أحدث وفاة مذيعة التليفزيون الإعلاميه عبير الأباصيري بمستشفى الهرم رحمها الله ، على أثر إصابتها بجلطة بالمخ ووفقا لشهود عيان سجلوا ذلك رسميا تم تركها حتى توفيت لأنها لم تدفع 1400 جنيه ثمن حقنة إذابة الجلطة .. هذا الحادث الجلل حرك المياه الراكده وكشف النقاب عن إهدار الدستور ، وكارثة تسعير العلاج بالمستشفيات ، وأن قرار مجلس الوزراء الذي ألزم جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض ماهو إلا فى يقين المواطن أنه للشو وليس له أى حقيقه من الواقع ، الأمر الذى دفع بوزارة الصحه إلى إصدار بيان رسمى أكد فيه الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان ، على حق كل مواطن في العلاج الفوري والمجاني في حالات الطوارئ ، دون أي شرط أو عائق مالي ، مشددا على أن غلق المستشفى الخاص والإحالة للتحقيق للمستشفى الحكومي ، عقوبة فورية لأي مستشفى خاص يطلب من المريض مقابل مادي للعلاج الطارئ .
بات من الأهمية تناول تلك القضيه المحوريه إنطلاقا من أن الدستور المصري نص في مادته الثامنة عشرة بوضوح على أن لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة ، وأن الدولة ملزمة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية ودعمها وتطويرها ، بجانب تجريم الإمتناع عن تقديم العلاج لكل مواطن خاصة في حالة الطوارئ ، وبالطبع فإن هذا النص الدستوري يرسّخ أن المواطن المصري لا يطلب منحة ، بل يمارس حقاً أصيلاً لا يقبل التفاوض أوالتسويف ، لذا كان من الطبيعى صدور قرار مجلس الوزراء رقم 1063 الصادر عام 2014 الذي ألزم جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض ، على أن تتحمل الدولة تكلفة هذا العلاج عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة ، وقد أكد وزير الصحة مراراً وتكرارا في تصريحات رسمية أن “حق المواطن في العلاج الفوري مقدس”، وأن أي مستشفى يرفض إستقبال مريض طارئ أو يشترط دفع مبالغ مالية سيتعرض للإغلاق الفوري والإحالة للتحقيق .
الدستور رائع ، وقرار مجلس الوزراء رائع ، وتصريحات الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحه بشأن تلك القضيه رائعه ، بل إن هذا الكلام فى هذا السياق رائع أيضا ، لكن الواقع للأسف الشديد يكشف عن مأساة حقيقيه ، فالمستشفيات الخاصة ، وحتى الحكوميه كثيراً ما تتذرع بعدم وجود آلية واضحة أو سريعة لتعويضها عن تكاليف العلاج ، فترفض إستقبال المرضى إلا بعد سداد مقدم مالي ، أو توقيع شيكات ضمان ، والنتيجة المباشرة لذلك هي ضياع الوقت الثمين ، الذي يساوي حياة إنسان ، الأمر الذى معه يضطر أهالى المرضى أو مرافقيهم تدبير المبلغ المطلوب من بعضهم البعض إنقاذا لحياة المريض ، ولنا في واقعة وفاة الإعلامية عبير الأُباصيري خير مثال ، فقد جاءت تلك الحادثة المؤسفة لتجسّد هذه الأزمة بكل أبعادها ، مريضة في حالة خطيرة تحتاج إلى تدخل عاجل وطاريء ، مستشفيات مترددة تتعامل بمنطق “الفاتورة أولاً”، وزارة صحة تؤكد في الإعلام أن العلاج مجاني لكن دون أن تضع أو توضح آلية تنفيذية سريعة وفعالة ، وأسرة مكلومة تفقد عزيز لديها كان من الممكن إنقاذه .
