بالأمس ضربت كفا بكف وإستشعرت حاجتى الشديده للتعايش مع الزمن الجميل زمن القامات الشامخه ، والعلماء وصنايعية السياسه ، زمن المهذب الدكتور مصطفى كمال حلمى ، والعملاق الدكتور فتحى سرور ، ومعالى الوزيرالمستشار فرج الدرى الفخر والعزه ، والوزير المايسترو كمال الشاذلى الذى ظلمناه ، والقيمه الكبيره الدكتور زكريا عزمى صاحب المقوله الشهيره الفساد فى المحليات للركب ، وذلك تأثرا بمستوى أداء أعضاء مجلس الشيوخ وتلعثمهم فى حلف اليمين ، وكارثة الخطأ فى تلاوة آيات من القرآن الكريم كتاب رب العالمين سبحانه ، والجهل بأبسط قواعد اللغه العربيه ، رغم منح النواب المخطئين أكثر من فرصة لتلاوة القسم ، ووصل الهزل منتهاه وكأننا فى سيرك حين دخل نائب الغربيه مجدى البرى فى نوبة من الضحك لتلعثم زميله الذى يجاوره فى الجلوس بقاعة مجلس الشيوخ أثناء تلاوة القسم الأمر الذى دفع به لتصويب الخطأ له وهو يضحك فى سابقه لم يتعايشها المتابعين للحياه النيابيه على مر العصور ، فكيف يمكن لهؤلاء أن يكونوا فاعلين في تحقيق إنجاز للعملية التشريعية بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة ، والذى لا يتحقق إلا فى وجود الخبراء والمتخصصين وأصحاب الكفاءات والخبره فى كافة المجالات ،
زلزل كيانى كأحد الصحفيين الرواد المتخصصين فى الشئون البرلمانيه سنوات طوال ، بل وفى سابقه برلمانيه سجلت مضابط البرلمان أننى كنت نائبا بالبرلمان ، وفى نفس الوقت صحفى متخصص فى الشئون البرلمانيه لذا كان لمارصدته فى الجلسة الإفتتاحية من إحراجٍ علني طال حتى المواطن البسيط ، له دلاله هامه مرجعها ، هذا التعثر الذى إعترى بعض الأعضاء في تلاوة القسم الدستوري ، وإضطرارهم لإعادة القسم ثلاث مرات تأثرا بهذا التلعثم البغيض ، وتلك الأخطاء الفادحه ، والذى يفتح الباب على مصراعيه لليقين بوجود مشكلة في المعايير التي يتم بمقتضاها إختيار أعضاء البرلمان ، واليقين بأن ماتابعناه تحت قبة مجلس الشيوخ ليس موقف عابر أو زلة لسان ، بل هو مؤشر على خلل جسيم غاص فى الوجدان ، فببساطه شديده إذا كان بعض الأعضاء لم يتمكّنوا من قراءة ثلاث جُمل من ورقة فى يدهم ، فكيف لهم أن يكون لديهم القدره على قراءة وإستيعاب مشروعات القوانين ، والدراسات العلمية وتلك التى ترصد واقع المجتمع ومايعتريه من خلل جسيم ، وتلك التشريعات التى تحتاج إلى قدرات خاصة ، وخبره قانونيه ترجع لأعوام من الممارسه والدراسه والفهم ، الأمر الذى معه كان لتلك الواقعه دلالات عظيمه ، خاصة وأنه تمخض عنها إشكاليات كبيره ، تجعلنى أقول بوضوح أن هذا الموقف المأساوى الذى تمخض عن كارثية فشل بعض النواب فى تلاوة القسم تحت قبة البرلمان والذى شهده على الهواء مباشرة كل شعب مصر لم يتسبب فيه النواب الذين أخطأوا وفقط ، بل تسبب فيه من رشّحهم وإختارهم ، فالمسئولية هنا لم تكن علاقتها شخصيه إنطلاقا من أخطاء النواب ، إنما طالت الجميع ، وإنعكست على منظومه ترشيح النواب نفسها وتلك الآليات التى إنطلقت منها الأحزاب فى إختيار النواب وتلك كارثه حقيقيه بحق .
