بات من الطبيعى هذه الأيام أن ينتابنى الذهول ، تأثرا بما أدركه وأرصده فى واقع الحياه ، إلى الدرجه التى معها ترسخ لدى اليقين أننى أصبحت فى زمن المسخ ، وأن الزمن الجميل الذى تعايشته لم يعد له وجود ، وأن الشهامه والمروءه باتت من الذكريات ، وأن الأداء الأمنى الذى دائما ماكنت أفخر به كلما وطأت قدماى أى دوله تبدلت أحواله ، حتى على مستوى الأشخاص وهذا طبيعى فقد رحل العظماء الذين إرتبطت بهم وجدانيا تأثرا بأصدقائى فيه فى القلب منهم معالى الوزير اللواء عبدالحليم موسى ، ومعالى الوزير اللواء جميل أبوالدهب رحمهما الله ، ومهنيا كصحفى متخصص فى الشئون الأمنيه فى فتره من فترات عطائى المهنى ، وشعبيا كنائبا بالبرلمان .
ليست تلك نظرة تشاؤميه إنما إنعكاس لما رصدته وأرصده من واقعنا الأليم ، لعل أبرزه بالأمس ظهرا حيث شاء القدر أن أتابع أثناء خروجى من مستشفى الطوارىء الجامعى بطنطا واقعه مؤسفه آلمتنى وأحزنت قلبى ، حيث إنتابنى الذهول من قدر الألفاظ البذيئه ، والشتائم الجنسيه التى وجهها أحد أفراد الأمن الخاص على بوابة المستشفى لثلاث سيدات إحداهن كبيره فى السن ، والذى لاأعرفه ، ولاأعرف حتى السيدات الثلاث ، وذلك لإصرارهن على الدخول لإحضار أدويه وكيس دم بناءا على إتصال تلقوه من المستشفى بشان مريضهم المحجوز بالمستشفى ، وصل الأمر بفرد الأمن أن أخذ يقفز من بين أيدى من يمنعونه عن السيدات من زملائه والجمهور بغية أن يطولهن ويطرحهن أرضا كما هدد ، لم تتحملن السيدات هذا القدر من السباب فأخذن يردون على فرد الأمن هذا السباب ، المأساه أنه عندما حاول أحد الموجودين المشاركه فى إثنائه عن هذا التطاول البذىء ، تطاول عليه ودفعه بقوه كاد معها أن يقع الرجل على ظهره ، رغم أنه مثلى لاعلاقه له بالطرفين ، وتحول الأمر لمبارزه بالألفاظ النابيه ، مما دفع بأفراد الأمن إلى الإمساك بالسيدات الثلاث مجاملة لزميلهم ، وإقتيادهن كالمجرمات إلى نقطة الشرطه بالمستشفى .
وجدت من الحكمه ألا أقترب إلا لدى مسئول أوضح له ماحدث إنصافا إنطلاقا من واجب التوضيح بغية الإحتواء ، لأن تصعيد ماحدث إساءه للجميع ، فتوجهت إلى أمين الشرطه بنقطة الشرطه الموجوده بالمستشفى وسألته عن الضابط رئيس النقطه فأكد بعدم إهتمام أنه غير موجود ، رغم أننى عرفته بنفسى ، وعندما تعالى صراخ السيدات إستشعارا بالخطر بعد أن أحاط بهن أمن البوابه التابعين لشركة أمن خاصه مجاملة لزميلهم البذىء ، وذلك تحت إشراف أمين الشرطه ومعاونيه بالنقطه ، وإذا برئيس النقطه الضابط برتبة رائد والذى لاأعرفه أيضا يفتح باب مكتبه مرتديا ” شبشب ” ، ووجدت على مكتبه مصحف وكأنه أغلق الباب على نفسه لقراءة القرآن !! ، وبسرعه أخذ يحكى له فرد أمن من البوابه حكاية مغايرة تماما إنطلاقا من أن السيدات قادمات من المدبح ، ومعهن السواطير ، والسكاكين ، وتبع المعلمه كيداهم ، فكون عقيده لديه بحقهن ، فعرفته بنفسى فنظر لى ممتعضا بمجرد أن أخبرته أن لدى قولا فيماحدث رأيته بنفسى ، فطلب أن أحكى وهو واقف على الباب وأنا أقف أمامه على الرصيف الموجود أمام الباب ، فأنكرت أن نتحدث على باب المكتب ، فدخل على مضض وكلمنى وهو واقف وأوضحت له على عجاله ماحدث ، إبراءا للذمه ، فماكان منه إلا أن أكد أنه سيحرر لجميعهم محضر ويعرضهم على النيابه والسلام ، فتعجبت مؤكدا أن هذا التصرف سيدفع للتصعيد لأنه سيضر بالسيدات اللائى لاأعرفهن ، فأشاح بيده ، فأكدت له أننى بذلك مضطر لعرض الأمر على السيد مدير الأمن اللواء أيمن عبدالحميد فإبتسم ساخرا وقال مكتبه قريبا من هنا .
