ستبقى مصر العظيمه دائما وأبدا بإذن الله واحة للأمن والأمان ، ونبضا للأحرار ، وملاذا للشرفاء ومنبعا للوطنيه ، والبذل والعطاء ، ونبراسا لكل الأمم وكافة الشعوب ، وحتى نحافظ على ذلك لابد وأن يكون حديثنا حديث الصراحه ، والوضوح ، والشفافيه بعيدا عن الطبل ، والزمر ، والنفاق ، والمزايدات الرخيصه ، والإستقطاب المحموم ، والتهميش الذى لايمارسه إلا الصغار ، وضعاف النفوس الذين لايستطيعون خوض غمار المنافسة الحقيقيه لنيل ثقة الشعب ، وتجميع الشارع المصرى ، كما أننى لاأعتقد أنه يوجد مواطن مصرى شريف مهما كانت قناعاته ، وأفكاره ، وتصوراته يضمر الشر بالوطن ، والمواطن ، اللهم إلا ضعاف النفوس ، مسلوبى الإراده ، فالخير فى نسيج الناس ، وإن كان لكل منهم نمط حياه ، وأسلوب معيشه .
إنطلاقا من ذلك كشف المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والتواصل السياسي وجود ثلاث سيناريوهات للإنتخابات البرلمانيه القادمه ، تتمثل فى الإبقاء على النظام الحالي (50% فردي – 50% قائمة مغلقة) ، أوالتحول إلى نظام القائمة النسبية الكاملة ، أو الجمع بين النظام الفردي ، والقائمة المغلقة والقائمة النسبية ، وتعقيبا على ذلك طرح الخبراء محاذير كثيره أتفق معهم جميعا بشأنها ، أبرزها أن القائمة النسبية قد تؤدي إلى تفكيك الأحزاب السياسية ، وأنها تحتاج إلى بيئة حزبية قوية ومستقرة ، وهو ما يتطلب جهودًا كبيرة لتطوير الحياة الحزبية ، وآخرين طالبوا بضرورة ضمان تمثيل عادل لجميع الفئات والمكونات السياسية ، وأن “التمييز الإيجابي” لبعض الفئات ، مثل المرأة والشباب وذوي الإعاقة ، يجب أن يكون مؤقتًا ، مع قياس مدى تحقيقه للأهداف المرجوة بمرور الوقت ، وأن التعددية الحزبية التي ينص عليها الدستور تتعارض مع النظام الفردي ، مما يثير تساؤلات حول مدى مواءمة النظام الحالي للواقع السياسي في مصر مما يستوجب دراسة متأنية لإختيار النموذج الأكثر توافقًا مع المشهد السياسي .
بوضوح شديد مانراه الآن من إستقطاب سياسى ، لإصطفاف إنتخابى مختلف تماما عن كل مايتم التصريح به والترويج له ، خاصة بعد أن اصبح كل هم قادة الأحزاب ضمان وجودهم بالبرلمان ، ومن دونهم كمبارس لتصدير صورة ديمقراطيه حتى لو وهميه ، الأمر الذى معه أرصد إبتعادا للقامات عن المشهد الإنتخابي وقناعتهم بأن يكونوا من المتفرجين حفاظا على تاريخهم السياسى والبرلمانى ، ليقينهم أن المرحلة ليست بحاجة لمزيد من فقدان القيمه ، فيما إعتبره آخرين بأنه عبث بمستقبل هذا الوطن سيدفع ثمنه غاليا كل الأجيال القادمه ، بل وإضرارا حتما عواقبه وخيمه ، ولعل أبسط معالمه أن تصبح عضوية البرلمان مرهونه بإرادة رؤساء الأحزاب السياسيه الذين جميعهم بلا إستثناء لاوجود لهم من الأساس فى الشارع ، وعبر دفع الملايين تحت ستار التبرعات ، وليس بإرادة الجماهير ، ورغبة الشعب ، بل إن النائب القادم سيكون نائبا بالبرلمان مفتقدا شرف أن يكون نائبا عن الأمه ، وفى القلب منها شعب مصر العظيم .
