمدادات إلى أكثر من 100 بلد حول العالم، من بينها جميع بلدان الإقليم.
كما ساعدت البنية الأساسية لبرنامج مكافحة شلل الأطفال الإقليمي في دعم الاستجابة لمرض كوفيد-19، ويتولى البرنامج قيادة الاستجابة في بعض البلدان. وقد دفع فريق المنظمة لمكافحة شلل الأطفال ثمناً باهظاً نظير هذه المساهمة: فقد أُصيب أكثر من 200 عامل بمرض كوفيد-19، وتوفي منهم اثنان. ولكنهم رغم المخاطر، يواصلون العمل، مثلهم مثل العديد من العاملين الصحيين الذين يتحلون بالشجاعة والإخلاص في جميع أنحاء الإقليم وخارجه.
ودعوة المنظمة لبلدان الإقليم واضحة. الفشل ليس من بين الخيارات. يجب أن ننجح، ليس فقط في التصدي لهذه الجائحة، ولكن أيضاً في الاستجابة للمخاطر الصحية الأخرى التي يعاني منها إقليمنا منذ سنوات. فبعد مرور ستة أشهر على الاستجابة للجائحة، أصبح من الأهمية بمكان، أكثر من أي وقت مضى، أن يستمر تقديم الخدمات الأساسية، مثل برامج التمنيع وعلاج الأشخاص ذوي الحالات المرضية المزمنة والخدمات الصحية المُقدَّمة للأمهات والأطفال، دون انقطاع.
والطريق أمامنا طويل ومحفوف بالتحديات، ويعد دور الأفراد والمجتمعات المحلية بالغ الأهمية، أكثر من أي وقت مضى، في ظل شروع البلدان في رفع القيود. وكل قرار يتخذه شخص واحد يؤثر علينا بشكل جماعي، وقد تكون عواقبه غير قابلة للإصلاح. وتلتزم المنظمة التزاماً تاماً بتحقيق رؤيتها الإقليمية التي تتمثَّل في تحقيق الصحة للجميع وبالجميع. ونحتاج إلى رؤية التزامات وإجراءات وتضامن أكثر رسوخاً من جانب جميع الحكومات والناس، لكي نتمكن من تحقيق هذا الهدف.