يقينا .. تلك الواقعة ليست مجرد حالة فردية ، بل صورة صارخة لمئات الحالات اليومية التي لا تصل للرأي العام بل إننى أدركها فى جميع المستشفيات التابعه لوزارة الصحه بالغربيه بحكم الإقامه ، والتواجد ، والممارسه السياسيه ، والواجب المجتمعى تجاه أسيادنا المرضى ، الذين لولا مستشفيات جامعة طنطا وأطبائها العظماء ، وقادتها الافاضل ، لشهدت محافظات الدلتا وليس الغربيه فقط كارثه محققه ، ولتفاقم الصدام بين أهالى المرضى والأطباء ليس إنطلاقا من تقصير منهم إنما كثر منهم يؤدون واجبهم المهنى ، والإنسانى على أفضل مايكون ، لكن إنطلاقا من عدم تطبيق القرارات ، التى تعظم ضرورة إستقبال المرضى وفورا وإنقاذ حياتهم ، التى جميعا صدم الرأى العام عندما أدرك أنها حبر على ورق .
أدركت كما أدرك كل المصريين تلك الحاله من اللخبطه التى إنتابت الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحه ، وقيادات الوزارة فى التعاطى مع كارثة الزميله الإعلاميه عبير الأباصيري رحمها الله ، تمثل ذلك فى محاولة الوزير تبرأة قيادات مستشفى الهرم ، وتصدير أنهم أدوا واجبهم ، ثم التأكيد على كل المستشفيات بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 1063 الصادر عام 2014 الذي ألزم جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض ، ثم الإعلان عن محاسبة شركتى الأمن والنظافه بمستشفى الهرم على خلفية وفاة الإعلاميه عبير الأباصيرى ، ويقرر إلغاء التعاقد معهم ، وكأن الأمن منوط به الرعاية الصحيه للمرضى ، بدورها كشفت سوزان عباس المعدة بالتليفزيون المصري ، عن تفاصيل رحيل المعدة عبير الأباصيري، حيث كتبت عبر حسابها بموقع فيس بوك قائلة : “بعد مرور ثلاث ليالي على رحيل زميلتنا عبير الأباصيرى آن الأوان لفتح ملفين من أخطر الملفات ، وأعلم أنهم سيجلبون لي مشاكل كثيرة ، ولكني منذ وعيت على هذه الدنيا وأنا لا بيهمني ولا يعنيني ماذا سيحدث لي إذا قلت الحق طالما الله سخرني ودفعني دفعا لقوله، فهو حافظي وهو يحميني”. واضافت أن مستشفى الهرم بكل جحود وانعدام ضمير وقسوة رفضت علاجها إلا بعد دفع 1400 جنيه لإذابة الجلطة وبداية العلاج ، ومن الواضح أنها لم يكن معها هذا المبلغ ، وتابعت سوزان عباس : “مستشفى الهرم رموها أكثر من ست ساعات في الاستقبال بلا أي علاج، وهذا ما أدى إلى تدهور حالتها ووصولها إلى الغيبوبة ، طبعا الأعمار بيد الله والشر بيد البشر، ولكن أين قرارات رئيس الوزراء أين قرارات وزير الصحة أن أي مستشفى لو كانت خاصة تستقبل أي حالة وتسعفها قبل دفع أي جنيه، وخاصة أنها إعلامية معروفة ولها وزنها وليست حالة حادث على طريق لم يعرف له هوية أي دين وأي ملة وأي شرع وأي ضمير مهني يقول إنها تترمي أكثر من ست ساعات بلا علاج وهي عندها جلطة في المخ”.