خشية أن يتفاقم الأمر بحضور أزواج وأبناء السيدات الثلاثه ، ويعرفون ماحدث لهن ، ويكون لذلك تبعات خطيره ، تواصلت تليفونيا مع مكتب اللواء مدير أمن الغربيه لإحتواء الأمر فأكد من رد على تليفونى من مكتبه أنه ليس على مكتبه ، وهكذا فعل من قبل ، فإتصلت بحكمدار الغربيه اللواء ياسر عبدالحميد كذلك لم يرد ، فأدركت أن الرائد رئيس نقطة شرطة المستشفى يدرك ذلك لذا تحدث على أرض صلبه عندما أكدت له الإتصال بمدير الأمن ، وهنا تألمت كثيرا ، لرسوخ هذا الإنطباع لديه ، خاصة وأن الرد على التليفون أو التواصل مع السيد اللواء مدير الأمن ، والسيد اللواء الحكمدار أمر مقدر ومحترم ، وكلاهما محل تقدير وإحترام ، بل ومن أبرز مهام الأمن ، خاصة وأنهم يؤدون واجبهم الأمنى إنطلاقا من كونه رساله نبيله قبل أن يكون وظيفه عظيمة الشأن لأنها تحافظ على أرواح الناس وممتلكاتهم ، وهذا ماأكد عليه كثيرا اللواء محمود توفيق وزير الداخليه المشهود له بالكفاءة ، والأداء الأمنى الرفيع ، وكثيرا ماتحدث لى عن نهجه الأمنى المحترم صديقى الوزير المهندس محمد عبدالظاهر محافظ القليوبيه والإسكندريه السابق حيث جمعهما محافظة القليوبيه أثناء أن كان يتولى الوزير مسئولية أمنيه هامه بها .
قد تبدو تلك الواقعه فرديه ، لكنها عظيمة الدلاله ، لأنها نبهتنا إلى نهج فى تعامل القيادات الأمنيه يجب إعادة النظر فيه ، خاصة وأن هذا النهج على مايبدو طال كثر من القيادات الأمنيه بالمحافظه ، والقائم على التعايش مع الأحداث إنطلاقا من التقارير الأمنيه التى ترد إليهم بمكاتبهم أن كله تمام ، لذا لاداعى لأى تواصل مع القيادات الشعبيه أو الصحفيين ، أو حتى مواطنين لهم مظلمه ، الأمر الذى معه كان من الطبيعى أن تضيع الحقائق ، ويتفاقم الإنحدار السلوكى ، وتتنامى الجريمه ، وليس أدل على ذلك من أن تلك القيادات لو كانت قد تفاعلت مع ماطرحته والزملاء الصحفيين بشأن إنتشار المخدرات ، ومايسمى السابو ، ماأدركنا هذا الإنحراف الذى وصل مداه حين قتل مدمن طفلته بإحدى قرى بلدتى بسيون ، وكذلك فيما يتعلق بتركيبة أفراد الأمن الخاص الذين يجب على الفور ضبط سلوكهم ، وتقويم مسلكهم ، والتأكيد على ضرورة أن يتخلى كل منهم عن نهج البلطجه الذى قد يكون قد سلكه فى حياته العاديه ، وضرورة أن تنتبه شركة الأمن الخاصة التى تضم قامات أمنيه سابقه لنهج إختيار أفراد الأمن ، والحرص على منحهم دورات تدريبيه فى التعامل خاصة المنوط بهم ضبط الأمن بالمستشفيات ، والتأكيد على أنهم يؤدون واجبا يتقاضون عليه أجر وليسوا أسيادا على الناس لأن قادتهم رجال أمن سابقين ، وأن يتم تصحيح المفاهيم المغلوطه التى تمكنت منهم ، وجعلتهم يتعاملون من علياء مع الجميع حتى مع الأطباء ، تعامل لايليق على الإطلاق ، أتمنى أن تكون تلك الواقعه منطلقا لتغيير ماأدركته وأدركه الجميع .