الحقوق لا توهب ولا تستجدى وإنما تنتزع إنتزاعاً .. حقيقه فطريه ومنطقيه رسختها الأيام ، وأثبتتها الوقائع ، وأدركها أصحاب التجارب ، شريطة أن يكون منطلقها الحجه والبيان ، والثبات والإقناع ، لذا لا ينبغي أن يجادل فيها أحد ، ويمعن فى الفزلكه ، ويسارع فى تقديم التنازلات ، وتلقى الأوامر إمعانا فى الإنبطاح ، ويتعامل مع التعليمات منكس الرأس خانعا ذليلا ، يزيد على ذلك التمسك بالإحترام منهجا ، والإصرار على الحوار الهادف مسلكا وطريقا ، وإقامة الحجه حتى على من ينظر إلى الأمور نظرة إستعلاء إستغلالا لسلطه هى زائله لامحاله ، ويبقى الصدق منطلقا فى الحياه .
نعــم .. أعى ماكتبته فى مقالى بالأمس من أن الحكومه وجهت لطمة قويه للجماعه الصحفيه بتجاهل دعوة الصحفيين بالغربيه لتغطية جولة رئيس الوزراء فى طنطا الخميس الماضى ، رغم ماتحمله الجماعه الصحفيه من تقدير وإحترام لشخص رئيس الوزراء وحكومته ، حيث أن تلك الدعوه هى حق للصحفيين وليس تفضلا أو إستجداءا ، وذلك إنطلاقا من القانون الذى يتعين أن يحترمه الجميع فى القلب منهم الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء نفسه والأجهزه المعاونه له ، الذين إن لم يكونوا يدركون ذلك نكون أمام مصيبه كبرى تتعلق بالجهل بالقانون ، أو تعمد عدم تطبيقه ، حيث تضمنت المادة 1 من القانون رقم 180 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تعريف الصحفى بأنه كل عضو مقيد بجداول نقابة الصحفيين ، وهذا مالم تعمل به الأجهزه المعنيه بالنسبه لتغطية جولة رئيس الوزراء الخميس الماضى بطنطا ، وكذلك خالفت المادة 12 من القانون التى أعطت للصحفي أو الإعلامي الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والإجتماعات العامة ، كما سبق ذلك مخالفة أجهزة الحكومه بالغربيه للمادة 9 من القانون والتى تعطى للصحفي أو الإعلامي حق نشر المعلومات والبيانات والأخبار التي لا يحظر القانون إفشاءها ، وكذلك مخالفة المادة 10 من القانون والتى تحظر فرض أي قيود تعوق توفير المعلومات أو إتاحتها ، أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف المطبوعة ، والإلكترونية ، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، أو حقها في الحصول على المعلومات ، وذلك كله دون الإخلال بمقتضيات الأمن القومي والدفاع عن الوطن .
يقينا .. الحكومه تجهل المادة 2 من القانون رقم 180 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والتى تضمنت أن الدوله تكفل حرية الصحافة ، والإعلام ، والطباعة ، والنشر الورقي ، والمسموع ، والمرئي ، والإلكتروني ، وهو مالم يتم فى التعامل مع الصحفيين فى جولة رئيس الوزراء بطنطا ، كما أن الحكومه وأجهزتها المعنيه لم ينتبهوا إلى مامنحه القانون للصحفى لحمايته من تغول السلطه حيث نصت المادة 29 من القانون على أنه لا يجوز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية ، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف ، أو بالتمييز بين المواطنين ، أو بالطعن في أعراض الأفراد ، ونصت المادة 30 على أنه لا يجوز أن يتخذ من الوثائق ، والمعلومات ، والبيانات ، والأوراق التي يحوزها الصحفي ، أو الإعلامي ، دليل إتهام ضده في أي تحقيق جنائي ، ما لم تكن في حيازتها ، أو طريقة الحصول عليها جريمة ، كما تضمنت المادة 16 بأنه لا يجوز فصل الصحفي ، أو الإعلامي من عمله إلا بعد التحقيق معه ، وإخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل ، وإنقضاء ستين يوما من تاريخ هذا الإخطار ، تقوم خلالها النقابة بالتوفيق بينه وبين جهة عمله .
إنطلاقا من ذلك كله يتعين على كل من يعنيهم الأمر خاصة الأجهزه المعنيه ، والمتابعين لهذه الأزمه ، أن يدركوا جيدا أن تمسك الزملاء الصحفيين بدعوتهم لتغطية جولة رئيس الوزراء بطنطا ، ورفضهم ماحدث ينطلق من أن ذلك حق أصيل لهم ، وليس تفضلا من أجهزة الحكومه ، ولعلها فرصة أن يحدث الزملاء الصحفيين مراجعات لآدائهم إنطلاقا من السماح لنشطاء الفيس بوك من تغطية الجوله سواءا بدعوه ، أو من خلال غض الطرف عن وجودهم ، وأن يحدثوا مكاشفه لأمورهم ، ويبحثون عن السبب الذى جعلهم محل تجاهل إلى هذه الدرجه ، هل لضعف ، هل لتراجع فى الأداء ، هل لإمعان فى مديح المسئولين ، هل لعدم القدرة على المواجهة ، أتصور أن جميعهم سببا ، لذا يجب أن تتحرر الأقلام من الخنوع ، وتنطلق ، ليس من زاوية التجاوزات أو التطاولات فهذا نهج مرفوض تماما ، إنما من زاوية مسئولية القلم الذى يعظم أهمية التعبير بصدق عن هموم الناس ، وتناول القضايا بقوه ، ووقف موجة المديح للمسئولين عمال على بطال ، على أن يكون منطلق كل ذلك ليس إدعاءات أو تطاولات إنما مستندات ومواجهات حقيقيه تبتغى الصالح العام ومواجهة الفساد .
خلاصة القول .. الصحفيين لايستجدون مسئولا كائنا من كان لكى يمارسوا مهام عملهم الذى حدد معالمه القانون ، بل إن تغطية زيارة رئيس الوزراء لطنطا ، أو متابعة أعمال أعضاء الحكومه والمحافظين والمسئولين ، وكذلك وكلاء الوزاره هو من الواجبات المحتمه التى نص عليها القانون ، إستجلاءا للحقيقه التى لاأعتقد أن مسئولا واحدا يطمس معالمها ، وحق القارىء فى المعرفه ، وحق المواطن فى إدراك الحقائق ، لذا يتعين أن يعى كل أصحاب القرار بحكم الثوابت المتمثله فى أن الصحفى هو جزءا من التاريخ ، لأنه وبحكم طبيعة عمله راصدا ومعايشا للأحداث ، لذا فإن منعه خطيئة تاريخيه وخلل طال الأداء لدى من منعه .