يبقى أننا أصبحنا أمام أمر محير مؤداه إما أن تكون سوزان عباس المعدة بالتليفزيون المصري ، صديقة الإعلاميه عبير الأباصيرى غير صادقه عندما إتهمت مستشفى الهرم بالتسبب فى وفاتها ، وزعمت أن المستشفى رفضت علاجها قبل أن تدفع 1400 جنيه لإذابة الجلطه ، ولم يكن معها هذا المبلغ فمكثت فى الإنتظار أكثر من 6 ساعات بدون علاج ، فدخلت فى غيبوبه ولفظت انفاسها الأخيره ، فيتعين عليها الإعتذار للرأى العام ، وللوزير ، وإدارة المستشفى ، وكل الحكومه ، بل وللشعب المصرى ، وإن تمسكت بما قالت به وأكدت عليه وأثبتته ولو بشهود عيان ، يتعين أن نلمس قرارات شديده من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ، تحافظ على صحة المصريين ، وتقضى على تلك الحاله من الترهل فى الأداء الذى طال قطاعات كثيره لها علاقة بصحة المصريين ، وأن يتمسك الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحه بتطبيق قراراته ، وتفعيل تصريحاته لأن عدم تنفيذها يرسخ فقدان الثقه فى اى قرارات أو حتى توجيهات حتى ولو كانت صادقه صدق اليقين .
دلالة ذلك ان الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحه فى لقاء حضره بالقاعه الرئيسيه بديوان عام محافظة الغربيه فى حضور محافظنا السابق المحترم الدكتور طارق رحمى قبل مايزيد على عامين ، طرحت عليه كارثة مستشفى الصدر ببلدتى بسيون الذى تشرفت بالحصول على موافقة بإنشائه وزميلى النائب عبدالعزيز حتاته رحمه الله وذلك أثناء تشرفى بعضوية البرلمان ، والمغلق رغم إكتمال بنيانه ، وأجهزته الطبيه ، رافضا مقاطعة الوزير لى ومتمسكا بطرح رؤيتى كامله دون نقصان ، ظننت أن المستشفى سيتم تشغيلها فى الصباح الباكر عندما نظر الوزير لمعاونيه المرافقين له من الوزاره ، ومدير مديرية الصحه بالغربيه ، مستفسرا وردوا على إستفساراته ، لكن المستشفى للأسف الشديد لم يتم تشغيلها حتى الآن وحتى كتابة تلك السطور ، وأصبح كثر من الذين حضروا اللقاء خاصة الزملاء الصحفيين يقدمون لى التهنئه على إفتتاح المستشفى كلما إلتقينا وذلك على سبيل الدعابه أو التندر وهذا أمر عظيم الدلاله ، لذا يتعين علي وزير الصحه أن يتابع قراراته ، ويضبط تصريحاته ، ويحاسب من لايلتزم بتوجيهاته لتعميق الثقه ، بل ويطلق لجانه لضبط الإيقاع بالمستشفيات بجد ، ومحاسبة وكلاء الوزارة بالمحافظات بجد هؤلاء الذين أعطى لهم كل الصلاحيات ، ومنحهم الحق للتصرف دون حتى توجيه الإنتباه أو اللوم لهم على أى تقصير ، فبات بعضهم يتعامل مع الجميع بما فيهم المرضى بإستعلاء ، والضحيه المواطن المصرى الذى لايعنيه كل ماطرحت ، ولاماقال به الوزير ، حتى ولو كانت تصريحات إيجابيه ، إنما يعنيه أن يتلقى الخدمه بحق ، ويشعر أن المسئولين يحترمون الدستور والقانون فيمايتعلق بالحق فى علاجه بصدق ، فهل سنستطيع نحن كل فئات المجتمع ساسه ، ومثقفين ، ورجال أعمال ، وإعلاميين ، وصحفيين ، ونواب ، المنوط بهم خدمة أبناء الوطن ، ومعنا وزير الصحه ، والحكومه تحقيق هذا الإطمئنان الذى ينشده المواطن ، أم سنظل كما نحن محلك سر ، ونتسبب جميعا جميعا فى أن يفقد المواطن الثقه فى الجميع ، حتى فى أنفسهم ، فتكون النتيجه مزيدا من الإحباط ، مزيدا من التردى ، مزيدا من الإنهزام النفسى الذى يكون نتيجته ضعف وإضمحلال وتلاشى كل ثوابت المجتمع وهذا مالانتمناه على الإطلاق لاللوطن ولا للمواطن .