ألف باء مجلس الشيوخ منطلق تأسيسه وكذلك نظام القائمه المغلقه الغايه منها كما أكد من أعدوها المساهمه فى الدفع بالخبراء ، وممثلى النقابات وممثلي رجال الأعمال ، والفاعلين الإقتصاديين على إختلاف تخصصاتهم ، إنطلاقا من توسيع القاعدة الديمقراطية ، وتعظيم أصحاب رؤوس الأموال المنتجه ، الذين يساهمون فى تنمية ودعم النشاط الإقتصادي والإجتماعي ، وكذلك إضافة نوعية للعديد من المناقشات التشريعية التي تصدر عن البرلمان ، وضمان زيادة التمثيل المجتمعي عبر أعضائه المنتخبين ، وتوسيع مساحة المشاركة وسماع أكبر قدر من الآراء في القضايا المجتمعية المختلفة . وذلك بغية تحقيق ضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة ، ومنح الكثيرين من أصحاب الخبرات الكبيرة من القامات المجتمعيه فى كافة المجالات فرصة للإستفاده بخبراتهم ، خاصة وأنهم لا يرشحون أنفسهم فى أى إنتخابات برلمانيه ، ولا يمارسون العمل السياسى فى الأحزاب ، لأنهم لايجيدون الهزل ، وليسوا فى حاجه لمواقع مجتمعيه متميزه ، بالمجمل أن فلسفة وجود مجلس الشيوخ أنه من المفترض أن يضم نخبة من النواب أصحاب الخبرة الواسعة ، والمهارات الرفيعة ، والثقافة العالية ، والوعي الكامل ، والقدرة على قراءة الملفات المعقدة والتعامل مع القوانين والتشريعات والإتفاقيات الدولية بحرفية وعمق ، لكن الحادث يؤكد ماتردد كثيرا ورصده المحللون والذى مؤداه بروز رأس المال السياسى الفاسد ، والدفع بشخصيات دون المستوى الثقافى والعلمى إنطلاقا من دفع الملايين ، وهذا لم يعد همسا بين الناس بل بات حديثا يؤكد عليه الجميع فى دوائر كثيره ، وبلدان عديده .
تلك الواقعه المأساويه فرضت تناول البرلمان بشقيه الشيوخ والنواب ، والذى باليقين لايعرف عنه أى أحد تفاصيل حتى النواب أنفسهم ، الأمر الذى معه أطالب بتدشين دورات تدريبيه مغلقه للنواب ليعرفوا مالهم وماعليهم وواجباتهم وحقوقهم ، وحتى ماذا يعنى البرلمان فى حياتنا المجتمعيه ، وواقعنا الحياتى ، خاصة وأن إستحداث مجلس الشيوخ ، برز بعد إستقرار الأوضاع فتجلت الحاجة إلى إدخال بعض التعديلات على الدستور المصري والتي تم إجراؤها عام 2019 ، لإثراء الحياة النيابية من خلال إعادة الغرفة الثانية للبرلمان ، كمنبر جديد من شأنه أن يعمل على الحد من هيمنة واندفاع الغرفة الأولى قصد مراقبتها والتحكم في توجهاتها، من حيث تليين النزاعات بين الغرفة الأولى والحكومة ، وتليين الديناميكية الديمقراطية بالغرفة الأولى وبناء منظومة تمثيلية تؤمّن توازنا أفضل في ممارسة السلطة والمراقبة ونجاح الوظيفة التشريعية من حيث ضمان العمل لبرلمان هادئ ومتوازن ، يبقى ماذا بعد هذا الذى رصدناه من تردى طال الأدائ البرلمانى ، هل سيتم التصويب ، وضبط عجلة الأداء ، أم أننا سنفاجىء بما يجعلنا نتألم على واقعنا النيابى ، ونتحسر على تاريخنا النيابى العريق .