كلما إقتربت الإنتخابات البرلمانيه كلما تعاظم الهزل ، وتزايد الإنبطاح ، وأدركنا الإبداع فى النفاق لمن بيده أمر النواب ، بل إنتابنى حاله من الذهول من هذا التضارب الذى بات عليه اليسار فى مصر ومعهم بالقطع المنتمين لفكرهم من الفصائل الأخرى ، مرجع ذلك موافقة المنتمين لفكرهم من أعضاء البرلمان على تعديل قانوني مجلس النواب ، وتقسيم الدوائر الإنتخابية لمجلس النواب ، وذلك اثناء عرضه على اللجنه التشريعيه ، لكن المنتمين لنفس اليسار أيضا أى نفس الفكر إنطلاقا من الحركة الوطنيه أعلنوا رفضهم لمشروعى القانونين ، وهذا يعكس حاله من التخبط غير مسبوقه فى التاريخ السياسى المصرى ، ويذكرنا بالشيزوفرينيا التى إنتابت أصحاب التوجه الفكرى بالبرلمان وكذلك فى السياسه ، دينى كان أو عقائدى ، الأمر الذى معه ثبت يقينا أن القائمين على أمر الأجهزه الأمنيه بكافة تخصصاتها أكثر فهم ، ورؤيه ، وإدراك لمجريات الأمور ، بل وأنبل من الذين صدعوا أدمغتنا ذات يوم بالشعارات الطنانه الرنانه حتى ظننا إنطلاقا منها أنهم أبطال مغاوير ، وثوار احرار مناضلين ، وإذا بنا نكتشف أنهم فى واقع الحال تجسيد للوهم ، والخداع ، والتضليل ، لذا أصبح من الطبيعى أن نقول كان الله فى عون الشباب المنخدع ، والبسطاء من الناس المغيبين فى مرحله من المراحل عندما يدركون تلك الحقيقه المريره .
بعيدا عن مزايدات كل أصحاب الأفكار المتناقضه خاصة هؤلاء الذين ينتمون لليسار وتفريعاته ، والفكر الدينى بتناقضاته ، من حقنا أن نحلم بوطن يعظم المنتمين إليه الضمير الوطنى ، خاصة بعد الذين أدركنا مزايداتهم كلما منحوا سلطه ، أو سمح لهم بأن يكون لديهم رؤيه ، أدركنا كمواطنين نفخر بالإنتماء لهذا الوطن الغالى أن الحريه ليست منحه ، أو هبه ، بل هى حق أصيل جعله الله تعالى رب العالمين سبحانه من ثوابت الحياه الإنسانيه ، تلك الحريه التى تجعل الأحرار من بنى البشر ينشدون أعذب وأرق الألحان ، ويستنشقون هواءا نقيا صافيا خاليا من أى تلوث مادى ، أو معنوى ، أو لفظى ، يقول فيه الناس كل الناس مايقتنعون به ، دون خوف ، أو توتر ، أو إرتياب ، أو عقاب ، يصدع من خلالها الشرفاء بكلمة الحق ، ويكون لهم رأى يطرحونه ، عبر آليات محترمه ومقدره تعظم من قدر أبناء الوطن فى أعين الآخرين ، وترسخ فى يقين الشباب أن المستقبل مشرق بوجود الأحرار ، لاسطوة فيه من أحد على أبسط الناس ولاجبروت ، ولا إنتقام .
بعيدا عن سدنة الأفكار الإنبعاجيه المنتمين للفكر الدينى أو اليسار بكل طوائفه وفصائله ، من حقنا أن نحلم بوطن يختفى منه للأبد النخبه الفاسده سلوكا ، ومعتنقا ، وأداء ، والساسه الذين رسخوا للإنبطاح سبيلا لإستمرار الممارسه السياسيه ، والمناضلين الحنجوريين يساريين كانوا أو ناصريين ، أو سلفيين ، أو إخوانيين ، أوعلمانيين ، أوحتى ليبراليين ، الذين خدعونا سياسيا ومجتمعيا طوال سنين عمرنا إلى الدرجه التى كنت أظنهم فيها مثلا أعلى ، وأنقياء قبل أن ندرك إبداعهم فى التعريض حتى تفوقوا على المبدعين أنفسهم فى هذا المجال ، والذين لاموقف لهم ولاشأن ولاإعتبار .
من حقنا أن نحلم بوطن بلا فقر تترجم فيه معالم الطريق السليم لمجتمع محترم ، تلك المعالم التى حددها الإمام محمد الغزالى فى كتابه القيم ” الإسلام المفترى عليه ” واقعا عمليا فى حياة الناس والتى تقوم على أن كل دعوه تحبب الفقر إلى الناس أو ترضيهم بالدون من المعيشه ، أو تقنعهم بالهون فى الحياه ، أو تصبرهم على قبول البخس والرضا بالدنيه ، فهى دعوه فاجره يرادبها التمكين للظلم الإجتماعى ، وإرهاق الجماهير الكادحه فى خدمة فرد أو أفراد ، وهى قبل ذلك كله كذب على الإسلام وإفتراء على الله تعالى ، من حقنا أن نحلم بوطن يختفى منه كل المنافقين ، ويبتعدون من مجريات حياتنا خاصة السياسه والنقابات والإعلام ، ويتلاشى من بين جنباته حملة المباخر بالأحزاب ، ويرتدع المطبلتيه بالصحافه الذين أفسدوا القناعات السويه عند الناس ، وساهموا فى قتل الحلم ، وقهر الإراده ، وإهدار الكرامه ، وإستعباد كيان الخلق ، وإشاعة الفزع والهلع بين بنى البشر ، ويتوارى خجلا للوراء أصحاب مدرسة كله تمام اللعينه ، ويتصدر المشهد الذين يشعرون بآلام الناس ، ويتعايشون مع همومهم ، ويدركون أنهم خداما لهذا الشعب ، وليسوا أسيادا عليه ، ليقينهم أنه لاعبيد بين الأحرار .
من حقنا أن نحلم بوطن بلا نفاق ، ولارياء ، ولاكذب ، ولاغش ، ولاتدليس ، ولاخداع ، ولاطبل ، ولازمر ، ولادسائس ، ولامكائد ، ولاإفتراءات ، ولاإدعاءات .. وطن ينصف فيه المظلوم ، من حقنا أن نحلم بوطن ينشد كل من فيه الإحترام سبيلا فى التعامل ، والأخلاق مرتكزا فى التصورات ، والأدب نبراسا فى التواصل ، والسمو فى الحوار والنقاش ، ويودعون بغير رجعه قلة الأدب ، والسفاله ، والإنحطاط ، ويبتعدون عن السفه فى النقاش والحوار بعد أن وصم المجتمع بالتدنى وسوء الأخلاق . لاأعتقد أن تحقيق الحلم مستحيل بل إنه يمثل أسمى درجات الحقيقه ، وأقل الأمانى الإنسانيه ، ونستطيع تحقيقه طالما توفرت الإراده ، وأدرك الجميع أنهم شركاء فى وطن من حقهم أن يشاركوا به فى البناء ، ويعيشوا فى أمان ، وإطمئنان ، وسعاده ، وأعتقد أن مصر حبلى بالقاده والساسه العظام القادرين بإذن الله تعالى على تحقيق الحلم .