يقينا .. أحسن الرئيس بتناوله قضيه الإنحدار الإعلامى ، والتنبيه للظواهر السلبية فى الأعمال الفنية ، لأنه أزاح بحديثه الغبار عن هذا الملف المسكوت عنه مطالبًا بأن تكون الدراما أكثر مسئولية ، وأن تعكس القيم الحقيقية للمجتمع ، وذلك تأثرا بما يقدمه صناع المسلسلات من مشاهد عنف ، وبلطجة ، وعري ، وخروج عن قيم وعادات المصريين ، وصفها الرئيس بـ”الغث” و”الهزل”، مطالبا بتقديم أعمال إيجابية ، وضرورة تنشئة الأجيال على القيم والأخلاق المصرية الأصيلة ، لاشك أن تنبيه الرئيس يؤكد أننا نفتقد الحكمه ، ويغيب عنا الرؤيه ، ولاننتبه لأهمية الطرح المحترم ، وبات يتحكم فينا الأهواء ، ويسيطر علينا الأنا والإنتصار للنفس ، حتى ولو كان على حساب الحقيقه ، ويغيب عنا أيضا أن الكاتب يجب أن يكون منطلق مايكتب قناعه يقينيه بمضامين مايطرح ، حتى يكون مقنعا للقارىء الذى يبحث عن الحقيقه ، وينشد الحق ، ويتمسك بالصدق ، وكذلك الإعلام برامج ومحتوى ، إن لم يكن فيهم مصداقيه ، وقناعه بما يتم طرحه يكون المردود كارثى على المجتمع لأن مثل تلك البرامج لاشك تشكل وجدان الناس ، وتوجه الرأى العام .
إنطلاقا من ذلك لم أقل فيما مضى بشأن محتوى برامج رمضان الكريم إلا ماقال به الرئيس لاحقا ، رافضا وبشده أن يتم عبر برامجه تصدير صورة للشباب الباحث عن الحقيقه ، والناس الطيبين ، تسيىء لواقعنا وواقع وطننا العريق الغالى مؤداها ، أن الوصول للمال يكون من الطبيعى عبر تجارة السلاح ، والٱثار ، والمخدرات ، وتصوير من يرتكب تلك الجرائم بأنهم علية القوم ، ورموز المجتمع ، وفى سبيل هذا الهدف السيىء والمستهجن يحصل على الملايين كل القائمين على أمر تلك البرامج فى القلب منهم الممثلين أجرا على تجسيدهم لتلك الأدوار الهدامه ، بغية التعاطف معهم ، والسير على خطاهم ، رغم أنهم يهدمون المجتمع ، ويعبثون بمقدرات الوطن ، وثوابت الأمه ، بالإضافه إلى تعظيم البلطجه ، وتصدير الفساد عبر الخلاعه والمجون ، فى الوقت الذى تاه فيه الشباب حتى من أنفسهم وهم يبحثون عن فرصة عمل ، حتى ولو كان العائد منها جنيهات معدوده ، ومعهم أرباب المعاشات الذين يناجون الله تعالى وأسرهم صباح مساء ، وكل الوقت أن ينعم عليهم بالستر ، وأن يرقق قلب الحكومه عليهم ، وتنتبه لواقعهم المأساوى الذى لم يشهده من هم على المعاش مثلهم فى أى دوله فى العالم ، حتى بأحراش أفريقيا ، وبلاد الواقع واق ، فنعتنى زميل صحفى بالمزايده ، والطرح الذى ينشد مصفقين ، وأن برامج رمضان من أحسن ماتم تدشينه مقارنة بأعوام سابقه ، ٱثرت الصمت وعدم الرد تقديرا لحقه فى طرح رؤيته التى تختلف مع رؤيتى رغم ماشابها من تجاوز فى الألفاظ ، متمنيا أن يكون منطلق خلافه إطار من الموضوعية والاحترام والحجه والبيان ، لكننى ضربت كفا بكف لأننى فوجئت بالزميل الصحفى نفسه وبذات شخصه يشيد بما طرحه الرئيس بشأن البرامج ، والذى سبق وأن كان طرحى فى هذا السياق الذى إنتقدنى بشده عليه ، ولم يكن مقنعا لشخصه الكريم ، وأكد على حكمة الرئيس ، وعظمة الرئيس عندما شجع أحد البرامج ، وبقدر سعادتى بما طرحه بقدر حزنى أنه جاء مخالفا لما طرحه فى السابق منقلبا على ماحاول تصديره لى وللقارىء أنها قناعاته .