أرصد مطالبات تطالب بإصطفاف الأحزاب السياسيه على كافة توجهاتها وقناعاتها فى خندق واحد لتشكيل قائمة موحده ، وهذا إعتراف بضعف الأحزاب وتلاشيها من الوجود وتلك حقيقه يقرها قادة الأحزاب أنفسهم ، الأمر الذى يجعل كل المصريين يدركون خطورة هذا التوجه على هذا الوطن وحياة الناس لأنه بمثابة إنقلاب صريح على إرادة الشعب وقناعات الجميع ، كما أن هذا التوجه يعد بمثابة كارثة حقيقيه ستحل بالحياه السياسيه ، والحزبيه ، بل هى دعوة حق يراد بها باطل ، وعدم إدراك أننا الآن وقبل أى وقت مضى ، وزمنا رحل نحتاج وبلا مزايدات إلى برلمان قوى ، وأحزاب بجد ، يدرك كل المنتمين لها أهمية تعميق الوطنيه فى الوجدان بصدق ، وبصوره عمليه وتخطيط سليم ، وليس بالطبل والزمر والهتاف ، وذلك لمواجهة مايهدد وطننا الغالى من مخاطر خاصه على حدودنا مع العدو الصهيونى الذى يسعى للنيل من سيادتنا بتهجير إخواننا الفلسطينيين إلى غزه .
رغم تلاشى الأحزاب من واقعنا ، وضعفها الغير مسبوق ، إلا أن المخلصين يعتبروا الإنتخابات القادمه فرصة لإعادتها للحياه ، من خلال منافسه حقيقيه مشروعه ومقرره ، وطبقا للقانون والدستور ، وبعيدا عن الإستقطاب المحموم وتدخل الأجهزه ، وممارسة الضغوطات ، واليقين بنزاهتها ، دون ذلك ستنعدم المنافسه الإنتخابيه ، والسياسيه ، والحزبيه ، ولعل من أبرز نتائجها أن البرلمان القادم سيكون باهتا بلا قيمه ، لأن عضوية البرلمان لم تمنح من الشعب صاحب الحق الأصيل فى هذا المنح ، وإنما ستخضع عملية المنح لحسابات وتوازنات رؤساء الأحزاب وحوارييهم وهواهم ، ونجد كما حدث فى آخر تشكيل للبرلمان أن يحجز بكل بجاحه رئيس الحزب مقعدا له بالشيوخ ، وإبنته مقعدا لها بالنواب ، وغيره مقعدا له بالشيوخ ، ومقعدا بالنواب لإبنه الشاب الكيوت ، المأساه أن من فعل ذلك رؤساء أحزاب سميت وصنفت على أنها أحزاب معارضه ، لذا لم يكن هناك ملامه على أحزاب السلطه عندما وزعت المقاعد على من تشاء من البهوات والأسياد ، ومن خرج من الخدمه كمكافأة نهاية الخدمه لينال جانبا من الوجاهة الإجتماعيه والكثير من المال ، وأدركنا أنه لايوجد ممثل حقيقى للشعب بالبرلمان خرج من رحمه وجزءا من كيانه بحق ، ويعيش بينه بصدق ، ويتعايش همومه عن قرب ، لذا تدافع الجميع لسلق القوانين ، ووجدنا كثر من نواب أبوالهول ، وكان من نتيجة ذلك تلك السلبيه التى تملكت الجميع هؤلاء الذين وجدوا انفسهم بلا قيمه وهملا فى هذه الحياه ، عمق ذلك أن النائب من الطبيعى ألا يلتفت لهم ، بل أخذ يبذل قصارى جهده لإرضاء أصحاب الفضل عليه من رؤساء الأحزاب ومن على شاكلتهم فى أن يكون نائبا بالبرلمان .
أتصور لله ثم للتاريخ ، وكلمة حق أسجلها حبا لهذا الوطن الغالى وعشقا لكيانه ، وليتذكرها الأجيال القادمه بعد أن أصبحت أنتمى إلى جيل جميعهم فى خريف العمر نستعد للقاء رب كريم ، أن هذا التوجه هو لاشك إمتدادا لحالة اللاوعى التى يعيشها المجتمع ، خاصة وأنه سيرسخ حتما لإستمرار نهج الأحاديه فى أبشع صورها ، والتى قد تقضى على العمل السياسى ، والحياه الحزبيه التى ستظل ترضخ فى التردى والإنهيار ، ولن يقتنع بها أى أحد حتى البسطاء من الناس ، بل إنها ستؤثر سلبا فى نفوس أبرز كياناتها ، خاصة وأنها إنقلابا على الديمقراطية ، والثوابت المجتمعيه ، وحرية الرأى ، والتعبير تلك التى كثيرا ماكان يتمناها كل الشعب ، وكذلك إحترام إرادة المواطن ، وحريته فى إختيار ممثليه عبر المنافسه الشريفه والأطروحات التى تهدف صالح المجتمع .