مخطىء من يظن ، أو يعتقد ، أو يتوهم ، أن الصحافه على طرفى نقيض من الدوله ، أو أنها على عداء معها ، إنما هى كيان داعم للدوله حتى ولو كان عبر توجيه النقد ، أو رصد الخلل ، أو الإختلاف فى الرؤيه ، وذلك إنطلاقا من تصويب الخلل ، والتنبيه للإخفاقات ، لذا يتعين أن يفهم من لايفهم ، ويعى من فقد القدره على الحكمه ، أن تهميش الصحافه أو إقصائها توجه شخصى ينطلق منه مسئول ، ظنا منه أنه بذلك يحسن صورة الحكومه فيزيد دائرة الإحتقان منها ، فيكون كالدبه التى قتلت صاحبها عندما أرادت أن تزيح الذبابه من على وجهه فألقت على الذبابة حجر ضخم فقتلته .
لايمكن بأى حال من الأحوال أن يكون توجه دوله ، متمثله فى الحكومه تهميش الصحافه وإقصائها ظنا منها أنها تفعل فى حقها أمرا خاطئا ، أو تأتى بشىء مستهجن ، أو أداه لكشف عوراتها لذا يجب حصارها ، لأنه لو كان ذلك كذلك نكون أمام منعطف خطير ، ومصيبه سوداء حلت على مجريات الحياه ، لأن الناس سيفتقدون الحصول على المعلومه الصحيحه ، الأمر الذى معه ستتنامى الأضاليل ، وستتعاظم الأكاذيب ، وسنجد أنفسنا جميعا فى هوه سحيقه فى القلب من الجميع الحكومه .
إنطلاقا من ذلك فإن من منع الصحفيين بالأمس من التغطية الصحفيه لزيارة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء لطنطا لايدرك أن الحكومه ومن يأتى بعدها راحلون والصحافه هى الباقيه يضاف إلى ذلك أن مافعله أمر غريب وعجيب ومستهجن ، لأنه لايتناسب مع الجمهوريه الجديده التى ننشدها ، اللهم إلا إذا كان هذا هو نهجها مع الصحافه ، ونحن لاندرى ، وبذلك نكون أمام مصيبه كبرى نغفلها ، خاصة وأن من فعل ذلك لايدرك أنه لايتفضل على الزملاء الصحفيين بالسماح لهم بتلك التغطيه لأنها من الثوابت التى لاخلاف عليها ، ومافعله هو المستهجن بحق ، الذى يتطلب من الجماعه الصحفيه وقفه حقيقيه تتعدى بيان الشجب والإستنكار وإلا أصبحت الصحافه ” ملطشه ” وبات هذا السلوك المستهجن أمرا طبيعيا معتادا لايأتى به إلا الضعفاء ، ولنا فيما سبق إنطلاقا من هذا النهج دروس مستفاده سبق أن عايشناه عندما تم منع قدامى المحررين البرلمانيين من دخول البرلمان بعد أن ضاق بنقدهم الضعفاء الذين بدت عوراتهم ، فإزداد البرلمان ضعفا ، لإستشعار من فيه أن ٱدائهم غير مرصود ، وبالتالى لم يعد هناك مايستحق نشره فتم تشييع البرلمان إعلاميا إلى مثواه الأخير .
يحق لرئيس الوزراء أن يمنع الصحفيين من متابعته فى حاله واحده ، إذا كانت الزيارة شخصيه تتعلق بزيارة أحد أفراد أسرته ، أو أن هناك أمرا مريبا لايحب رئيس الوزراء أن يطلع عليه الشعب من خلال الصحافه والإعلام ، أهمس بذلك للحواريين الذين فعلوا ذلك دون إدراك منهم أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء رجل محترم ، ويعى جيدا دور الصحافه فى المجتمع ، واليقين بأن منع الصحافه عن أى تغطيه صحفيه للمسئولين فى القلب منهم رئيس الوزراء مؤشر خطر لأنه يعمل على تقزيم الدوله ، وفرض السريه على اعمالها ، وهذا أمر لا يتناسب مع هذا التطور التكنولوجى الذى يشهده العالم .
لم يعجبنى نهج الشجب والإستنكار الذى أدركته فى تعاطى بعض الزملاء الصحفيين مع الأزمه من خلال خبر تم نشره على إستحياء ، وعدم إصدار بيان قوى ومحترم يحمل المؤسسيه يوضح من خلاله كارثية هذا التوجه ، ويعلم من يجهلون دور الصحافه ، وليس ترك الأمر لكل زميل يطرح الأزمه من وجهة نظره ، الأمر الذى معه تواصلت مع الصديق العزيز والزميل الفاضل خالد البلشى نقيب الصحفيين ، كأحد المنتمين لجيل الرواد بنقابة الصحفيين ، وأحد أبناء محافظة الغربيه . سعدت لردة فعل نقيب الصحفيين المحترم خالد البلشى الرافضه لما حدث ، والتأكيد على بحث هذا الأمر بجديه حتى لايتكرر ويكون منطلق تعامل المسئولين مع الزملاء الصحفيين خاصة فى المحافظه ، متمنيا أن لو كان تم عرض تلك الأزمه عليه قبل الزياره لكان قد تم حلها ، وإتفقنا سويا على أن تغطية الزيارة ليست عبر تفضل من المسئولين بمجلس الوزراء ، أو المعنيين بالأمر بمحافظة الغربيه ، إنما ذلك مقرر بحكم الدستور والقانون ومقتضيات مهنة الصحافه .
على أية حال من حسنات تلك الزيارة التى فرض عليها حصارا غريبا إلى الدرجه التى منع من متابعتها الصحفيين ماطال الشوارع التى مر بها الموكب الفخيم لرئيس الوزراء ، من تحديث وتطوير ، وتلك النقله الحضاريه الرائعه حول المنشآت التى قام بزيارتها حتى أن السكان المحيطين سعداء للغايه ، ومبسوطين من إزالة تراكمات الزباله ، وإزاحة ساحة إنتظار السيارات الكارثيه المفروضه على سور مستشفى طنطا العام ، داعين الله تعالى ألا تعود اليوم اكثر بشاعه ، وكذلك تلك الفخفخينا ، والرفاهية التى أدركوها فى الزياره ، والفاهم منهم يقول طالما تقدروا تدبروا الملايين بتلك السرعه لإحداث تطوير ماالمانع أن يطال الأماكن المتاخمه التى لم يزورها رئيس الوزراء ، دحضا لمن يزعمون أننا فقراء مساكين ، وأن الشعب يعانى من ضيق ذات اليد وإرتفاع الأسعار والمعيشه الصعبه ، وهذا البذخ الذى أدركناه فى عملية الترتيبات إستقبالا لرئيس الوزراء ومعه وزيرا الصحه والتنميه المحليه وطبعا محافظ الغربيه . عبرت عما رصدته فى الشارع لكننى لم أستطع التعبير عما تم إفتتاحه لأننى لم أكن موجودا فى رحابهم .