ندوة هامة عن أهمية دور الإعلام في الإرتقاء بالمجتمع وتعزيز الهوية الوطنية ، وتقديم محتوى إعلامي يعكس القيم المجتمعية الإيجابية ويسهم في تشكيل وعي مستنير ، تزامنت مع حديث الرئيس ، ولاأعتقد أن المتحدثين فيها كانوا قد إنتبهوا لحديث الرئيس بعد ، ضمت الندوه كبار النقاد كما نشرت اليوم السابع ، وأخذوا يحللون دراما رمضان 2025 مع علا الشافعى رئيس التحرير، حيث إنتقدت سارة نعمة الله عضو لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام بعض المسلسلات ، ووصفتها بأنها قدمت بشكل غير موجود بالواقع الشعبى ، أما ماجده خير الله فأكدت على أن الدراما هذا العام مميزه جدا ، وأننا شاهدنا تألق وجوه جديده ، لكنها لم تحدد لنا وجه التميز جدا الذى تقصده ، وهل هذا التميز أدركته قبل حديث الرئيس أم بعده ، أما عصام زكريا فأكد أن هناك تطور ملموس فى الدراما عن السنوات الماضيه ، لكننى لم أفهم هل يقصد فعلا بكلماته وجود تطور أم أن طرحه ينطلق من سخريه .
لعل من أهم إيجابيات حديث الرئيس عن تلك القضيه الخطيره إعلان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي تشكيل مجموعة عمل متخصصة تضم كل الجهات المعنية ، لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للإعلام والدراما المصرية ، وضرورة الإنتباه إلى أننا نحتاج إلى أعمال فنية تتعامل مع قضايا الطبقات الاجتماعية ، والحقوق الإنسانية ، والتنمية المستدامة ، ونحتاج إلى أعمال تعمق الإنتماء وتستفيد من القوة الناعمة التى تمتلكها مصر فى مجال الفن والإعلام ، كما إنتفضت النقابات والأحزاب ، تلبية لدعوة الرئيس وشكل كل منهم لجان لتطوير المحتوى الدرامى ، الأمر الذى معه يكون من الطبيعى المطالبه بتسريح ، أو تغيير ، أو تبديل اللجان المنبثقه عن اللجان المنوط بها تلك المهمه من سنوات طوال ، ويجب أن نعرف ماذا قدموا ، وماحصيلة جهدهم ، ومحاسبتهم إذا إستلزم الأمر ذلك على ماأضاعوه من جهد ، وماأنفقوه من أموال لمهمه لم يكن لهم فيها دور ملموس ، أو نتائج فاعله ، بالتحديد الهـيئات ، والجهات ، المعنية بالدراما والمحتوى التليفزيوني ، والتى تضم أسماء فخيمه ويتقاضون الملايين ، ولم ينتبهوا ويستيقظوا من سباتهم إلا تلبية لتوجيهات الرئيس بمراجعة الدراما وضبط المحتوي ليناسب الذوق المصري والأخلاقي والديني والاجتماعى .
من جانبها إستجابت الشركة “المتحدة”، لدعوة الرئيس ، وقررت تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى ، تتولى وضع خطط وبرامج للإنتاج الدرامي والإعلامي ، إلى جانب متابعة ورصد الأعمال المنتَجة من الشركة ، وذلك إثر اجتماع لمسئولي الشركة طارق مخلوف ومحمد السعدي، مع الرئيس ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ، وفي بيان للشركة فإنها أكدت على أن تشكيل تلك اللجنة يهدف إلى “التوازن بين الإبداع والمسؤولية الاجتماعية ، وتطلعات الجمهور المصري من خلال تقديم أعمال تعكس القيم المجتمعية الإيجابية”.
خلاصة القول .. بعد تنبيهات الرئيس يجب أن يكون للأعمال الفنيه ، والمحتوى الإعلامى مردود إيجابى على الساحة الإعلامية والفنية ، بتسليط الضوء على تحديات قطاع الدراما فى ظل ما يراه البعض محاولة لتسويق أعمال فنية بعيدة عن الواقع ولا تتناسب مع القيم والمبادئ التى يتبناها المجتمع المصرى ، الآن أدركنا أن حديث الرئيس رسالة ودعوة ملحة لتوجيه دفة الإعلام وبوصلة الدراما المصرية نحو محتوى هادف يجسد قوة المجتمع المصرى فى مواجهة التحديات الاجتماعية ، والاقتصادية ، فهى تعكس حرص الرئيس على أن تكون الأعمال الفنية أداة من أدوات التغيير الاجتماعى التى تسهم فى توعية المجتمع ، بدلًا من أن تكون سببًا فى نشر مفاهيم مغلوطة تُساهم فى الانحراف عن القيم الثقافية والاجتماعية والدينية ، خاصة وأن الدراما المصرية على مدار عقود كانت أحد أهم عوامل التأثير فى الوعى الجمعى للأمة ، ومرآة تعكس تطلعات الشعب وهمومه ، من خلال معالجة قضايا المجتمع المصرى، وذاكرة الدراما المصرية مليئة بالكثير من الأعمال الجادة والمحترمة البعيدة كل البعد عن البلطجة والعرى، وما زالت خالدة فى وجداننا، منها أعمال شملت أجزاء عديدة ونجحت فى جذب المشاهدين فى الوطن العربى ونالت ثقتهم واحترامهم، وأجبرتهم على متابعتها لسنوات طويلة.